عمرو بدر.. دبة قتلت صاحبها «البلشي»

الإثنين، 12 يونيو 2017 02:39 م
عمرو بدر.. دبة قتلت صاحبها «البلشي»
محمد الشرقاوى

للصديق عند صديقه أمور عدّة، كما يقول أبناء البلد، إحداها تتمثل في المساندة والمجاملة والانحياز والدعم والتضليل لصالحه، أو «التعريض» وفق اصطلاح المعارضين وتلاعبهم بالألفاظ، وانتصارا للصداقة يتورط كثيرون من الناس في الوفاء بهذا الحق، حتى لو جاء على حساب الوطن، أو القيم المهنية، أو العقل والمنطق، أو كيان نقابي يمثل بيتا وحصنا لآلاف الناس، ولا يجب توريطه في معادلة الصداقة، خاصة إن كانت مشبوهة.

في سقطة غير بعيدة عن مسلسل سقطات خالد البلشي المعتادة والمكرورة، كتب الصحفي متواضع القيمة مقالا بعنوان «مصر مش للبيع.. لازم ترحل»، ونشره في موقع «البديل»، الذي تولى رئاسة تحريره من قبل، وتولى السمسرة في صفقة بيعه لجهات إيرانية وحصل على مئات الآلاف لقاء تسهيله للصفقة، ثم عاد في وقت لاحق لينفي صلته بالمقال عبر موقعه الملاكي «البداية»، ويتحدث عن قرصنة «هاكينج» واختراق للموقع وتزوير واختلاق للمقال، بينما خطابه المعلن طوال الفترة السابقة يتضمن ما أورده المقال، بتفاصيله وبذاءاته وركاكة أسلوبه وأخطائه الإملائية وتعبيراته السطحية و«قلة الأدب» التي تهيمن على عباراته وفقراته، وادعاء الاختراق والاختلاق ليس إلا هروبا للأمام، ومحاولة لإمساك العصا من المنتصف، استمرار الظهور في أوساط اليسار وأبناء «الأورجازم» الثوري والمعارضة الحنجورية بمظهر القائد المناضل المهيِّج للجماهير، وفي الوقت نفسه التراجع عن المقال أمام المؤسسات الرسمية والجهات الإعلامية والقانونية، للهروب من التبعات التي يمكن أن تترتب على ما تضمنه من سب وقذف وتعريض بعدد من المؤسسات والوجوه البارزة بالدولة، بدءا من رأسها ورأس سلطتها التنفيذية، وصولا لقائمة واسعة من النواب والإعلاميين.

كتابة خالد البلشي لمقالة بذيئة وركيكة ليست أمرا غريبا عن المسار المهني للكاتب المتواضع، قدرات الرجل لا تُبشّر بأكثر من هذا، وسوابق كتاباته تحمل ما لا يختلف كثيرا عن أحدث طبخاته الفاسدة، والتراجع أيضا ليس غريبا ولا مفاجئا، شخصية «البلشي» الاستعراضية الانتهازية تسمح بهذا، المتاجرة بـ «البديل» ثم بيعها لقاء مئات الألوف، تساوي تماما كتابة مقال استعراضي ساخن ثم التراجع عنه وادعاء تزويره ونسبته إليه، شخصية «البلشي» المهتزة والساعية للشهرة وتصدر واجهة الصورة تفسر كثيرا من تحركاته الموتورة وتصريحاته الساذجة وكتاباته المشوهة المحتاجة لضبط لغوي ومراجعة إملائية، ولكن المفاجأة في دخول الأصدقاء على الخط، والمجاملة، أو بالأحرى رد الجمائل السابقة، في غير أوانها، وعلى طريقة «الدب اللي قتل صاحبه».

الصديق الداخل على خط المجاملة و«التعريض» لصديقه وصاحب الأفضال عليه، الكاتب الصحفي الشاب وعضو مجلس نقابة الصحفيين، عمرو بدر، الذي أكن له كل احترام وتقدير على المستوى الإنساني، نشر حصة «النقوط» أو المجاملة في مقال ببوابة يناير التي يرأس تحريرها، مقال المجاملة لا يقل ركاكة وسطحية وأخطاء إملائية ونحوية عن مقال «البلشي» اللقيط، الذي تراجع عنه صاحبه على طريقة «أقسم بالله ما ولادي»، ولكن بعيدا عن ركاكة المقال وحاجته، وربما حاجة صاحبه، للجلوس في مقاعد الدراسة وتعلم القراءة والكتابة والهجاء العربي مرة أخرى، فإن المنطق الذي اشتمل عليه المقال لا يتجاوز حقيقة أنه مجاملة صديق، أو «تعريض» من بدر للبلشي، ولكنه «تعريض التوريط» ومجاملة الدب الذي أطاح قلمه الطائش غير الواعي برقبة صاحبه.

السبع «التايواني» خالد البلشي، هاج وماج و«قل أدبه» وتجاوز في حق الجميع، ونشر حصيلة هياجه في موقع غير موقعه، ثم خرج منكرا علاقته به ومتنصلا منه، ما يعني أنه يتهم «البديل» وإدارته ويتركهم وحدهم فى وجه العاصفة، ولكن الصديق الوفى عمرو بدر خرج مجاملا صاحبه على طريقته الخاصة، وربما دون أن يخبره «البلشي» باستراتيجيته للهروب، فأعاد «بدر» الاستشهاد بمقال خالد البلشي وبعض فقراته، واستعار تعبيراته التي تتهم رئيس الدولة ورئيس البرلمان وبعض رؤساء اللجان النوعية بالبرلمان وعددا من النواب والإعلاميين اتهامات تطال السمعة والشرف ويعاقب عليها القانون، ناسبا كل ما ورد فى المقال وتبرأ منه «السبع التايواني» لصديقه، ومعتبرا الأمر مناط فخر ورفعة، وكأنه لا يلحظ أن «قلة الأدب» ليست من فعل الكتابة ولا أصل المهنة، وأن الركاكة والسطحية والكتابة الغثة لا يمكن أن تكون مناط فخر، ولا يمكن أن يُقبل الأمر إلا فى إطار «تعريض» الصديق لصديقه، وليستر الله في باقي حقوق «البلشي» لدى بدر.

الغريب أن موقف عمرو بدر يكشف عن حقيقة مستفزة، وهي أن هناك دوائر من الصحفيين والناشطين والسياسيين، تعمل في المجال العام بمنطقة الجمعية التي تدور بين الأصدقاء، في المال والتصريحات والظهور الإعلامي، وفي «التعريض» أيضا، عمرو بدر يرد الجميل لخالد البلشي، لا يساند قيمة ولا مبدأ كما يحاول إيهام قارئ مقاله الركيك، فالرجل حصل من قبل على مجاملة شخصية من «البلشي» على حساب مهنة الصحافة وبيتها النقابي، عندما أقنعه عضو المجلس السابق بالبقاء في مقر النقابة وعدم تسليم نفسه للأجهزة الأمنية، وكان مطلوبا ضبطه وقتها، وبعد إقناعه بالأمر وتأمين دخوله للنقابة سافر إلى المملكة المغربية، وكانت النتيجة اضطرار الأجهزة الأمنية لاقتحام النقابة وضبط «بدر»، وهو ما أحدث أزمة كبيرة وقتها، في مايو 2016، وبفضل هذه الواقعة حصل عمرو بدر على شهرة كبيرة منحته فرصة دخول مجلس إدارة نقابة الصحفيين، بينما خرج «البلشي» مطرودا عقابا له على ما فعله بالبيت الصحفي، ولكن جميلته لصديقه عمرو بدر لم تذهب هباء، والرجل يرأس تحرير موقع مجهول «تحت بير السلم»، ويتمتع بعضوية مجلس النقابة، تماما كما كان حال البلشي قبل سنة من الآن، ويمكنه أن يرد المجاملة و«يعرض» لصديقه على حساب المهنة والنقابة والقيم والمبادئ، لا شىء أهم من العلاقة الإنسانية والوفاء بحق الصديق على صديقه، وليذهب كل شىء إلى الجحيم، حتى ولو كان إتقان المجاملة نفسها، و«التعريض» بوعي وكفاءة وأسلوب جيد، المهم أن يرد المديون ديونه للدائن الهمام والمناضل الهزبر والسبع الذى لا يُشق له غبار، حتى ولو كان الرد على طريقة «الدب اللي قتل صاحبه التايواني».                        

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق