ديكتاتورية الديمقراطية الإسرائيلية المتطرفة

الجمعة، 28 يوليو 2017 09:49 م
ديكتاتورية الديمقراطية الإسرائيلية المتطرفة
بقلم: د هدى درويش

تثبت إسرائيل كل يوم أنها دولة عنصرية، لا تؤمن بالحوار أو التعايش السلمى، ولا تأمن لأحد، وتتعامل بعقيدة ملؤها الضرر والكراهية، فلقد أقدمت إسرائيل مؤخرًا وكعهدها، على جريمة الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك وانتهاك القدس الشريف، مستغلة شتات الأمر والاختلاف بين العرب والنزاع بين الفلسطينيين، وكذلك الحروب المستوردة ومعضلة مواجهة الإرهاب داخل البلدان العربية وانشغال كل بشأنه. وتصورت أن الإرادة السياسية العربية والشعبية غائبة ومغيبة، فوجدت فى هذا فرصة سانحة تستخدم فيها التسلط والاستبداد والانفراد بالرأى، في دكتاتورية بغيضة تنكر الآخر وحقه في الحياة، وتنكر الأديان ومقدساتها، وتأخذ التشريد والهدم والقتل والتنكيل منهجا، في حين تروج ليل نهار بما وقع على اليهود من مظالم.
 
حقا هناك فجوة تسليحية هائلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فيما يختص بالصراع والمقاومة، لكن هل هذه الفجوة يمكن ان تكون عائقًا أمام إرادة شعب؟ هل تتغلب هذه الفجوة على عنصر العقيدة والايمان المنبعث من النفوس، هل تقف هذه الفجوة أمام حائط الصد القتالى الذى يثير الصدور للدفاع عن أرضه وعن دينه ومقدساته وحريته العقدية، إنها المعادلة غير المتوازنة والتي ما يبقيها حتى اليوم سوى المشيئة الإلهية والتي تنهى عن قتل النفس التي حرمها الله، ولا ترضى بمنع الصلاة في مكان مقدس أقامه المولى للعبادة واللجوء إليه.
 
هل أعمال الحصار، وحظر التجوال، ومنع الصلاة، والاعتقال، والتخريب، والتجويع، والظمأ والتهجير والقمع والترهيب ووقف مصادر الحياة يرضى بها دين أو رسالة سماوية، أو حتى القوانين والأعراف الإنسانية.
 
إن ما تمر به القضية الفلسطينية من أحداث قديمة ومتجددة تضع كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلى أمام مسئوليات خطيرة، فيتحتم على الجانب الفلسطيني تحقيق التوحد والتكتل والتضامن الشعبى الداخلى وإنهاء حالة الانقسام بشكل عاجل بين حماس وفتح، وإقصاء كل أنواع الخلاف والوقوف صفًا واحدًا تحت قيادة واحدة، والمضى قدمًا نحو إقامة الدولة الفلسطينية، بالإصرار والعزيمة والدفاع المتواصل، وهو محقق في كل أبناء هذا الشعب المكافح والمناضل الذى روى ويروى بدمائه الغالية كل حفنة تراب على أرضه.
 
وعلى الجانب الإسرائيلي الذي يزعم أنه واحة الديمقراطية وغيره من الدول العربية ؛ هو غابة من الديكتاتوريات، فليحكم عقله وليسأل نفسه: ما تلك المكاسب التي عادت اليه من خلال تصرفاته وأعماله، هل أحرز الأمن والطمأنينة والاستقرار لشعبه؟ إن عليه مواجهة الحقيقة الثابتة، وهى ان أرض فلسطين ليست ملكه وليرجع لأصولها التاريخية بعيدا عن التزييف الذى يصدره للعالم، إنها أرض فلسطين، أرض المقدسات السماوية، أرض المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة، هي أرض مقدسات المسلمين والمسيحيين.
 
وليعى ان الإسلام يعترف بالديانة اليهودية، ويذكر التوراة بأنها نور أنزله الله ويحترم أنبياء بنى إسرائيل ويجلهم، كما ان المسيحية امتداد لليهودية، وتلك هي الرسالات السماوية التي أنزلها الله للبشر جميعا فهل يعترف الإسرائيليون أو الصهاينة بالإسلام وحق المسلمين والمسيحية ورسالتهما السماوية.
 
إن كل يوم يثبت ضراوة وشجاعة المجاهد الفلسطيني ودفاعه عن حقه في أرضه وممارسة عبادته بحرية وعزة وكرامة. وقد شهد العالم بتلك الإرادة والعزيمة في صمود وقوة المرابطين من الرجال والنساء والأطفال خارج الأقصى حتى تم الفتح والنصر على العدوان الغاشم.. أما ما فعلته إسرائيل من إجراءات وقيامها بإزالة البوابات التي وضعتها في المسجد وكذلك رفع كاميرات المراقبة والمتابعة ما هو إلا دلالة على قوة الحق التي نطالب بها وكذلك عدم قدرة اسرائيل على الصمود أمام الغضبة الفلسطينية الشعبية وأيضا التعاطف العربى والدولى مع القضية الذى قد يفرض علي إسرائيل عقوبات لا تأمن عواقبها.
 

 

د هدى درويش

أستاذ ورئيس قسم الأديان بجامعة الزقازيق

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق