خصخصة السكة الحديد.. كل الطرق تؤدي إلى روما

السبت، 09 سبتمبر 2017 10:00 ص
خصخصة السكة الحديد.. كل الطرق تؤدي إلى روما
خصخصة السكة الحديد
محمد أبو ليلة

 
حادث قطاري الإسكندرية الذي وقع مطلع الشهر الماضي وراح ضحيته ما يقرب من 50 شخصا إضافة لإصابة العشرات، كان نقطة الدفع لتفكير المسؤولين عن وزارة النقل في «خصخصة السكة الحديد»، فحسب حديث وزير النقل والمواصلات، الدكتور هشام عرفات، لأعضاء مجلس النواب، أن هناك إعداد لتعديل قانون هيئة السكك الحديدية بشكل يسمح بإشراك شركات القطاع الخاص في إدارة الهيئة.
 
فكرة «خصخصة السكة الحديد»، كانت ترواد الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011، بسبب محاولة لسد عجز الموازنة الذي يتزايد سنويا نتيجة لخسائر هيئة سكك حديد مصر التي وصلت إلى أكثر من 40 مليار جنيه، وجاء حادث قطاري الإسكندرية ليعجل بالخصخصة.

خسائر متتالية:

فبدلا من أن تكون هيئة سكك حديد مصر من مصادر الدخل القومي، أصبحت عبئًا على الموازنة العامة للدولة، بينما تتوقع أن تصبح الخسارة فقط هذا العام 5 مليارات جنيه لهيئة سكك حديد مصر، وكشف تقرير من لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، عن موازنة العام المالي الجاري، أن هيئة السكة الحديد تستحوذ وحدها على 41.8% من خسائر الهيئات الاقتصادية، التي تقدر بنحو 11.9 مليار جنيه.
 
كما تُقدر مصروفات وتكاليف النشاط التجاري للهيئة خلال العام المالي الجاري بحوالي 9.3 مليار جنيه، في حين تقدر إيراداتها الجارية بنحو 4.3 مليار جنيه بعجز مالي يصل إلى 5 مليارات جنيه.
 
وعلى الرغم  من أن مفهوم الخصخصة في مصر لا يزال سيء السمعة، بسبب ارتباط كلمة  الخصخصة برفع سعر الخدمة، وتسريح العمالة، إلا أنه لا يوجد حلول بديلة لتقليل  خسائر هيئة سكك حديد مصر سوى بـ «الخصخصة»،  بشرط ألا يؤثر  ذلك  على سعر الخدمة أو العمالة.

 
مجلس النواب يعترف: «الخصخصة واجبة»

وقال رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، سعيد طعيمة، إنه لا بد من إسناد إدارة مرفق السكة الحديد لشركات أجنبية، موضحا في تصريحات خاصة أن الأمر مرهون بتعديل قانون السكة الحديد، لأنه لا يسمح بإدخال إدارة أجنبية للهيئة.
 
وقال إن لجنة النقل التي يترأسها ستناقش تعديل قانون هيئة السكة الحديد في دور الانعقاد الثالث الذى ينطلق مطلع أكتوبر المقبل، مشددا على أن هناك شركات متخصصة على مستوى العالم ولديها دراية وخبرة كبيرة فى عدد من المهام.
 
في السياق أكد عضو اللجنة التشريعة بمجلس النواب، عبد المنعم العليمي، أنه لا يوجد مانع لإتاحة الاستثمار للقطاع الخاص في السكك الحديد لكن بضوابط.
 
وأضاف لـ «صوت الأمة»، أنه مع فكرة الخصخصة ولكن بشرط ألا يزيد رأس مال القطاع الخاص فيها عن 49%، على أن تكون الإدارة للجهة الحكومية منفردة، ويبقى دور القطاع الخاص الاستثمار فقط، وطالب بصدور قرار سيادي يلزم وزارة التموين بنقل السلع الخاصة بها من خلال السكك الحديدية لتنشيط العمل التجاري بهذا القطاع.
 
ورأى اللواء حسن محمد السيد، عضو مجلس النواب، أن الاستثمار الأجنبي في هيئة السكك الحديدية يجوز في حالة الإدارة فقط، مضيفا أنه لا بد من خصخصة 40% فقط من قطاع هيئة السكة الحديد، «لا نريد احتلال الشركات الأجنبية  للهيئة لأنه مشروع قومي وليست نقل عام»، حسب قوله.
 
وأشار إلى أن إبرام عقد تنفيذ مشروع القطار المكهرب «السلام– العاصمة الإدارية الجديدة– العاشر من رمضان»، يُعتبر خطوة ناجزة في تطوير قطاع هيئة السكة الحديد.
 
2017_8_20_15_8_25_666
 
 
 
الخصخصة نجحت في اليابان

هناك أكثر من 26 دولة حول العالم اتخذت قرارات بخصخصة السكة الحديد، كانت تجربة اليابان هي الأوضح، فبعد أن كانت السكك الحديدية اليابانية تقتصر على شركة واحدة وطنية، تم خصخصتها في عام 1978، أصبحت هناك 200 شركة خاصة وشبه خاصة تنافس في تشغيل السكك الحديدية اليابانية.
 
خسائر السكك الحديدية في اليابان قبل الخصخصة وصلت لتريليون ين ياباني حسب بيانات البنك الدولي، لكن الخصخصة جعلتها تدخل خدمات جديدة وسريعة، وخلقت مناخا أكثر مرونة للاستثمارات مثل المنشآت التجارية في محطات القطارات والعقارات، حيث وصل إجمالي أرباح هذه الخدمات لـ 60% حسب تقارير البنك الدولي.
 

خصخصة القطارات في بريطانيا

تجربة اليابان في «الخصخصة» شجعلت دولة كبرى كبريطانيا أن تسير على هذا النحو أيضا، ففي عام 1984، بدأ تفكير الحكومة البريطانية في ذلك واتخذت خطوات تدريجية كمرحلة أولى للخصخصة تستمر لمدة خمس سنوات، حيث تم بيع مبنى القطارات المسمى وقتها بهندسة السكك الحديد، وقت حكومة مارجريت تاتشر.
 
إلى أن جاء عام 1993 واتخذت الحكومة البريطانية قرارا بالخصخصة الكاملة، وبشكل قانوني من خلال نقل قانون هيئة النقل والسكك الحديدية الجديد، فتم بيع شركات الصيانة هناك لـ 13 شركة، ونقلت ملكية القطارات إلى 3 شركات، وتم منح حق الانتفاع لشركة تشغيل القطارات تحت إشراف الدولة، كما انتقلت ملكية قطارات الشحن إلى شركتين، وهو ما كانت نتائجه، انخفاض تكلفة الضرائب، وانخفاض الأسعار، وتحسين خدمة العملاء، وتنشيط المزيد من الاستثمارات.
 
2017_8_20_15_7_50_10
البنك الدولي والخصخصة

لو اتجهت الحكومة المصرية رسميا إلى خصخصة السكة الحديد فالبنك الدولي هو الجهة التي ستٌمول، حيث طرح البنك الدولي على مصر قرض بقيمة 500 مليون دولار لتطوير وإعادة هيكلة السكك الحديدية، بعد تكرار حوادث القطارات، وبستند البنك الدولي  إلى عدة تجارب ناجحة كان قد مولها في السابق ووفقا لبياناته فإن 26 دولة من الدول النامية قامت بترسية 72 مشروعا من مشروعات البنية التحتية حتى الآن.

التجربة الألمانية والماليزية

عدد كبير من خبراء النقل يرون أن أفضل تجربة خصخصة لهيئة سكك حديد مصر تمت في ألمانيا وماليزيا، فالتجربة الألمانية امتدت إلى صناعة السكك الحديدية نفسها، فيما اشترطت الحكومة الماليزية على المستثمر عدم الاستغناء عن العمالة، مقابل بيع السكك الحديدية بسعر زهيد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق