إسحاق..البشارة التى حملها الملائكة الثلاثة

الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 09:00 م
إسحاق..البشارة التى حملها الملائكة الثلاثة
صورة
أيمن شعبان

بدأت قصة سيدنا إسحاق ابن النبى إبراهيم، قبل ولادته بفترة، عندما جاءت ملائكة الله يحملون البشارة لإبراهيم عليه السلام، الذى بلغه الكبر، وامرأته سارة  العجوز.
 
 نزلت الملائكة الثلاثة (قيل إنهم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل) بصورة آدميين مسافرين، وكانوا فى طريقهم إلى قرى لوط عليه السلام ليقيموا الحجة على أهلها، فلما مروا بإبراهيم عليه السلام طلبوا إليه أن يستضيفهم فى بيته، ففعل، إذ كان معروفا بالكرم وحسن استقبال الضيف.
 
 جاء  إبراهيم بعجل حنيذ «مشوى» لضيوفه، فلما قدمه إليهم، لم يأكلوا، ولم تمتد أياديهم إليه، فدخل الخوف إلى قلبه، وخشى أنهم لن يأكلوا من طعامه لأنهم يضمرون السوء له، فطمأنوه، أن الملائكة لا تأكل ولا تشرب، ثم بشروه بميلاد إسحاق عليه السلام. 
 
وعقِب هذه البشرى تعجب إبراهيم عليه السلام من أن يولد له ولد وقد بلغ من الكبر عتيا، ثم إن امرأته سارة عاقر، لكن إرادة الله تعالى فوق كل إرادة: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ، قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ، قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَنْ مَسَّنِى الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ، قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ، قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ».
 
أما امرأته عليه السلام، فقد كانت تسمع ما يدور من الحديث بين زوجها وهؤلاء الضيوف، وبلغ منها العجب مبلغا، إذ كيف تلد وهى عجوز، وكيف لبعلها ذلك وهو شيخ كبير،؟ يقول جل فى علاه فى محكم تنزيله: {فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ».
وأخبروه بأن الله قد أرسلهم ليقيموا الحجة على قوم لوط.{وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ }.
وُلد إسحاق ولأبيه مائة سنة، بعد أخيه إسماعيل بأربع عشر سنة، وكان عمر أمه سارة حين بشرت به تسعين سنة، قال الله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ}.
 ومن تمام كرم الله تعالى، أنه لم يبشره بأى غلام، بل بشره بنبي صالحٍ مباركٍ عليه، فهكذا يجود الله تعالى على أنبيائه وأصفيائه، فيختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
 
وقد ذكر النبى صلى الله عليه وسلم أن سلسة ذرية إبراهيم وإسحاق «سلسلة كرام»، إذ حوت أنبياء الله تعالى يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام، فقد جاء فى حديث أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ الكَرِيمَ بْنَ الكَرِيمِ بْنِ الكَرِيمِ بْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنَ إِسْحَق بْنِ إِبْرَاهِيمَ».
وذُكر أن إسحاق عليه السلام لما أكمل الأربعين سنة من عمره تزوج، فأنجبت له امرأته توأما، هما يعقوب عليه السلام الذى يسمى بإسرائيل، وهو من ينتسب إليه بنو إسرائيل وبنى بيت المقدس، ومن ذريته تناسل الأنبياء، فكان ممن ولد له يوسف عليه السلام، ومن ذريته أرسل الله تعالى الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام، أما الولد الثانى فهو عيصو، وقيل إنه والد الروم.
 
ومما قيل أيضا، إن إسحاق عليه السلام كان يميل قلبه إلى حب عيصو أكثر من غيره، وكان عليه السلام يحب لحم الصيد، وحدث أن طلبه مرة، فذهب عيصو ليأتى له به، فسبقه يعقوب عليه السلام، وجاء له بذلك اللحم، فدعا إسحق ليعقوب بالبركة والذرية، ولما جاء عيصو وعرف ذلك، نزغ الشيطان بينه وبين أخيه يعقوب عليه السلام، وغضب من ذلك، وتفاقم الأمر إلى أن وصل إلى تهديده بالقتل.
 
 خاف يعقوب عليه السلام من أن يبطش به أخوه، وترك البلاد وهاجر منها لسنوات طوال كثرت فيها أمواله، وزادت عياله، بعدها أراد أن يصلح ما بينه وبين أخيه، فأهدى إليه خيرا كثيرا من الإبل والمال ما يطيب بها خاطره، فرضى عيصو وطابت نفسه على أخيه، ورجع يعقوب عليه السلام إلى أبيه وأخيه ليعيش معهما، وذكر أنه لما كبر إسحاق عليه السلام، أصابه المرض ومات عن مئة وثمانين عاما، ودفنه ابناه.
 
وسلسلة نسل إسحاق عليه السلام، تتسم بالشرف، فمن سلالته يوسف عليه السلام الذى أوتى شطر الحسن، والناس يدخلون الجنة على صورته، كما أن الله تعالى يمن على العباد الصالحين، فكما منَّ على زكريا بنبى الله يحيى بعد أن بلغه الكبر، منَّ على إبراهيم بإسحاق نبيا من الصالحين، بل زاد على ذلك بأن بشره بحفيد نبى وهو يعقوب عليه السلام، إن خير ما يخلف الإنسان على نفسه وأهله الذرية الصالحة، وفى ذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
 
ذكر فى كثير من الإسرائيليات،أن إسحاق هو الذبيح، وهو أمر خاطئ، وتزوير فى التاريخ والحقائق الثابتة، فالذبيح هو إسماعيل عليه السلام ابن إبراهيم عليه السلام من زوجته هاجر، أما إسحاق عليه السلام فهو أصغر منه ومن زوجته سارة.
 
 واستدل محمد بن كعب القرظى بقوله تعالى { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}، على أن الذبيح هو إسماعيل، لأنه لا يجوز أن يؤمر إبراهيم عليه السلام بذبح إسحاق، بعد أن وقعت البشارة، قبل ولادته، بوجوده ووجود ولد من صلبه هو يعقوب عليه السلام المشتق من العقب من بعده.
فكيف سيكون الاختبار الإلهى لإبراهيم، إذا علم أن من سيذبحه سيكبر، ويكون له ولد، وهذا أمر لا يستقيم والمنطق والعقل؟!
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق