أزمة الرسوم القضائية.. 200 مليون جنيه مقابل أتعاب المحاماه لدى وزارة العدل

الإثنين، 17 يوليو 2017 05:40 م
 أزمة الرسوم القضائية.. 200 مليون جنيه مقابل أتعاب المحاماه لدى وزارة العدل
وزارة العدل - ارشيفية
هبة جعفر

 
يبقي تحصيل الرسوم القضائية من الأزمات التي دائما تواجه وزارة العدل خاصة أنها تعمل منذ فترة علي زيادتها من أجل مضاعفة مواردها ولكن دائما ما يصاحب الحديث عن زيادة الرسوم أزمة لانه سيتم تحصيلها من جيوب المواطنين والمتقاضين وبالتالي فهي تزيد من الأعباء المالية الأمر الذي يؤجل رفع الرسوم القضائية ولكن تبقي أزمات فرض الرسوم مستمرةخاصة بعض الرسوم الملغاة بموجب الأحكام القضائية ومازالت تحصل حتي الآن، ونرصد في هذا التقرير تعريفها وأبرز الرسوم القضائية المفروضة علي القضايا وكيفية تحصيلها.

الكتاب الدوري رقم 2 لسنة 2009 ملغي بحكم القضاء يحصل في المحكمة
 
 أصدر المستشار ممدوح مرعى وزير العدل الأسبق الكتاب الدورى رقم 2 لسنة 2009 للمطالبة بالرسوم القضائية في حالة رفض الدعوى ، سقوطها أو عدم القبول بحيث تغل يد المتقاضين عن رفع الدعاوى وتخفيف العبء علي المحاكم فلم ينظر وزير العدل إلي مصلحة المتقاضين بل كان كل هدفه جمع الأموال من جيوبهم لمنعهم من إقامة الدعاوى ، الغريب فى الأمر ان رغم صدور أحكام قضائية من محكمة النقض ومجلس الدولة بعدم قانونية الرسوم وأنها لم تصدر بقانون وتعد فى اطار الجباية المفروضة علي المتقاضين إلا أن المحاكم مازالت تقوم بتحصيلها, وقد خضع لها عدد من المتقاضين  ومنهم على سبيل المثال قضاة تيار الإستقلال في قضيتهم ضد وزير العدل السابق أحمد الزند في النزاع علي أرض بورسعيد حيث طالبتهم المحكمة بدفع ما يقرب من 6 مليون جنيه بعد رفض الدعوى كما تعرضت المذيعة نضال الإحمدية لنفس الأمر فقد طالبتها المحكمة بدفع نصف مليون جنيه عبارة عن رسوم وخدمات رغم أنها لم تخسر الدعوى وكذلك نائب رئيس محكمة النقض الذي لجأ إلي قضاء مجلس الدولة لإلغاء مطالبة المحكمة له بمبلغ مليون جنيه في الدعوى التي أقامها ضد أحد البنوك. 
وفتح الرسم الملغى بحكم القضاء الطريق أمام كافة الرسوم القضائية التى تفرضها  وزارة العدل منذ إيداع الدعوى في المحكمة حتى الحكم فيها وكذلك في حالة الإستئناف لتجد ان الطريق طويل وملغوم بالعديد من الرسوم التى تهدر حقوق البسطاء من المتقاضين في إقامة الدعوى لأنهم لا يملكون الأموال لرفع الدعوى للمطالبة بحقوقهم بالإضافة الى مصير تلك الأموال التى تتحصل عليها المحاكم .
 
وكشف ياسر سيد أحمد المحامي، أن هذا الكتاب الدورى مخالف للقانون والدستور وذلك لمخالفته لصريح نص الفقرة الأخيرة من المادة 9 من قانون الرسوم القضائية التى نصت صراحة على وفى جميع الأحوال يسوى الرسم على اساس ما حكم به " ولم تقرر المادة المطالب به ، كما أنه مخالف لنص المادة 68 من الدستور التى تنص على " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الإلتجاء لقاضيه الطبيعى " .
 
وأضاف المحامي، أن الكتاب الدورى يعد من قبيل القررات الإدارية ومن ثم يجوز الطعن عليه أمام القضاء الادارى لهذين السببين  وقضت بالفعل المحكمة منذ سنوات بإلغاءه ولكن قلم التنفيذ مازال يتعنت مع المدعين ويطالب بالرسوم النسبية والخدمات مطالبا بضرورة تعديل القانون لإن التطبيق يتم وفقا لما يراه قلم الكتاب والمطالبة والقانون محدد الطرق و النسب لكنها مرتفعة جدا و مليئة بالأخطاء لدرجة إن فى قضايا إيجارات بسيطة وصلت الرسوم لمبلغ غير طبيعية تصل لملايين ويتم إلغاءها بعد أحكام قضائية. 
تعريف الرسوم القضائية وتحصيلها
 
وقبل الخوض في تفاصيل الرسوم لابد من معرفة ما هي الرسوم القضائية, وهى المبالغ التى تحصلها الدولة عن طريق قلم الكتاب فى المحاكم من أطراف الدعوى مقابل الاستفادة من خدمات مرفق القضاء سواء تمثلت فى الفصل فى المنازعات أو طلب إتخاذ إجراء يتعلق بحماية حق لطالبه. 
تفرض الدولة رسوماً قضائية على الدعاوى يتم إقتضائها على ثلاث مراحل ،الأولى  عند رفع الدعوى حيث يلتزم المدعى بسداد ما حددته المادتين الأولى و التاسعة من القانون 90 لسنة 44 وتعديلاته بالقانون 126 لسنة 2009 ،الثانية أثناء تداول الدعوى مثل رسوم إنتقال المحكمة أو الشهود و أتعاب الخبراء و يلتزم بها المدعى أو من تلزمه المحكمة بأدائها ،الثالثة ويلتزم بها خاسر الدعوى و الذى يلزمه الحكم بسدادها من الخصوم.
وتورد الرسوم القضائية المحصلة للخزانة العامة للدولة ،باعتبارها أموال عامة تستحق للدولة عند استخدام حق التقاضى ،وتتمتع بحق الامتياز العام وحق التنفيذ الجبرى ,كما تعامل أتعاب المحاماة معاملة الرسوم القضائية  و تتمتع بذات الحماية القانونية .

كيفية تحصيل الرسوم القضائية؟
 
وعن عدد الدعاوى القضائية المتداولة فقد كشف المستشار عمر حفيظ مساعد وزير العدل لشئون المركز القومى للدراسات القضائية إن أخر إحصائية أجراتها الوزارة أكدت وجود ما يزيد عن 15 مليون و412 ألف قضية ودعوى متداولة  أمام الجهات القضائية المختلفة ، بينما يبلغ عدد القضاة فى مصر 16 ألف قاض ، موضحا أن الرسوم التي يتم تحصيلها في الدعاوي تكن من اختصاص قلم الكتاب بكل محكمة بتحديد الرسم  المقرر علي الدعوي وفقا للطلبات المقدمة وكذلك تبعا لما نص عليه القانون علي ان تقوم وزارة العدل بتوريد المبالغ الي خزينة الدولة أو من خلال المحكمة فهي أيضا تقوم بتوريد الرسوم إلي خزينة الدولة مباشرة، ويقوم قلم الكتاب بتحصيل  رسوم الاشهارات والعقود والصور والملخصات والشهادات والكشف والترجمة  مقدما وإذا استحقت رسوم تكميلية على هذه الأوراق كان أصحاب الشأن متضامنين فى تأديتها وفي حالة الحكم يحدد القاضي المصروفات القاضى حسب الأحوال بناء على طلب قلم الكتاب ويعلن هذا الأمر للمطلوب منه الرسم.

حجم الأموال التي يتم تحصيلها 
 
وعن حجم الأموال التي يتم تحصيلها من وراء الرسوم أكد مساعد الوزير فقد وصل اجمالى المبالغ التى تم تحصيلها من قطاعات وزارة العدل خلال العامين الماضيين مايقرب من خمس مليارات جنيه تم توريدها جميعا الي وزارة المالية  للتمكن من اضافتهم الي ميزانية وزارة العدل ،  بلغ مستوى التحصيل بالنسبة للمحاكم والمطالبات القضائية  مبلغ 1,5 مليارجنيه  ، أما  مستوى التحصيل فى قطاع الشهر العقاري والتوثيق فقط بلغ 2 مليار جنيه  وعن تحصيل رسوم الزواج والمأذونية فقد بلغت 698 مليون جنيه بالإضافة الي 200  مليون جنيه رسوم اتعاب المحاماه ، هذا إلى جانب تحصيل مستحقات الدولة نتاج التصالح مع رجال الأعمال وفقا للمادة (18) مكرر من قانون الاجراءات الجنائية والتى بلغت ما يقارب 700 مليون جنيه . 
وهناك رسوم تكميلية يتم إرسالها لوزارة العدل وهي الخاصة بتطوير المحاكم وبناء الاستراحات وتجاوز المليار ونصف  ، كما إنه في بعض الحالات تقضي المحكمة برد الرسم المقرر وذلك في حالة التصالح في الدعوي ، ويوجد رسم الأتعاب التي تقدر للخبراء الموظفين تأخذ بعد الفصل فى الدعوى وتضاف للخزانة العامة .
وعن الرسوم التي تحصل لصالح صندوق الخدمات الصحية والعلاجية للقضاة فيتم فرضها بموجب القانون رقم 36 لسنة 1975 ينص على فرض رسم خاص أمام المحاكم ومجلس الدولة يعادل نصف الرسوم القضائية الأصلية، تؤول حصيلته إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية للقضاة.
اما أموال الكفالات والغرامات التى يتم دفعها من المتهمين تودع فى الخزينة الخاصة بالمحكمة ثم ترسل إلى وزارة المالية المختصة بتحصيل الرسوم الخاصة بالدولة والتى بدورها تحدد ميزانية وزارة العدل فيما بعد فيوجد فى كل محكمة مراقب مالى يتبع لوزارة المالية يرصد جميع الرسوم القضائية التى يتم تحصيلها بالمحكمة ثم يرسلها إلى حسابات وزارة المالية بالبنك المركزى.

أزمة أتعاب المحاماة 
 
وعن اتعاب المحاماه فقد أوضح المستشار عمر، أنه تم حل الأزمة السابقة بالإتفاق مع نقيب المحامين موضحا أن المحكمة تحصل رسم اتعاب المحاماة علي أن يتم توريده إلي وزارة العدل التي تقوم بدورها بتوريده إلي نقابة المحامين وأن الوزارة قامت بتسليم النقابة مبلغ 207 مليون جنيه علي أن يتم توريد مبلغ 200 مليون خلال الفترة القادمة وأن النسبة المقررة تصل ما بين 15% الي 20% كانت تورد في السابق لوزارة المالية ولكن تم الاتفاق علي أن يتم توريدها من الوزارة مباشرة الي نقابة المحامين .

أنواع الرسوم القضائية 
 
وعن طبيعة الرسوم التي تحصل علي الدعوي القضائية منذ رفعها فقد حدد القانون عدد من الرسوم يتم تحصيلها فى كافة أنواع الدعاوى "مدنية ، جنائية ، أحوال شخصية " ونجد انها تنقسم الي نوعين رسوم أصلية و أخرى تكميلية وتتضمن الرسم الإصلى  ثلاث بنود رسم نسبى  بمعنى أنه نسبة معينة فى المائة من قيمة الطلبات المقدمة والمعلومة القيمة ، ورسم ثابت أى مبلغ محدد يفرض على الدعوى أو الطلب متى كان الطلب مجهول القيمة ولا يمكن تقدير قيمته سواء بحسب طبيعته أو بحسب ظروف الدعوى ، وكذلك رسم مقرر وهو رسم يفرض بواقع أصل الأمر أو أوراق الإعلان ويتعدد بتعددها , كما يفرض على طلب الشهادات والصور والأوامر الغير متعلقة بدعوى .
أما الرسوم القضائية التكميلية فهى تتضمن رسم إضافى لدور المحاكم  ويخصص هذا الرسم لإنشاء وصيانة وتأسيس دور المحاكم ولإستراحات القضاة  وتخضع هذه الرسوم لجميع الأحكام التى تسرى على الرسوم الأصلية ، أما رسم الخدمات  وهو رسم خاص يعادل نصف الرسوم القضائية الأصلية المقررة فى جميع الأحوال ويكون له حكمها ،وأخيرا رسم الدمغة وهو المفروض بالقانون  2  لسنة 1993 .
بدأ تطبيق قانون الرسوم القضائية في عام 1944 وتم تعديلها مرتين الاولى في 2009 ثم في 2014 حيث تم رفع قيمة الرسوم المقررة علي الدعوى على خلاف أنواعها 
ويعد تقدير الرسوم القضائية والكتاب الدورى لوزير العدل رقم 1و2 لعام 2009 من أكثر الرسوم المثيرة للغط فهي غير قانونية وصدرت أحكام بالغاءها ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تقديرالرسوم القضائية يكون على أساس المحكوم به أم المطلوب به؟ وللإجابة علي التساءل لابد من الرجوع للقانون فمع صدور القانون رقم 126 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قوانين الرسوم القضائية فكان من بين المواد المعدلة المادة (9) والتى تنص على لا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من ألف جنيه فى الدعاوى التى لاتزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من ألفى جنيه فى الدعاوى التىتزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه , ولاتحصل الرسوم النسبية على أكثر من خمسة آلاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على مائة ألف جنيه ولاتجاوز مليون جنيه ولاتحصل الرسوم النسبية على أكثر من عشرة آلاف جنيه فى الدعاوى التى تزيد قيمتهاعلى مليون جنيه ،وقررت الفقرة الأخيرة منها " وفى جميع الأحوال يسوى الرسم على اساس ما حكم به ".
 
ووفقا لنص هذه الفقرة الاخيرة يتم تسوية الرسوم القضائية على ما حكم به أى على المقضى به فى الحكم فاذا كان المطلوب فى صحيفة الدعوى مليون جنيه وقضت المحكمة بمبلغ مائة ألف جنية يتم تحصيل الرسوم على المائة ألف جنيه وعلى ذلك إذا لم يقضى بطلبات المدعى فيها وقضى فيها بالرفض أو عدم القبول أو سقوط الحق فى الدعوى ،لا يحصل أيه رسوم إضافية بإعتبار أن منطوق الحكم فى هذه الحالة لم يقضى بأية طلبات ومن ثم لا تحصل رسوم سوى ما تم تحصيله عند رفع الدعوى ما لم يكن هناك فوارق رسوم.
 
وكشفت مصادر قضائية إن التعديلات الأخيرة التي تمت علي قانون الرسوم القضائية ضاعفت كافة الرسوم المنصوص عليها بقوانين الرسوم على المواد المدنية والجنائية وأمام محاكم مجلس الدولة، مؤكدة على أن بعض الرسوم التي اقترحتها الحكومة في تلك التعديلات تبنت مضاعفتها ما بين مرتين وثلاثة مقارنة بالنص القديم ولكنها لم تبطق حتي الأن ومازالت المحاكم تطبق قانون 2009 
ومن النماذج الساخرة علي تطبيق هذه الرسوم نجد إن صاحب عقار رفع دعوى فسخ عقد إيجار لعدم سداد الأجرة وكانت قيمة الأجرة المتأخرة 600 جنيه وقد حكمت المحكمة بالرفض، ثم قدرت الرسوم 20 ألف جنيه لان قيمة الدعوى تم حسابها على أساس أن العقد مدته 59 عام  في حين أن الشقة  ذاتها لاتساوى مبلغ المطالبة وقام طلب قلم المطالبة بالحجز علي الشقة لعدم التنفيذ .
 

اقرأ أيضا
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق