لماذا يتم إلغاء حفلات منير؟

الإثنين، 12 يونيو 2017 12:23 ص
لماذا يتم إلغاء حفلات منير؟
الشاعرة كوثر مصطفى تكتب:

إذا  كنا متفقين على أن فن الغناء مثله مثل كافة أنواع الفنون ،  ليس مجرد وسيلة من وسائل الترفيه والتسلية ،  وإنما هو أداة  من أهم أدوات بناء العقل وخلق الروح وصياغة الشخصية  ، وإذا كانت  الأغنية هى المنتج الفنى الأقل تكلفه ، والأسهل فى الصنع ،  والأسرع فى الوصول الى المتلقى ،  والأكثر تأثيرا عليه وفيه ، وإذا وضعنا فى إعتبارنا ونصب أعيننا كل ما تعرض له عقل ووعى ووجدان هذا الشعب من عمليات التجريف وطمس الهوية التى استمرت لسنوات وسنوات عن طريق تقديم أسوأ وأردأ أنواع الفنون له بما فيها فن الغناء نفسه  من بداية السبعينات تقريبا وحتى الآن ، فإذا كنا متفقين على كل ما سبق فلماذا نتجاهل جميعًا الأغنية ؟

إننا الآن  بالفعل نخوض معركة حقيقية ضد الجهل  و التطرف الدينى والإرهاب  المسلح بالفكر والإرهاب المسلح بالرصاص ، ورغم كل تلك الظروف فإن الدولة  بجميع مؤساساتها المنتجة  للثقافة والفنون  تصر على اتخاذ موقف سلبي ، بل ومتخاذل من فن الغناء .

لقد جرى إغلاق جميع الأبواب فى وجه  الأغنية  الجادة التى لا تكتفى بمخاطبة المغرمين فى أمور العشق والهوى ،  والتى تستطيع بالفعل أن تخاطب العقل والوجدان معا فى كل القضايا المهمة والخطيرة  .

هل يتبرع أحد بأن يفسر لنا  لماذا يجلس أصحاب أجمل حناجر وأمهر  وأهم  موسيقيين فى مصر فى بيوتهم بلا عمل منذ سنوات ؟.

والأعجب من كل ذلك أن يتم إلغاء  حفلات مطرب مصر الكبير الفنان محمد منير ، بحجج شتى ، ومنير  هو المطرب الذى يملك قاعدة جماهيرية كبيرة ويستطيع بالفعل بصوته الساحر ونوعية الأفكار والقضايا الأنسانية الراقية التى تطرحها وتتبناها إغنياته المختلفة و التى يعشقها الجميع أن يقدم لمصر الكثير فى معركتها  المصيرية الشرسة والخطيرة ضد الأرهاب

لماذا نقوم بإلغاء حفلات  منير فى الوقت الذى كان يجب علينا فيه أن نقوم  بتأمين حفل شهرى له ؟  فمهما كان حجم الجماهير الحاشدة التى تتوجه لحضور حفل منير فأن قليل من النظام والأيمان بأهمية دور الغناء فى حياتنا سوف يجعل أمر تأمين هذه الحفلات أمرا سهلا وميسورا.

أذكر الجميع بأن منير هو الذي واجه بصوته مزاعم ودعوى تحريم الغناء عندما غنى " عللى صوتك بالغناء " وهو الذي شرح الحالة المصرية كلها في " حدوتة مصرية " وهو الذي أعاد للواجهة أغنية عظيمة كادت تندثر " وأنا على الربابة بغني " وهو الذي أعاد فن الكابتن غزالى للصدارة عندما غنى له " غني يا سمسمية "

الكلام عن فن ومكانة منير يحتاج لمجلدات ، ولكنه يحتاج أولًا ليقظة أجهزة الدولة التي يجب أن تسارع إلى الاستفادة من قوانا الناعمة المتمثلة في تاريخنا وفنونا وأنا هنا لا أكتب من فراغ ولا أحاول أن أعطى لفن الغناء ـــــــــ المجال الذى أعمل به ــــــــ أهمية هو لا يستحقها فالتاريخ  فى العالم كله وتاريخ مصر والمصريين بالذات  به أمثلة كثيرة تؤكد  صدق ما أقول وصحة ما أدعى ،  فنحن إذا ما نظرنا إلى الماضى القريب وإسترجعنا مثلا تأثير الغناء على المجتمع المصري بعد انهيار الحكم الملكي وقيام ثورة 52 واستخدامه لحشد الشعب المصري وراء القضايا المصرية والعربية تارة.، ووراء المشروعات القومية تارة أخرى، سنتأكد أن للغناء دورا  قويا  في تفتيح وعي الشعوب وتثقيفها سياسيًا، واجتماعيًا واقتصاديًا ،فلقد لعب فن الغناء فى فترة الستينات حينما تم الأنتباه لأهميته دوره ببراعة  كعامل محفز وأسس لمرحلة من أهم مراحل نمو وتطور الشعب المصرى ، ذلك البناء الذى لم يكتمل وذلك الحلم الذى تم إجهاضه ، وعلينا الآن إعادة خلقه وتأسيسه مرة أخرى من جديد 

أرجوكم كفانا هدرا للمواهب والأمكانيات والقدرات والطاقات الفنية التى تستطيع أن تحقق المستحيل .

كفانا تهميشا لدور الفن والفنانين ، وكفانا قتلا للغناء .

إن مصر لن تستطيع أن تتقدم خطوة واحدة بدون وجدانها ووجدانها هو الغناء .

وختامًا

الغنا مش بس صوت .. الغنا روح الوجود

الغنا لو مات يموت .. نبض الشوارع والبيوت .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة