لهذه الأسباب يصعب القضاء على بوكو حرام النيجيرية (دراسة)

الثلاثاء، 23 مايو 2017 11:22 م
لهذه الأسباب يصعب القضاء على بوكو حرام النيجيرية (دراسة)
بوكو حرام
محمد الشرقاوي

أعلن متحدث باسم الجيش النيجيري، عن مقتل 13 شخصًا من عناصر حركة بوكو حرام الإرهابية، أمس الثلاثاء، خلال اشتباكات وقعت بين الطرفين مؤخرًا في منطقة بحيرة تشاد.

ونقلت وكالات إخبارية: «إن قوات الجيش تمكنت من أسر 10 من عناصر بوكو حرام من بينهم 6 سيدات يعتقد قيامهن بمساعدة الجماعة المتشددة في الحصول على الإمدادات»، مشيرة إلى إصابة بعض عناصر الحركة خلال الاشتباكات، التي دامت نحو 72 ساعة بغرض تطهير المنطقة من تلك العناصر التي تختبئ داخلها.

الحركة الإرهابية سبق وقايضت الجيش النيجيري في مايو الجاري بإطلاق سراح 82 من إجمالي 276 فتاة، كانت قد اختطفتهن قبل ثلاث سنوات، مقابل الإفراج عن عدد من مقاتليها، الأمر الذي فتح تساؤلات حول عوامل القوة والضعف لهذه الجماعة، وما يمكنها من البقاء في هذا البلد. وهو ما تعرضت له دراسة بعنوان: «لماذا يصعب القضاء على جماعة بوكو حرام؟»، للباحث في شئون الإسلام السياسي علي بكر، نشرتها مجلة السياسة الدولية.

الباحث قال خلال تحليله إن تلك المقايضة تدلل على أن الحكومة النيجيرية لم تستطع القضاء على «بوكو حرام»، الأمر الذي دفعها للتفاوض معها، في المقابل، أعطى ذلك الأمر مؤشرًا لدى بعض المراقبين على تراجع نسبي لتلك الجماعة التي تعاني انقسامات داخلية، وإن ظلت مستفيدة في بقائها من نقاط ضعف تعانيها الدولة النيجيرية ومؤسساتها.

وفند الباحث ذلك إلى عدة محاور، أولها:

عوامل القوة

قال إن ثمة عوامل قوة مكنت الحركة الإرهابية من البقاء، وتكريس نفوذها في نيجيريا، بما يصعب من القضاء عليها، ومنها:

المعاقل الحصينة، فقد تمكنت الحركة من استغلال الطبيعة الجغرافية في نيجيريا، مثل انتشار المستنقعات، والغابات في بناء معاقل حصينة، يصعب الوصول إليها من قبل الجيش، نظرًا لصعوبة استخدام العربات والمركبات في تلك المناطق، إضافة إلى قيام مقاتليها بزراعة الألغام والمتفجرات حول تلك المعاقل.

 وتعد غابة «سامبيسا»، التي تقع شمال شرقي نيجيريا، من أشهر المناطق التي تتخذها الجماعة، كمعقل رئيسي ومكان آمن للاحتفاظ بالمختطفين من الفتيات والأطفال.

وأضاف الباحث أن أحد تلك العوامل، اعتماد الحركة على مجموعات صغيرة، حيث تقوم غالبية أنشطتها على مجموعات صغيرة، ذات أسلحة خفيفة، مثل بنادق الكلاشينكوف، والقذائف الصاروخية وبعض أنواع القنابل، والتي يسهل التنقل بها، مما يمنحها خفة الحركة، وسرعة العودة إلى معاقلها، لاسيما أن مقاتليها يجيدون التحرك داخل المستنقعات، فضلا عن قدرتهم على العيش في ظروف صعبة، إضافة إلى امتلاكهم خبرات تنظيمية في مجال العمليات الإرهابية.

ومن بين تلك العوامل، تنوع الموارد البشرية: حيث أن أعضاء بوكو حرام يتراوح عددهم ما بين أربعة وستة آلاف مقاتل - بحسب بعض التقديرات- وهو عدد كبير مقارنة بالتنظيمات الأخرى.

إلا أن أهم ما يميز هذا العدد هو التنوع القائم بداخله، حيث يوجد في صفوف الجماعة مقاتلون من النيجر وتشاد، كما تضم أعدادا من الأطفال والنساء، ويتم استخدام بعضهم في العمليات المسلحة.

 وأوضح أن مبايعة الحركة لداعش، كان لها تأثير، فقال برغم أن بوكو حرام تملك خطابًا دينيًا متشددا يلقى إقبالًا من بعض الشباب للانخراط في صفوفها، فإن مبايعتها لتنظيم داعش أسهم في جذب أعداد أكبر لها، إضافة إلى تنوع مصادر السلاح.

ومن بين تلك العوامل شبكة العلاقات الخارجية، تابع: برغم حالة الانقسام التي ضربت بوكو حرام، إثر الإطاحة بقائدها السابق عبد الله شيكاو، وانقسامها لفريقين، فإن كلا منهما يملك علاقات جيدة مع بعض التنظيمات الإرهابية الخارجية، فمجموعة أبي مصعب البرناوي لها علاقات مع المجموعات الداعشية في منطقة الساحل والصحراء، مثل مجموعة أبي الوليد الصحراوي، وكذلك المجموعات التابعة للتنظيم في ليبيا.   

معضلة الدولة

 وأرجع الباحث بقاء بوكو حرام، إلى أن الدولة النيجيرية تواجه عدة معضلات منها:

أزمات المؤسسة العسكرية، حيث تستمد الحركة جزءًا كبيرًا من قوتها من أزمات الجيش النيجيري، مثل عدم التسليح المناسب لمواجهة هذه الجماعة، ولعل ذلك ما دفع الرئيس بخاري، في يوليو 2015، إلى التصريح بأن إصرار الولايات المتحدة على عدم تسليح الجيش النيجيري أشبه ما يكون بتقديم مساعدة لبوكو حرام بشكل غير مقصود.

يضاف إلى ذلك انخفاض الروح المعنوية للجنود، مما أدى إلى انتشار ظاهرة فرارهم، وعدم الحفاظ على الأسلحة والمعدات، وتركها غنيمة للجماعة. كما أن الانتهاكات التي يقوم بها الجيش غالباً ما تصب في مصلحة الحركة.

ومن بين المعضلات، الهشاشة الحدودية، حيث يلاحظ اعتماد الحركة في أنشطتها داخل دول الجوار النيجيري على عدم قدرة تلك الدول على ضبط حدودها، نظرًا لطولها، وصعوبة تضاريسها، وضعف إمكانيات جيوش المنطقة، مما يسمح لمقاتلي الجماعة بالتسلل إلى داخل الدول للقيام بعمليات إرهابية.

إضافة إلى وجود صراع طائفي، حيث تلعب الصراعات دورًا مهمًا في تنامي أنشطة الحركة،  لاسيما في ظل العنف المتبادل بين المسلمين والمسيحيين في العديد من القرى النيجيرية، حيث تستغل الجماعة تلك الصراعات في طرح نفسها كمدافع عن الإسلام، مما خلق نوعا من التعاطف معها من بسطاء وفقراء المسلمين في المنطقة.

وانتهى الباحث إلى أن فشل الحكومة النيجيرية في القضاء على بوكو حرام، برغم وجود بعض نقاط الضعف لديها، يعود بشكل أكبر إلى معضلة الدولة ومشكلاتها في هذا البلد،  وبالتالي، سيتوقف القضاء عليها على مدى قدرة الحكومة على التغلب على نقاط ضعفها بالأساس، إضافة إلى حدود تعاونها مع القوى الدولية والإقليمية لمحاصرة الجماعة، وتجفيف مواردها الخارجية، لاسيما أن خطرها أصبح يهدد منطقة غرب إفريقيا بأكملها، لا نيجيريا وحدها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق