"تسييس اللطميات" بدعة إيرانية تستغل الشيعة في تمرير مصالحها

الأربعاء، 04 أكتوبر 2017 03:49 م
"تسييس اللطميات" بدعة إيرانية تستغل الشيعة في تمرير مصالحها
لطميات شيعيه - أرشيفية
محمد الشرقاوي

أربعة عشر قرنًا كانت اللطميات الشيعية خلالها عبارة عن سرد قصائدي يتناول سيرة آل البيت عامة، ومال تعرضوا له –حسب آدبيات المذهب الشيعي- من مظلوميات خاصة، غير أنه ومع بداية التوغل الإيراني وانتشار الميليشيات الشيعية في سوريا والعراق، اختلف الأمر تمامًا وتحولت اللطميات إلي آداة شحن تمرر من خلالها طهران ثقافتها العسكرية ومشروعها التوسعي فى المنطقة العربية، في إطار طائفي يتشابه مع الأناشيد الجهادية للجماعات المتطرفة.

بدت اللطميات الشيعية أشبه بالأناشيد التي تنسجها الجماعات الإرهابية وعلى رأسها داعش، وبالتالي أصبح للعمليات العسكرية غطاء ديني، الباحث في الشأن الإيراني محمود جابر يرى أنه هناك حالة استغلال اجتماعي وسياسي للمعزيين الشيعة؛ وأنه من الطبيعي أن تشهد تلك اللطميات اسقاطات سياسية وتوظيفًا للأحداث الموجودة على الساحة لاستقطاب الجماهير المحتشدة في المراسم الشيعية "الأربعينية والعزاء والمحرم".

تاريخ الشعبي العربي زاخر بالقصائد أو الأناشيد الحماسية، التي تستند على سيرة شخصيات ملهمة للبطولة، تخلق منها مثال أعلى في ذهن كل من يستمع لها، وتشعل روح الحماسة في النفوس، مثل سيرة الأولياء عند وآل البيت عند الصوفية، والأبطال الشعبويين – أبو زيد الهلالي وأدهم الشرقاوي-  عند العامة، وقصائد الجهاد عند الأسلاميين السنة، وغيرها.

في هذا السياق وبحسب "جابر" تكمن سهولة تسيس اللطميات الشيعية، لأنها سلوك اجتماعي وليس جزء من الشعائر الدينية، وذات قدر عالي متأثر بالفلكلور ومن الطبيعي أن يتأثر هذا السلوك بفكرة الحدث خاصة في ظل الأحداث الموجودة على الساحة.

بالمتابعة، لم تعد تخلو أي لطميات من عبارات تقول: إن جند إيران هم جند الله وكذلك حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية المقاتلة في العراق وسوريا، وذلك لحشد الهمم وإيجاد رضا شعبي عن سياسات تلك الجماعات، يكمل المتخصص أيضًا في الفرق الشيعية، باعتبار أن إيران هي الراعي الرسمي للمذهب الشيعي، فإنها تعمل على توظيف كافة الروايات واللطميات الحسينية لاحتواء الغضب الشعبي ضدها، وبما يتناسب مع مصالحها في المنطقة.

يوضح "جابر" أن هناك حالة من الغضب في الشارع الإيراني والأوساط الشيعية بسبب سياسات إيران الخارجية في المنطقة، مضيفًا أنها لجأت لمثل تلك الإسقاطات لامتصاص حالات الغضب وإيجاد صبغة دينية لعملياتها في المنطقة.

بدا تسيس اللطميات في عدة مراحل هامة في العقد الماضي، بدأت مع الدعم الإيراني للجيش السوري، وإنشاء بؤر لكيانات شيعية داخل سوريا، على رأسها ألوية "فاطميون وزينبيون وكتائب عراقية"، أيضًا مع دخول ميليشيات حزب الله اللبنانية إلى سوريا رسميًا في 2013، حتى أن قادة الحرس الثوري بدأوا في التواجد داخل حسينيات منهم قاسم سليماني.

في العراق بدت تلك السمة الرئيسية على اللطميات، خاصة مع ارتفاع موجة سقوط القرى الشيعية في قبضة تنظيم داعش الإرهابي، في 2014، زادت وتيرتها مع فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الشيعي آية الله على السيستاني، في يونيو من ذات العام.

فتوى السيستاني كانت بمثابة قوانين منظمة لعمل الحشد تنظم علاقة وتعامل الميليشيا ذات المرجعية الشعية والمدعومة إيرانيًا – تم دمجها كأحد ألوية الجيش العراقي في نوفمبر 2016- مع أهالي المناطق المحررة من تنظيم داعش بالعراق، وتزامنت تلك الفتوى مع تحفيز همم المعذيين والمشاركين في الأربعينات وعاشوراء، ما نتج عنه انضمام مئات الآلاف من الشيعية إلى ميليشيات الحشد الشعبي العراقية.

في أغسطس 2016، أعلنت إيران عن تأسيس ما أسمته الجيش الشيعي الحر، باعتبارها المدافع الأول عن المذهب الشيعي في العالم كله، الأمر الذي تزامن مع حسينيات تتحدث عن ما أسموه "جند الله".

الأمر لا يقتصر على إيران وحدها، محمود جابر أكد ذلك، وقال إن أغلب الجماعات تستغل الدين في كسب تعاطف ديني، وإصباغ صبغة دينية على عملياتها الإرهابية كما يفعل داعش، مضيفًا أن الأمر لا يقتصر على جماعات بل هناك دول بأكملها تفعل ذلك.

تمحور استغلال اللطميات الشيعية من قبل إيران، في تمرير معتقد "الجهاد"، فالجهاد عند الشيعة غير جائز إلا بوجود أئمتهم المعصومين، محمود جابر، حدد أنواع الجهاد، وقال إن هناك جهاد "خروج"، وهذا لا يمكن إلا بوجود فتوى من أحد آئمة المذهب الشيعي المعصومين، وهناك جهاد "دفاع"، وهذا واجب شرعًا وفق المذهب الشيعي لردء الصائل ودفع المحتل.

وعدّ الباحث حالات موجودة على الساحة تنطبق عليها تلك الأنواع، "جهاد دفاع" أولها العمليات العسكرية لقوات الحشد الشعبي في العراق ضد داعش، وهو بالنسبة لهم جهاد داخل حدود الدولة، أما حالات الجهاد والخروج التي تعتمدها ميلشيات "زينبيون" و"فاطميون" وغيرهم من الألوية المتعددة الجنسيات في سوريا والعراق، فهذا يستلزم فتوى ولم يحدث ذلك.

وفق جابر، تم استغلال اللطميات الشيعية في عمليات القتال المذهبي كدعم لوجيستي لتلك العمليات، فتم توظيف كتاب وشعراء ورجال دين وفنانين لخدمة المشروع الإيراني في المنطقة.

وفق نصوص الفقه الشيعي، يقول محمد بن يعقوب الكليني أحد رواة الحديث في المذهب الشيعي، في كتابه "الكافي"، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كل راية ترفع قبل قيام القائم -أي الإمام الثاني عشر- فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل"، وذكر هذه الرواية الشيخ الحر العاملي في "وسائل الشيعة" (11/37)، أحد المراجع الشيعية.

وروى الطبرسي في "مستدرك الوسائل" (2/248 ط دار الكتب الإسلامية بطهران) عن أبي جعفر عليه السلام قال: "مَثَلُ من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم عليه السلام مثل فرخ طار ووقع من وكره فتلاعب به الصبيان"، وتلك الحالة تنطبق على أغلب الميليشيات التي تقاتل في سوريا على رأسها حزب الله اللبناني، وفاطميون وزينبيون، والتي تخضع لفيلق القدس أحد ألوية الحرس الثوري.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة