«دويتشه فيله» إذاعة مُوجهة شاء السفير أم أبى.. وخبراء: يجب مواجهة أكاذيبها

الجمعة، 24 مارس 2017 03:52 م
«دويتشه فيله» إذاعة مُوجهة شاء السفير أم أبى.. وخبراء: يجب مواجهة أكاذيبها
مؤسسة دويتشه فيله
كتب- شيريهان المنيري

نشرت الصفحة الرسمية للسفارة الألمانية عبر موقع التواصل الإجتماعي، تويتر، مساء أمس الخميس، بيانًا يرفُض مساس الإعلام المصري بـ «دويتشه فيله»، والحديث عن العلاقة بين مصدر تمويلها والخزانة العامة الاتحادية، مؤكدًا أنها - محطة - مُستقلة عن الحكومة الألمانية والسلطات الألمانية الأخرى فيما يتعلق بصياغة برامجها.

وبالتمعُن في قراءة البيان نُشير إلى ملاحظتين هامتين، الأولى أنه وبحسب البيان فإن الاستقلال المالي للإذاعة الألمانية عن الحكومة الإتحادية، ولكن استقلالها عن السلطات الألمانية الأخرى فهو فيما يخُص السياسة التحريرية فقط. أما بالنسبة للملاحظة الثانية فهى أن السفير الألماني بالقاهرة، يوليوس جيورج لوي، تجنب توصيف «دويتشه فيله» في خلال فقرات البيان الثلاث؛ إلا في مرة واحدة مُقتصرًا إياها بـ «المحطة»، وذلك على الرغم من أنها مُوصفة عبر الموقع الإليكتروني الرسمي الخاص بها بالـ «الإذاعة الدولية»، أى أنها رسميًا كما يأتي توصيفها عبر «جوجل» أيضًا الإذاعة الدولية لألمانيا إلى العالم الخارجي، أى أنها منبر إعلامي مُوجه، تأتي المحطة كأحد مظاهره.

سقطة البيان
 
تعريف دويتشه فيله
 
تعريف جوجل

 

وبالتالي يبدو أن السفير الألماني غير مُلم بماهية الإذاعات والشاشات الدولية والمُوجهة، وأنها شاء أم أبى؛ فهى في علم الإعلام الدولي مُوجهة للعالم الخارجي، الأمر الذي ينطبق على نسختها باللغة العربية، والتي يُمكن تلخيص أهدافها في مُسمى برنامج الإعلامي، يسري فودة، الذي انطلق في أغسطس من العام الماضي «السلطة الخامسة»، في إشارة إلى عدم الإعتراف بالسلطات الأربع الرسمية، والرغبة في توثيق صوت خامس، تم اختيار أحد أبرز الإعلاميين الذين أعربوا عن رفضهم ومُعارضتهم للنظام المصري الحالي والشهير بـ«مٌقدماته النارية»؛ لتمثيله.

إن الإذاعات والشاشات المُوجهة لها أنماط علمية مُتعارف عليها؛ فهى إما تكون ناطقة بإسم الدولة، أو تابعة لهيئات ومنظمات إقليمية ودولية بإشراف الدولة التي تعمل على أرضها، أو سرية والتي في الغالب تكون تحت إشراف أجهزة المخابرات، أو تكون إذاعات قرصنة، وهو النموذج البعيد عن معرض حديثنا. كما أن فكرة الإذاعات المُوجهة باللغة العربية، هى فكرة إستعمارية في الأساس، طرأت للدول الكبرى التي سيطرت لسنوات على دول عربية، مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.

حتى أن اختيار الإعلامي يسري فودة، ومُحاولات الإبقاء على الإعلامية ريم ماجد، مؤشرًا لأهداف الإذاعة بشكل واضح، لأن من ضمن أُسس التخطيط لهذه النوعية من الإذاعات هى تحديد القائم بالإتصال أى الإعلامي أو المُذيع، والذي يُفضل دائمًا أن يكون من الدولة المُستهدفة، على أن يتميز بشٌهرة ومهارة وخبرة إعلامية. هذا إلى جانب استضافة شخصيات بتوجُهات مُحددة مثل أستاذ العلوم السياسية، عمرو حمزاوي، والحديث عن آخر مقالاته والتي تم نشرها على موقع «القدس العربي»، والتابع لتوجُهات قطرية موالية لجماعة «الإخوان» الإرهابية، وأيضًا الإعلامي باسم يوسف والذي يُعد هاربًا من مصر الآن. بالإضافة إلى عدد من «المانشيتات» الُموجهة والغير مُحايدة، ومقالات للكاتب علاء الأسواني عبر الموقع الإليكتروني، والذي انتهج طريق مُعارضة النظام الحالي في المنابر الدولية.

يسري فودة
 
الإعتداء على الكنيسة
 
عن قناة السويس
 

عميد المعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتورة هويدا مصطفى، ترى أن تحيُزات الإذاعة الألمانية واضحة، على الرغم من بيان السفارة الذي حاول أن يكون دبلوماسيًا بُحكم تبعيته للخارجية الألمانية، مُشيرة إلى إستعادة عدد من الدول الغربية لفكرة الإذاعات المُوجهة والتي كان مُتعارف عليها منذ زمن، بعد أحداث 11 سبتمبر بالتحديد، وخاصة الناطق باللغة العربية، والمُوجه للشرق الأوسط. وقالت لبوابة «صوت الأمة»: «عندما أُعيدت إحياء تلك الفكرة فقدت تلك الوسائل الإعلامية المُوجهة الموضوعية والتوازن، وأصبح تحيُزها واضح للغاية».

وأضافت «منذ ثورة 30 يونيو الشعبية، شاهدنا نوعًا من التحيُز في إتجاه مُعارض، ومؤيد للإخوان؛ فألمانيا من أكثر الدول التي بها تكتلات إخوانية ولها إرتباط بالإعلام، وهو ما يبدو واضحًا من الأصوات الإعلامية والضيوف ذات التوجُه المُعارض التي إحتوتها دويشته فيله خلال الشهور الأخيرة».

وأخيرًا أكدت «مصطفى» أننا لا يُمكن أن ننتظر من إعلام مُوجه أن يكون مُحايدًا أو موضوعيًا، لأنه بطبيعة الحال يخدم توجُهات ومصالح مُموليه.

وأكدت أستاذ الإعلام الدولي والعربي بجامعة عين شمس، الدكتورة حنان يوسف، أن تجربة الإعلام الدولي على مدار التاريخ تُعبِر عن لسان حال الدولة، وإذا إفترضنا في حالة «دويتشه فيله» أن هناك أجندات وأشياء خفية بين السطور؛ فالحل يجب أن يكون من خلال تقوية الصوت المصري في الخارج، وتبني برامج ترُد على أى شائعات أو أكاذيب في حق مصر.

وقالت لبوابة «صوت الأمة»: «يُمكننا وضع دويتشه فيله في اختبار حقيقي مع المهنية، من خلال المُطالبة بطرح أنفسنا من خلال منبرها، عبر صوت إعلامي مُستقل نطرحه يُعبر عن مصر والرأى الآخر».  

كما طالبت «يوسف» الدولة المصرية وجميع الجهات المعنية بتبني خطة استراتيجية لتقديم صورة مصر في الخارج على أكمل وجه، وإعتبار ذلك قضية أمن قومي.

وأوضح الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن دفاع السفير الألماني عن «دويتشه فيله» أمر طبيعي، لأن أى هجوم على مؤسسة ألمانية يُمثِل لهم هجومًا على ألمانيا، ومن ثم فإن الخارجية الألمانية ردت من خلال سفيرها بالقاهرة وإصدار هذا البيان.

وقال لبوابة «صوت الأمة»: «الإعلام الغربي بطبيعة الحال يُركِز على السلبيات أكثر من الإيجابيات، ومن ثم يجب علينا كإعلام مصري أن نتوقف عن الشكوى ونتجه للعمل لمُواجهة الرأى بالرأى الآخر، من خلال برامج تُفنِد ما يُوجه لنا من اتهامات، والرد عليها بمهنية».

وأشار رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون، بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الدكتور محمد المرسي، على أن الإذاعات والشاشات الدولية بشكل عام موُجهة، وأن هدفها العلمي من المُفترض أن يكون في الأساس هو تحسين صورة الدولة الباثة في نظر الدول المُوجهة إليها، وتعزيز العلاقات بينهم، أو تبرير سياسات الدولة الباثة، كما من المُفترض أن تُساهم في مزيد من التفاعل والتعاون ما بين الدولة الباثة والدول المُوجهة إليها.

وقال في تصريحاته لبوابة «صوت الأمة»: «أنه لا يُمكن الفصل بين المواقف والآراء التي تعرضها مثل تلك الإذاعات والشاشات المُوجهة وسياسات الدولة التي تُبث منها، أيًا كانت الجهة التابعة أو المُمولة لها».

وعن فكرة إحتواء «دويتشه فيله» للوجوه والأسماء المُعارضة للنظام المصري عبر منبرها الإعلامي، أكد «المرسي» أنه لا يُمكننا إيقاف إذاعة أو شاشة دولية، ولكن الرد يجب أن يكون من خلال شاشات قوية تمتلك حجة رد الفكر بالفكر، ومُخاطبة المواطن الخارجي بثقافته، لتحسين صورة مصر، وللدعاية لها، ما يصُب في صالح الإستثمار والسياحة، وغيرهما من المجالات».

وأضاف مُطالبًا بأن لا نكترث لما يُقدم عبر «دويتشه فيله»، مؤكدًا على ضعف نسبة مُشاهدتها وما يُقدم عليها من برامج مثل «السلطة الخامسة»؛ بداخل مصر، ما يعكس عدم أهميتها أو وجود أى تأثير لها في الشارع المصري.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق