الدعاة الكاجول من ياسين رشدي إلى عمرو خالد.. المشهد الديني على الطريقة المودرن

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017 02:00 م
الدعاة الكاجول من ياسين رشدي إلى عمرو خالد.. المشهد الديني على الطريقة المودرن
عمر عبد الكافي والداعية ياسين رشدي وعمرو خالد
السعيد حامد

الداعية الجديد شخص تلقى تعليمه الدينى خارج المؤسسة الدينية الرسمية 
عمر عبدالكافى أول من قدم نموذج الداعية فى الملابس الأوروبية الأنيقة واللحية المهذبة وأول من حول نادى الصيد  إلى مركز دينى قوى
جمهوره معظمه شباب ونساء ينتمون للشرائح الاجتماعية الأعلى وفى حاجة لدعم روحى لا يحرمهم من مباهج الحياة
بالصدفة برنامج «الهدى والنور» قدم ياسين رشدى أول داعية «مودرن» على شاشة التلفزيون المصرى وعمر عبدالكافى وعمرو خالد
 
ببذلة أنيقة وخواتم فضية وحذاء شديد اللمعان، يقف الواعظ «المودرن» أمام الجمهور- المتلهف المتشوق لسماعه من خلف شاشات التليفزيون- متحدثا بطريقة «عامية» وغير رسمية، عن الجنة والنار والحساب والأخلاق، ما مكنه بالأخير من السيطرة على العقول واعتلاء منصات الشهرة والإعلام.
 
تبدو ظاهرة الدعاة الدينيين الجدد «المودرن» كجزء مهم من المشهد الدينى والاجتماعى وربما السياسى فى مصر، التى بدأت عقب انحسار نشاط التنظيمات الراديكالية العنيفة ومراجعاتها الفكرية التى أعلنت فيها عن تخليها عن العنف كوسيلة لتغيير المجتمع، قبل أن ترتد وتعود إلى سيرتها الأولى، خاصة مع انحسار وتراجع دور الشيوخ القدامى ذوى الهيئة والخلفية الأزهرية.
 
من هم الدعاة الجدد؟
إن أسهل تعريف للدعاة الجدد، هو أنهم ليسوا أولئك الدعاة القدامى، ويبدو هذا التعريف جامعا مانعا، فهم ليسوا أولئك الدعاة الأزهريين الذين يلتزمون بالزى التقليدى وبلغة الخطاب التراثية القديمة، وبموضوعات من المؤكد أنها لا تهم الاثنين معا.. كما يقول الكاتب وائل لطفى فى كتابه «ظاهرة الدعاة الجدد» الحاصل على جائزة الدولة التقديرية. الدعاة الجدد إذن ليسوا دعاة الأزهر، حتى ولو تخرج بعضهم منه، وهم بالتأكيد ليسوا أولئك الدعاة السلفيين، الذين ينتشرون فى مساجد الأحياء الشعبية الفقيرة بلحى غير مهذبة، وثياب باكستانية وخطاب ملىء بالزجر والتخويف ومفرط فى سلفيته متزمتة، ومعاد للحكومة، ولمظاهر التطور الغربية فى المجتمع، الدعاة الجدد ليسوا أولئك ولا هؤلاء، من هم إذن؟ وكيف ظهروا؟ ولماذا تُقبل الشرائح الاجتماعية العليا على خطابهم؟ 
 
نشأة «الدعاة الجدد»
ظاهرة الدعاة الجدد ليست وليدة السنوات الأخيرة فى مصر، ورغم أن الظاهرة قد بلغت ذروتها فى السنوات الأخيرة مع تزايد أعداد الجمهور، وانتشار الصالونات الإسلامية ودروس المساجد، ثم القنوات الفضائية كوسيط إعلامى واسع الانتشار إلا أن عمر الظاهرة يعود إلى ما قبل ذلك بسنوات، وربما كانت مناقشة مجلة روز اليوسف فى صيف 2000 لمجموعة من خطب الداعية الأشهر والأكثر جماهيرية بين الدعاة الجدد «عمرو خالد»، وما أعقبه من اهتمام الصحافة المصرية بشتى اتجاهاتها بأمره باعتباره نجما ذا جمهور حقيقى ربما كان هذا هو ما دفع عددا من الباحثين الغربيين إلى الاعتقاد بأن الظاهرة بدأت مع الداعية عمرو خالد، ومن ثم فإن تاريخها مرتبط بتاريخه الشخصى كداعية ظهر فى 1997 ليخلف الدكتور عمر عبدالكافى فى الخطابة بمسجد نادى الصيد أحد أندية الصفوة فى مصر.
 
ورغم أن عمر عبدالكافى، هو بالمعايير العلمية أحد أبرز إرهاصات الدعاة الجدد إلا أنه ليس الأول وإذا اتفقنا على عدد من المعايير التى تحدد ملامح الداعية الجديد سنجد أن الداعية الجديد هو ذلك الشخص الذى تلقى تعليمه الدينى خارج المؤسسة الدينية الرسمية «الأزهر» وهو يعتمد فى ثقافته الدينية إما على التعلم المباشر والتثقيف الذاتى أو على تلقى العلم من أحد الشيوخ فى حلقات العلم فى المنزل.
 
الداعية الجديد أيضا هو مهنى ناجح له عمل مستقل عن كونه داعية، وهو يرتدى الملابس الأوروبية ويقدم خطابا بسيطا يربط الدين بالحياة والمشاكل الاجتماعية، وفضلا عن حسن المظهر والتمتع بالقبول الاجتماعى والقدرة على توصيل المعلومة بسهولة، كما أن أهم ما يميز الداعية الجديد هو جمهوره الذى يتكون معظمه من شباب ونساء ينتمون للشرائح الاجتماعية الأعلى، والذين يبدون فى حاجة لتدين لا يحرمهم من مباهج الحياة التى يملكونها بالفعل، وفى الوقت ذاته يمنحهم نوعا من الدعم الروحى ويجيب لهم عن الأسئلة التى تتعلق بجدوى الحياة أو الفائدة منها.

الأب الروحى للدعاة «المودرن»
يعد الداعية السكندرى «ياسين رشدى» أول أجيال الدعاة الجدد، خاصة إنه حصل على بكالوريوس العلوم البحرية سنة 1952 وشهادة ربان لأعالى البحار عام 1967، ثم تدرج بالوظائف المدنية حتى درجة وكيل وزارة، قبل أن يترك الوظائف المدنية عام 1983 بالاستقالة للتفرغ للدعوة والأعمال الخيرية. لمع نجم «رشدى» بشدة حين قدمته المذيعة المحجبة كاريمان حمزة فى برنامجها الدينى «الهدى والنور» الذى كانت تقدمه على شاشة التلفزيون المصرى، كان ذلك عام 1991 وربما كانت مصادفة أن البرنامج نفسه هو الذى قدم الداعية عمر عبدالكافى ثم عمرو خالد فى سنوات تالية. ورغم أن الداعية رشدى يمارس الدعوة منذ ما قبل عام 1965 إلا أن نجمه لم يبدأ فى الظهور إلا فى عام 1991 بعد أن قدمه التلفزيون المصرى وفتحت له وسائل الإعلام أبوابها وكرمه الرئيس مبارك بوسام رسمى.

عمر عبدالكافى 
ظاهرة الدعاة الجدد إذن ظاهرة قديمة، والداعية الأشهر الآن «عمرو خالد» ليس هو الأول، كما أنه لن يكون الأخير، والأكيد أن الظاهرة قد تطورت ونمت خلال عقد التسعينيات لكن هذا التطور فى خطاب الدعاة الجدد لم يحدث فجأة، وبالتأكيد فإنه لا يوجد خطاب جاهز يمكن أن تطلق عليه خطاب الدعاة الجدد.. وبعض هؤلاء الدعاة قد يختلفون فى سمات ويتشابهون فى سمات أخرى. 
 
ولعل هذا ينطبق بشدة على حالة الدكتور «عمر عبدالكافى» الداعية الأشهر خلال السنوات الأربع الأول من عقد التسعينيات والممنوع من الخطابة حاليا، ولعله أول من قدم نموذج الداعية ذى الملابس الأوروبية الأنيقة واللحية المهذبة وهو بالتأكيد ليس رجل دين تقليديا؛ حيث إنه درس علوم النباتات، وكان حتى عام 1994 يعمل باحثا فى أكاديمية البحث العلمى كما أنه رجل أعمال يملك شركة تعمل فى مجالات استصلاح الأراضى والميكنة الزراعية، كما أنه يملك مدرسة إسلامية خاصة لتعليم اللغات، هو إذن داعية ذو علاقة وثيقة بالأعمال المالية وهو لم يتلق تعليما دينيا منظما، وإن كان قد صرح فيما بعد- حين هاجمته الصحافة واتهمته بعدم التخصص فى الدين- بأنه حصل على الماجستير فى الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق