في 10 خطوات كيف تصنع طفلا إرهابيا ؟

الجمعة، 05 مايو 2017 01:10 م
في 10 خطوات كيف تصنع طفلا إرهابيا ؟
هبة العدوي تكتب

بداية .. ما معني مصطلح (إرهابي ) ؟ 
الإرهابي هو كل شخص ذو عقلية البديلين  (المتطرفة )  .. 
بمعني أنه يري الحياة من منظور واحد فقط .. هو منظور الأبيض الناصع أو الاسود الحالك .. الملائكة أو الشياطين .. الخير المطلق أو الشر المطلق .. وهكذا ..
في ثنائيات مُضَلِلة لعقله ..ومُظلمة معتمة كسواد الليل لمجتمعه .. 
هو شخص إعتاد عبر سنوات عمره أن (يحكم ) دوما علي أي آخر (مختلف ) عنه ..
 أن يراه عبر نظارة :
-  يا تري إنت علي طول  (معايا ولا عليّا ) ..
بدلا من أن يراه بنظارة ( إختلافك عنّي, يُكملني ) ..
هو شخصية حادة .. لا تعرف للنقاش سبيلا .. لا تعرف لمتعة الحب والحياة والإبتكار أي وسيلة .. 
هو يقف منتظرا أن تتلقَفه أحد الجماعات المتطرفة (يمينا أو يسارا ) .. متخذة ستار الدين او ستار الإنسانية أو ستار القومية كما كانت تدعي يوما الحركة (النازية ).. 
 
ف 10 خطوات  كيف تكونت تلك الشخصية  ؟ .. وما هي المسئولية الأسرية والتعليمية عن ذلك ؟ 

1-علٍّمه خلال سنوات عمره أن هناك إجابة واحدة نموذجية لكل شيء في الحياة .. 
 
إجابة كاملة مئة في المئة .. إجابة تريح عقله من مهام التفكير .. تجعله لها يركن ..فتصير عضلات إرادته الحرة ذابلة شيئا فشيئا ..بلا عزيمة .. و تصير روحه بلا همة ..
هو شخصية ضعيفة لأن عضلاته العقلية الخاصة بالتفكير النقدي والإبتكاري قد صارت – عبر منظومتك التعليمية – بلا أي قيمة .. أما عن عضلات إرادته الحرة فلقد تشوهت..
هو الآن بإتمام مراحله التعليمية الأساسية, قد صار للجماعات المتطرفة صيدا سهلا ثمينا .. 

2- علمه ان الحياة تقع بين قضبان قطار الحلال والحرام  ( وفقط  ) ..
 
 إهمل تماما كل منطقة الإختلاف التي بمثابة بحر واسع يُيَسر لا يُعسر ..
 يضم  منطقة  ( الآراء )  الواسعة  كما كان يقول الإمام  الشافعي رحمه الله ( رأيي علي صواب يحتمل الخطأ, ورأي غيري علي خطأ يحتمل الصواب ) 
إلغي كل تلك المنطقة .. إجعله فقط يري : 
قضبان قطار الابيض والاسود = يمعني إنه لا وجود في الحياة للألوان ولا للرمادي .. 
أنت في الحياة إذن  إما أن تكون سائرا علي القضيب الأبيض (  ملاكا )..   أو علي قضيب الأسود ( شيطانا ).. 
وبالطبع وأنت ضعيف الشخصية لأنك لا تمرن عقلك .. 
ولأن شخصيتك الحرة الواثقة من ذاتها لم تتكون عبر سنوات عمرك, فستحتاج دوما  لمن يعطيك  (صكا بالغفران ).. 
بأنك مازلت ( ملاكا ) .. وكل من هم حولك لأنهم يخطئون هم ..... ؟؟
 بالطبع شياطين .

3- إذا أخطأ وبخه توبيخا شديدا .. عنّفه .. علمه أنه لا مجال للخطأ أبدا .. 
 
علمه أن الخطأ ضعف .. والتجربة خوف .. والحياة لا مجال فيها لا للضعف ولا للخوف .. حدثه كتيرا عن نهش الناس في ضعفه .. 
بالطبع أهزأ بفكرتك عزيزي المربي .. واعذرني لإستهزائي بها .. فالحياة دون تجربة = هي موت محقق وإن كانت مازالت أنفاسنا علي قيد الحياة .. 
وأي حياة والخوف يملؤها  ؟!! 
وأي عمر قد يقضيه هذا الإنسان مسجونا خلف قضبان (خوفه من إظهار ضعفه ) ؟!!
هو هكذا يسعي (للكمال ) .. 
عزيزي المربي .. تذكر أن  (الكمال لله وحده ) فأي إنسانا تصنعه ؟!
قف لحظة لتتأمل !!

4- إصنع جائزة وأطلق عليها مسمي (الطالب المثالي ) ..
 
 وأي مثالية تلك ؟ .. أدعي أنني خلال كل سنوات عمري كنت ممن يطلقون عليهم (طالب مثالي ) ..ولكني لم اري يوما لهذا المسمي سببا واحدا وجيها .. 
فنعم للجوائز المُحفزة للذكاءات المختلفة ..بأنواعها المختلفة  .. لأنها هي الحل الوحيد لتحفيز  (بناء الشخصية المتكاملة المتزنة  ) ..
أما كل من ظن بنفسه ( مثاليا ) كاملا .. فقد سُجِن داخل المسمي .. فبات خائفا مترددا من أي يخطو خطوة واحدة في إتجاه تجربة أي جديد .. 
 

5- إجعل كل المناخ حوله قبيح ..قبح اللفظ والصورة و المعني والحياة .. 
 
في المنزل الأب والام يتعاركان, الأب يضرب الأم .. الأم ترد عليه بأبشع الألفاظ .. أنت توسعه ضربا كلما أخطأ .. الجيران يسبّون بعضهم البعض .. الأغاني ممتلئة بالسباب والقبح  .. المسلسلات ..الأفلام ..
 المدرسة حيث قانون البلطجة :
- (واللي يضربك إضربه ) واللي مالوش ضهر يضرب علي بطنه..
في الشوارع رسخ لمبدأ للا نظام ..
القبح هو العشوائية بمختلف صورها .. والإنسان القبيح الذي نراه الآن هو إنعكاس لبيئته القبيحة .. وها نحن الآن نري (قانون الغابة الإنسانية ) في أوجّه .. 
فماذا نحن فاعلون حتي نجعل ( لقيم الجمال والبروالخير  )في نفوس مواطنينا سبيلا ؟ 
 

6- إجعل الكره جزء من تكونيه النفسي .. كرّهه في نفسه  ..
ناديه دوما ب : 
-إنت يا واد يا فاااااشل .. 
سَفٍّه من رأيه ..  إستهزأ به .. وخاصة في مرحلة الصغر في أول 7 سنوات من عمره  ..
أشعره أنه لا وجود في هذا الكون للحب ..الحب ضعف وهو القوي .. 
وبهذا لن يحب الله الرحمن الرحيم  يوما ..
 ومن لم يتعلم حب الله,  فقد متعة الدين وبهائه وصار الدين بالنسبة له طوقا ضيقا يخنقه فيخنق به غيره وهكذا .. 

7- حبه حب مشروط .. 
علمه أنه لا وجود  ( للحب الغير مشروط ) .. علّمه أن تقبلك له مبني فقط علي  تنفيذه ما تقوله له .. 
-إعمل كذا يا حمادة عشان ماما تحبك .. 
-إعمل كذا عشان بابا يحبك .. 
 
هو هكذا سيتعلم أن لا يتقبل نفسه بصورة كاملة .. وبالتالي فلن يتقبل أبدا ضعفه .. ومن لا يتقبل ضعفه يصير لقمة سائغة في يد من يملكون صكوكا (تجعله ملاكا بجناحين ) .. 
تأمل فقط الصورة كلها  لتري المشهد !!

8-لو نقصت درجات إمتحاناته نصف درجة, إحرمه من كل ما يمتعه ..
إقسو عليه .. إضربه .. عنّفه .. 
-إزاي تنقص نصف درجة ؟؟ 
خليه يشوف دايما إنه (ناقص نصف درجة ) في إمتحاناته .. بدلا من أن يري أنه (جايب 9 ونصف من عشرة ) .. 
وتسالني وإيه المشكلة في كده ؟ 
المشكلة إنك بتعلّمه (التركيز السلبي ) .. ومرة ورا مرة مش حيقدر يشوف أي شيء إيجابي في الحياة  ..وسيظل لاهثا خلف (كذب المثالية ) .. 
 أتذكر طفلة صغيرة ذات مرة وجدتها تبكي بكاءا شيئا .. فلما سألتها وجدتها نقصت نصف درجة وهي خائقة من أمها التي ستوسعها ضربا .. 
 الآن وقد كبرت تلك الطفلة, تري هل يمكن أن تكون يوما سعيدة ؟؟ هل يمكن أن تتقبل ذاتها ؟؟ ام أنها ستكون دوما للكمال ساعية دون أن تصل له أبدا طالما كانت إنسانة ؟!!
سجنتها امها إذن خلف ذات نفس القضبان الملائكية .. 

9-خليه يكره ضعفه .. 
علمه إن ضعفه نقص وهو إنسان كامل مينفعش يبقي ناقص .. النقص عيب وحرام .. كما ذكرت لك في الثمان نقاط السابقة .. 

10 –لا تحضنه أبدا ..
 الحضن ضعف .. إهمل تماما معلومة أن  الأبحاث العلمية تؤكد أن  الطفل لكي يكون سويا نفسيا, لابد أن يحتضنه أبواه كثيرا .. 
أنت تري أن حضنك له سيضعفه, فلما تهتم لامر العلم وأبحاثه ؟!
 
وبإتمام العشر نقاط السابقة تأكد أنك في طريقك لصناعة ( إرهابي جديد )..
يُثقل الوطن بهمّه,  بدلا من ان يُصقله بموهبته .. 
 بتميزه المتفرد كإنسان خلقه الله عزوجل ليحبه .. ويحب نفسه ويتقبلها كما هي ..  
ويحب الحياة ويتفاعل معها .. 
ويحب الآخر ويتكامل معه  .. 
ويحب قيم الخير والبر والجمال والإحسان .. 
 
هو الآن يقف منتظرا تلقف إحدي الجماعات المتطرفة له .. وأتسائل , 
 
هل من مستمع  يغير بإرداته  وإدارته للتغيير منظومة بناء المصري الجديد ؟؟ 
ألا من جذّ للإرهاب من (جذوره ) الفكرية بتغيير النمط الذي ينتج لنا العقلية والشخصية المتطرفة ؟؟!!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق