6 تحديات لمواجهة خطر "الدواعش" العائدين من سوريا والعراق

الإثنين، 25 سبتمبر 2017 03:28 م
6 تحديات لمواجهة خطر "الدواعش" العائدين من سوريا والعراق
داعش
محمود علي

سلطت دراسة عرضها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، الضوء على التحديات التي تواجهها برامج تأهيل العائدين من مناطق الصراع في الشرق الأوسط ، في ظل استمرار الخسائر التي تتعرض لها التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا، حيث عادت بعض عناصرها من جديد إلى دولها الأصلية، وهو ما دفع اتجاهات عديدة إلى التحذير من مخاطر ذلك على حالة الأمن والاستقرار في تلك الدول. ومن هنا اكتسبت البرامج التي وضعتها بعض تلك الدول خلال الأعوام الأخيرة بهدف إعادة تأهيل العائدين من مناطق الصراع أهمية وزخمًا خاصًا، باعتبار أنها قد تمثل آلية مهمة للتعامل مع التهديدات المحتملة التي تفرضها هذه الظاهرة.

وأوضحت الدراسة، أن هناك عقبات عديدة يمكن أن تواجه الجهود التي تبذلها تلك الدول في سبيل إعادة تأهيل العائدين من دول الأزمات، يتمثل أبرزها في التحولات الجديدة التي بدأت تتسم بها ظاهرة الإرهاب ، فضلاً عن تزايد أعداد العائدين، وتعدد وربما تناقض التوجهات الفكرية للتنظيمات الإرهابية التي انضموا إليها.


تجارب لتأهيل العائدين من مناطق الإرهاب

أول هذه التجارب الذي عرضتها الدراسة كانت في تونس، حيث أعلنت السلطات التونسية المكلفة بمتابعة ملف العائدين من مناطق الصراع، في 17 سبتمبر الجاري، عن إعداد برنامج تأهيل للعائدين خاصة من سوريا وليبيا والعراق، وأقرت اعتمادات مالية من أجل تنفيذ ذلك البرنامج، فيما استثنت الإرهابيين الذين ثبت تورطهم في عمليات قتل وذبح وغيرها من العمليات التي تصنف على أنها "جرائم ضد الإنسانية".

كما قرر المجلس البلدي في مدينة الموصل، في 27 يونيو 2017، ترحيل عائلات ينتمي بعض أفرادها إلى تنظيم "داعش" إلى مخيمات لإعادة تأهيلها.

وفي أوروبا وضعت مدينة أرهوس الدانماركية، في ديسمبر 2014، برنامجًا لتأهيل "الأصوليين" من أجل منعهم من تنفيذ عمليات إرهابية أو ارتكاب أعمال عنف، خاصة أن الدانمارك كانت، في ذلك الوقت، إحدى أكثر الدول الغربية التي انضم بعض مواطنيها للتنظيمات الإرهابية في المنطقة.

ولم تكن الدنمارك هو الوحيدة التي قامت بالاعلان عن هذه الرؤية ، بل أكدت صحيفة "اندبندنت" البريطانية، في 20 أكتوبر 2016 الماضي، أن مدينة لوند السويدية تبنت برنامجًا لإعادة تأهيل المتطرفين، يقوم على توفير سكن وراتب شهري ووظيفة وخدمات تعليمية، من أجل إقناعهم بالتخلي عن الأفكار المتطرفة والعودة إلى الاندماج في المجتمع من جديد.


برامج التأهيل

حددت الدراسة اشكال برامج التأهيل التي اختلفت من تجربة لأخرى حسب وضعها، حيث قالت الدراسة أنها لم تعد تقتصر على الإرهابيين فقط، وإنما باتت تركز أيضًا على عائلاتهم، باعتبار أن ما يسمى بـ«الإرهاب العائلي» تحول إلى ظاهرة جديدة تصاعدت حدتها خلال الفترة الأخيرة، وهو ما انعكس في بعض العمليات الإرهابية التي شهدتها بعض الدول الأوروبية ونفذها إرهابيون ينتمون لعائلة واحدة.

كما أن برامج التأهيل بحسب الدراسة باتت تعبر عن اتجاه عالمي عابر لحدود منطقة الشرق الأوسط، بعد أن بدأت بعض الدول الغربية في تبني مثل هذه البرامج للتعامل مع الإرهابيين العائدين من مناطق الصراع، وذلك لاستباق اتجاه هذه العناصر إلى محاولة نشر أفكارها المتطرفة أو تنفيذ عمليات إرهابية ردًا على الخسائر المتوالية التي يتعرض لها تنظيم "داعش" في المنطقة. 

التحديات

أول هذه التحديات هي تزايد عدد المقاتلين الأجانب الذين انضموا للتنظيمات الإرهابية في المنطقة والتي يتراوح عددهم ما بين 27 إلى 31 ألف مقاتل، وبحسب الاحصائيات عاد 30% منهم إلى دولهم الأصلية بداية من عام 2016، بعد تراجع قدرة تلك التنظيمات على الاحتفاظ بالمناطق التي سيطرت عليها الأمر الذي زود من الصعوبات التي تواجه الجهود التي تبذلها بعض الحكومات من أجل التعامل مع هذه الظاهرة، باعتبار أن ذلك يتطلب موارد مالية كبيرة وآليات غير تقليدية لتعزيز القدرة على تأهيل الأعداد الكبيرة من الإرهابيين العائدين.

التحدي الأخر هو تناقض التوجهات التنظيمية والفكرية حيث لا ينتمي العائدون إلى تنظيم إرهابي واحد، بل إلى تنظيمات إرهابية متعددة تتبنى توجهات متطرفة مختلفة، الأمر الذي يصعب من وضع برنامج واحد يمكن من خلاله إعادة تأهيل هذه العناصر، خاصة أن بعض تلك التنظيمات تتباين فيما بينها في التعامل مع كثير من القضايا.

وبحسب الدراسة فأن تبني العائدين أفكار وتوجهات شديدة العنف يمثل تحديًا لإعادة تأهيلهم، لاسيم وان هذا الامر ربما تستغرق فترة ليست قصيرة، باعتبار أن المشكلة لا تنحصر فقط في التوجهات التنظيمية وإنما تمتد أيضًا إلى الآليات العنيفة التي استخدموها خلال انخراطهم في المواجهات المسلحة في أزمات المنطقة.

المعضلة الأخرى هي تفاقم أزمة العائدات من التنظيمات الإرهابية، لاسيما وان زيادة عدة النساء المنضمون لتنظيم "داعش" خلال سيطرته على بعض المناطق في سوريا وشمال العراق، منذ منتصف عام 2014، وهو ما يفرض على الحكومات وضع برامج خاصة بإعادة تأهيل النساء المنخرطات في صفوف التنظيمات الإرهابية، تراعي أوضاعهن الاجتماعية تحديدًا، خاصة بعد أن تزوجت بعضهن من عناصر تنتمي إلى هذه التنظيمات وأنجبن أطفالاً من الممكن أن تسعى الأخيرة إلى استقطابهم في حالة ما إذا لم تسارع تلك الحكومات إلى اتخاذ خطوات إجرائية في هذا السياق.

وقالت الدراسة أن التحدي الأخر هو تحذير اتجاهات عديدة من أن بعض الإرهابيين العائدين قد يتعمدون التظاهر بالتخلي عن الأفكار والتوجهات المتطرفة التي تبنوها خلال فترة انضمامهم للتنظيمات الإرهابية، وهو ما يتطلب طرح آليات جديدة تستطيع من خلالها الجهات المسئولة عن برامج التأهيل تقييم مدى تأثيرها في تغيير هذه التوجهات.

وأوضحت الدراسة أنه لا تبدو إعادة إدماج العناصر الإرهابية داخل مجتمعاتها من جديد مهمة سهلة، باعتبار أنهم سيواجهون رفضًا من جانب تلك المجتمعات، خاصة التي تعرضت لانتهاكات مروعة من جانب التنظيمات الإرهابية، وهو ما يمكن أن يقلص من قدرة بعض تلك البرامج على تحقيق أهدافها.
 
وخلصت الدراسة بالقول، إن التحولات الجديدة التي تشهدها ظاهرة الإرهاب باتت تفرض على الدول المعنية بمحاربته ضرورة وضع برامج غير تقليدية للتعامل مع العائدين من مناطق الصراع، من أجل تعزيز قدرتها على تغيير توجهاتهم المتطرفة والتعامل بإيجابية مع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية التي قد ينتجها ذلك.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة