ضربات الحظ «الفوتوغرافية»

الإثنين، 23 أكتوبر 2017 04:00 ص
ضربات الحظ «الفوتوغرافية»
الراقص والباكى
مصطفى الجمل

* الشاب الباكى فى مباراة الكونغو خطب واعتمر وسافر إلى روسيا فى «لقطة».. والقافز بقدم واحدة حجز مقعده فى المونديال بفضل «رقصة»

* صورة «فتاة العربة» بـ«موبايل» غيرت مجرى حياتها.. ودنيا الحلو احتلت أغلفة المجلات بسبب بكائها فى مباراة الزمالك 

* منى مثال للمرأة المصرية الأصيلة
 
رأينا الحظ يكمن فى جائزة لم تكن يوما على البال، أو ميراث ليس فى الحسبان، تابعناه فى صفقة رابحة، وفى ركلة هوجاء استحالت هدفا، ومؤخرا فى صورة التقطت على حين غفلة، ففتحت معها أبواب المال والشهرة والنجومية.
 
على ملعب برج العرب فى 8 أكتوبر الجارى، كانت المحطة الأخيرة لضربات الحظ الفوتوغرافية، شابان فى مقتبل العمر، تواجدا منذ الصباح الباكر بملعب مباراة مصر والكونغو الحاسمة لترشح مصر إلى كأس العالم فى روسيا، أحدهما بالمدرجات والآخر بالقرب من خط المباراة كونه معاقا، أحدهما يشجع الأهلى بكل شراسة، والآخر أحب الكرة لحبه القلعة البيضاء، ويوم المباراة الفاصلة كانا على قلب راجل واحد يدعوان سرا وعلانية بفوز المنتخب القومى وعبوره بعد حرمان دام 27 عاما إلى المونديال. 
 
حسنى نصر، ومحمود عبدالعظيم، لم تختلف طقوسهما فى هذه المباراة عن غيرها من مباريات فريقيهما، أو حتى مباريات المنتخب التى حضراها قبل ذلك، وقطعا لم يكونا يتخيلان مثل هذا السيناريو الغريب للمباراة، الذى حرر الدموع والحركات، فجذب إليهما الكاميرات. 
 
حسنى الذى حصلت لقطته وهو يبكى محتضنا علم مصر، بعد تعادل الكونغو مع المنتخب الوطنى، على أعلى المشاهدات، والمكافآت أيضا، حيث قرر عدد من رجال الأعمال منحه عمرة ورحلة لروسيا خلال فترة إقامة كأس العالم، ومبلغ يساعده فى الزواج، فضلا عن تبرع جمعية خيرية له بورشة لصناعة السبح، فضلا عن الأموال التى جمعها من ظهوره فى عدد من البرامج الفضائية، التى سارعت لاستضافته، شأنه فى ذلك شأن اللاعبين الذين حققوا النصر على أرض الملعب. 
 
الشاب الذى يبلغ من العمر 23 عاما، لم يكمل تعليمه، ويعمل مُصنّعاً للمسابح فى إحدى الورش، قال إنه يهوى الذهاب للملاعب لتشجيع فريقه ومنتخب بلاده، وعن لحظة البكاء التى تسببت فى شهرته، قال: «صُدمت بعد إحراز الكونغو هدف التعادل، فلم أتمالك نفسى وأجهشت بالبكاء، أول ما هدف التعادل جه قلت خلاص، مش هنتأهل لأن غانا مستنيانا هناك على آخرها». 
 
أما محمود عبدالعظيم، صاحب الـ28 عاما، لقبه كثيرون بالشاب المعجزة، لقدرته على القفز بقدم واحدة لحظة الفرح بشكل عجز عنه أصحاء كثر، قال محمود الذى يعمل محاميا، إنه لم يستطع أن يتمالك نفسه من الفرحة، لحظة تسجيل محمد صلاح لهدف الفوز، ليفاجَأ الجمهور والإعلاميون به وهو يجرى بعكازيه فرحا، ويؤدى بعض القفزات البهلوانية.
 
محمود يقيم فى منطقة النهضة شرقى القاهرة، وهو من مشجعى الأهلى، ومعروف عنه أنه لا يترك مباراة لفريقه خارج أو داخل القاهرة إلا ويحضرها.
وعن إصابته قال إنه عندما كان طفلا فى السادسة، وأثناء عودته من الحضانة، دهسته شاحنة كبيرة من الخلف، لتتسبب فى بتر الساق اليمنى، لكن رغبته فى لعب كرة القدم لم تتوقف، فكان يلعب مع الصبية فى الشارع بعكازيه.
 
المغرِّد السعودى منذر آل الشيخ مبارك، ردَّ على أحد المغردين الذين طالبوا بتكريم محمود، قائلا إنه سيمنحه تذاكر وسكنا وإقامة مدفوعة، إن رغب فى السفر إلى روسيا لتشجيع منتخب بلاده، كما أنه سيوفر له طرفا صناعيا إن أحب ذلك. 
 
منى السيد، أو كما عرفت خلال الفترة الماضية بـ«فتاة العربة»، واحدة من الذين غيرت صورة واحدة مجرى حياتهم، فمنى التى لم تكن تحلم يوما بأن تقابل محافظ إقليمها، وجدت نفسها مدعوة للقاء الرئيس، وتجالسه وتسلم عليه، بل وتسلط عليها الكاميرات، وتلهث خلفها الفضائيات لتستضيفها وتكرمها. 
الصورة التى التقطت لمنى لم يكن خلفها مصور صحفى، بل كاميرا موبايل متواضعة، رفعها صاحبها على صفحته على « فيس بوك»، فاحتلت خلال دقائق جميع صفحاته ليتغير مجرى حياتها 360 درجة، ويتبدل التعب بالراحة، والتهميش بالشهرة، والفقر بالستر. 
 
تصادف نشر صورة منى وهى تجر عربة الكارو، مع تسمية العام الجارى بعام المرأة، لتساهم منى بغير قصد فى توصيل رسالة مفادها أن هناك فتيات وسيدات يعملن بكل قوة من أجل الإنفاق والاعتماد على أنفسهن، وأن مصر مليئة بسيدات كثيرات، الواحدة منهن تساوى مائة رجل، ما دفع الرئيس السيسى إلى تكريمها باعتبارها نموذجا مشرفا للمرأة المصرية المعيلة التى تعمل من أجل أسرتها.
 
انتقلت منى السيد التى كانت تعيش فى منزل شقيقها المتزوج، إلى شقة جديدة أمر الرئيس بتقديمها مع تأثيثها بالكامل، بالإضافة إلى تكفل الدولة بتحمل تكلفة تأثيث شقة نجل شقيقها حتى يمكنه الزواج، كما أمر الرئيس بتجهيز عربة لها تعمل بها وتواصل مشوارها فى السعى، بدلا من العربة الكارو التى كانت ترهقها فى العمل.
 
تكريم الرئيس لفتاة العربة واستضافتها بقصر الاتحادية حوّل الفتاة الأربعينية من مجرد فتاة عادية، إلى فتاة شهيرة جدا، وباتت نموذجا يضرب فى الأحياء والقرى والنجوع. 
 
دنيا الحلو، واحدة من الذين استفادوا وبشدة من ضربات الحظ الفوتوغرافية، فمن ممثلة مغمورة لا يعرف عنها أحد شيئا - رغم انتمائها إلى عائلة «الحلو» الشهيرة - إلى فتاة تستحوذ على مناقشات صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، بعد ظهورها فى مباراة الزمالك وصان داونز بنهائى بطولة دورى أبطال إفريقيا العام الماضى، وهى تبكى حزنا على خسارة فريقها للبطولة على أرضه وسط جمهوره. 
 
دنيا فوجئت بعد وصولها لمنزلها، بمئات المكالمات والرسائل، من معدى البرامج والصحفيين، يطلبون استضافتها وإجراء حوارات تليفزيونية معها، للتعرف عليها، وسبب بكائها بهذا الشكل فى مباراة لم يكن متوقعا فيها أكثر من ذلك بكثير، لأن الفريق الأبيض كان قد خسر مباراة الذهاب فى جنوب إفريقيا بثلاثة أهداف، فضلا عن طلبات الارتباط بها، وظهورها فى أعمال فنية ودرامية، بعدما عرف أنها تعمل بمجال التمثيل والغناء والإعلانات.
 
خالد عبدالعاطى، مخرج مباراة الزمالك وصن داونز الجنوب إفريقى، برر سر تسليط الكاميرات على دنيا، والتى عرفت فيما بعد بـ«حسناء مدرجات القلعة البيضاء»، بأن مدير استاد برج العرب بالإسكندرية أوصاه قبل المباراة بالتركيز على الأسر فى المدرجات لنقل صورة إيجابية عن الأمن والأمان فى مصر.
 
وقال: «دنيا الحلو كانت حالة فريدة فى النقل الدرامى لأنه يعطى إحساسا جيدا للعمل وينقل الحالات الإنسانية للمشاهد، دنيا الحلو كان لها أكشنات وردود أفعال عديدة، الأول كان فى الأكل والثانى تحميس اللاعبين، وهو ما قارن بينه وبين مرتضى منصور رئيس النادى فى لقطة تالية، ثم الثالث البكاء». 
 
دنيا أصبحت خلال أيام بعد هذه المباراة، نجمة لها متابعون كثر، وتصدرت أغلفة عدد من المجلات التى تهتم بأخبار النجمات والمشاهير، ثم أتبعت ذلك بعدد من الكليبات، لتصبح مدينة لمخرج المباراة بتسليط الكاميرا عليها، وهى تبكى بعد هزيمة فريقها فى مباراة لكرة القدم. 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة