ننشر القصة الكاملة لوفاة طبيب الإسماعيلية
الجمعة، 27 نوفمبر 2015 11:35 م
وقف برداؤه الأبيض الناصع، كالملاك يستقبل المرضى الباحثين عن العلاج الشافي لآلامهم، المسكن لأوجاعهم، يلقي نظرة هنا وأخرى هناك، ينقب بين الأرفف الزجاجية على جرعة من العلاج، لذلك الجسد المتهالك الذي ينخر المرض جسده، وتنتشر جنوده بين أحشاءه لتذيقه الألم ويلات وويلات.. ها هي العبوة المرجوة، يقدمها إلى ذلك القابع خلف مكتبه وعلامات اللهفة والرجاء تكسو ملامحه، بنظرات الشفقة والحسرة يمدها له داعيًا له بسرعة الشفاء وتمام العافية، وفي ليلة ظلماء، يأتيه أحد المرضى ليبحث عن علاج لم يتوافر لديه بصيدلية زوجته، سرعان ما ذهب بسيارة زوجته ليشتري بعضًا من عبوات الدواء للمريض، وعلى موعد مع القدر، ينقض عليه أحد ثعالب البشر مقتحمًا محراب عمله، معكرًا صفو يومه، متسائلًا عما هنا وما هناك، ما لبث أن مد مخالبه الغادرة إلى خلف وجهه ليدنس بذلك رداءه الأبيض، ويلوث بيديه نبل المهنة، وطيب المقصد.. يلقي القبض عليه ويأخذه إلى مقر قسم أول الإسماعيلية، وهناك يلاقيه بوابل من السباب والإهانة، التي لم يحتملها ذلك الوديع، ليشعر ببراثن الإهانة مغروسة بصدره، لتصيبه بأزمة قلبية حادة.
على الفور تم نقله إلى مستشفى جامعة قناة السويس، التي أكدت وفاته إكلينيكيًا عقب توقف عضلة القلب، ووقف ضخ الدم لأعضاء جسده المتهالك، لم يستجب جسده لمحاولات الإفاقة والتنفس الصناعي، إلا الصدمات الكهربائية، ومحلول الإدرينالين الذي حقن به، بينما توقفت الأعضاء عن القيام بعملها تمامًا، لتعلن المستشفى وفاته، وتكتب سهام الإهانة وفاة فارسًا جديدًا على يد المتغطرسين ومنعدمي الضمير من بعض ضباط الشرطة.
مدير أمن الإسماعيلية، اللواء علي العزازي، الذي سبق وصرح إن الطبيب الضحية سبق اتهامه وزوجته الصيدلانية، في قضية مخدرات وحُكم عليه بالحبس عام وتغريمهما 70 ألف جنيه، عاد من جديد ليعلن أنه لن يسمح بالتهاون في حق أي مواطن من المواطنين، وأنه يقف على ممسافة واحدة من الجميع، وأنه سيحاسب أي مخطئ والقانون سيأخذ مجراه والضابط سينال جزاءه حال ثبوت التهمة الموجهة إليه، مسرعًا بإحالتة إلى إدارة التفتيش بوزارة الداخلية للتحقيق معه فيما نُسب إليه.
وأضاف "العزازي" أنه لا يرضى بما بدر من الضابط مع زوجته وإبنه الطبيب الصيدلاني، مؤكدًا أن الضابط تصرف بطريقة مبالغ بها مع الطبيب.
عاد مدير الأمن ليؤكد أن النيابة العامة أخلت سبيل معاون مباحث قسم أول الإسماعيلية، بعد سؤاله في واقعة إصابة طبيب بأزمة قلبية داخل القسم، وأن النيابة إستمعت إلى أقوال الضابط وأقوال الشهود وأمرت بإخلاء سبيله، وطلب تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة.
من جانبها أكدت الدكتورة ريم يوسف، زوجة الطبيب المتوفى، أن رئيس المباحث، والضابط إعتديا أول أمس على زوجها، بعد اقتحامهما للصيدلية، ووجها إليه العديد من الصفعات على وجهه، متهمة صاحب العقار بالتواطؤ، مع ضباط القسم، لإجبار زوجها على ترك الصيدلية، مشيرة إلى أن ضباط الشرطة استولوا على سيارتها، بعد القبض على زوجها.
رواية الداخلية تؤكد أن الضابط محمد إبراهيم، المعتدي على الطبيب، تلقى إتصالا بوجود أحد الأشخاص يبيع الأقراص المخدرة ووضعها في سيارة فيرنا سماوي اللون رقمها 13257 ملاكي الإسماعيلية، وأنهم متواجدون أمام صيدلية الدكتورة "ر.ي" بشارع الأهرام بالمحطة الجديدة.
وبعد أن توجه الضابط إلى مكان البلاغ، وجد 3 أشخاص أمام الصيدلية، فر إثنين منهم ودخل الثالث إلى الصيدلية وبالإطلاع على هويته تبين أنه يدعى "عفيفي.ح.ع" 48 سنة طبيب بيطري، وأن السيارة المذكورة ملك زوجته وأن الأوراق الخاصة بها معها في المنزل، مضيفًا أن سبب إصطحاب الطبيب إلى القسم هو إحضار أوراق السيارة، والتأكد من ملكيتها، وأضاف إنه بعد حضور الزوجة وإثبات ملكيتها للسيارة سقط الطبيب مغشيًا عليه لمعاناته من مرض القلب وتم وضعه على أريكة في وحدة المباحث، وتم إستدعاء سيارة إسعاف لنقل الطبيب إلى المستشفى.
وهنا جاء تقرير الطب الشرعي، الذي أكد إن الضحية مصاب في خلفية العنق، وأضاف التقرير الصادر اليوم برقم 216 أنه تم أخذ عينات من مؤخرة عنق الطبيب لفحصها.