توابع استفتاء كردستان.. حزب طالباني يواجه خطر الانهيار

الإثنين، 23 أكتوبر 2017 06:31 م
توابع استفتاء كردستان.. حزب طالباني يواجه خطر الانهيار
مسعود البارزانى

- قيادات الحزب يتبادلون الاتهامات بـ"الخيانة" بعد أحداث كركوك.
 

تعيش مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق، أجواء ساخنة يحبس معها مواطنوها أنفاسهم، بسبب التطورات الميدانية الأخيرة عقب إجراء استفتاء الاستقلال في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، وكان آخرها فقدان الأكراد لجميع المناطق التي سيطروا عليها عقب بروز تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، والتي تعرف بـ"المناطق المتنازع عليها" مع الحكومة المركزية، وأهمها مدينة كركوك التي يعتبرها الأكراد "قدس كردستان"، بعد أن دخلتها قوات الجيش والشرطة العراقيين قبل أيام مع انسحاب قوات البيشمركة الكردية منها.

لكن ليس هذا وحده السبب وراء ما تعيشه المدينة التي تعد المعقل الرئيسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي أسسه جلال طالباني في عام 1975، وهو الحزب الذي يتقسم الشعبية والسيطرة في الإقليم، فما يفاقم مخاوف أهالي المدينة، أن الحزب يعاني من أزمة عاصفة قد تؤدي إلى انهياره أو على أقل تقدير إلى تفتته بسبب ما كشفته الأحداث الأخيرة وخاصة في كركوك، من انقسام واضح وشديد بين قيادات الحزب إلى طرفين، ليس هذا فقط بل وتبادل الطرفين الاتهامات بالخيانة، ومطالبة كل فريق بأن يقوم الحزب بعملية "تطهير" داخلية يتخلص بها من"المنحرفين عن نهج الحزب ونهج مؤسسه طالباني".

وتشتد الأزمة مع قوة كل طرف من طرفي الخلاف، سواء من ناحية الشعبية أو السياسية أو العسكرية والمالية. فالفريق الأول يضم السيدة "هيرو خان" زوجة الراحل جلال طالباني مؤسس الحزب، تتمتع بقوة كبيرة في الحزب وتتحكم في الموارد المالية للحزب "حزينة الحزب" حيث وحدها التي تمتلك كل الصلاحيات المتعلقة بالمسائل المالية بالحزب ومصادرها. ومعها نجلها الأكبر "بافل" الذي يقود قوة عسكرية من البيشمركة، هي لواء "السكرتارية" وهو لواء على مستوى عال من التدريب والمهارة القتالية وتأتمر بأمر "بافل" وأسرة طالباني.

وفي نفس الفريق هناك " لاهور شيخ جنكي" نجل شقيق جلال طالباني، مسئول وكالة المعلومات بإقليم كردستان، ويرأس جهاز المخابرات الخاص بالحزب، وكذلك جهاز مكافحة الإرهاب. ومعهم عدد من أعضاء المكتب السياسي للحزب ممن يطلق عليهم" الجلاليين" نسبة إلى جلال طالباني. ويتمتع هذا الفريق بعلاقات قوية للغاية مع الجهات الحاكمة في بغداد، ومع إيران، وكذلك لديه علاقات مميزة مع الجانب الأمريكي.

أما الفريق الثاني والذي لا يقل قوة فيأتي في مقدمته "كوسرت رسول" النائب الأول لرئيس الحزب، وهو يتمتع بشعبية كبيرة بين مؤيدي الحزب في مختلف مدن الإقليم، ولديه تاريخ نضالي مميز، علاوة على إمكانيات مالية ضخمة. ومعه "ملا بختيار" مسئول الهيئة العاملة بالمكتب السياسي للحزب، وهو "دينامو الحزب" لديه علاقات تنظيمية مع قيادات وكوادر الحزب المختلفة. ومعهم "شيخ جعفر شيخ مصطفى" قائد قوات السبعين، وهي القوات العسكرية الخاصة بالحزب، وهو في نفس الوقت عضو بالمكتب السياسي للحزب. وربما يكون من ضمن الفريق شخصيات أخرى منها"سعدي بيره" عضو المكتب السياسي للحزب، والمتحدث الرسمي باسمه . وهناك عدد من أعضاء المكتب السياسي والقيادة .

وكانت الأيام الماضية شهدت تراشقًا بين الفريقين واتهامات متبادلة بالخيانة.

فمثلا اتهم "كوسرت رسول" قيادات في الحزب وصفهم بـ"المنحرفين" عن نهج الحزب ونهج مؤسسه جلال طالباني، بالتآمر على الشعب الكردي وخيانته والاتفاق مع حكومة بغداد على "تسليم كركوك".

وقال "كوسرت" إن هؤلاء سيلاحقهم العار والخزي ولن ينسى لهم الشعب الكردي جريمتهم.

فيما اتهم "شيخ جعفر" بشكل مباشر نجل جلال طالباني"بافل" بالخيانة وتسليم كركوك والتآمر على الشعب الكردي.

أما "بافل"فقال في تصريحات صحفية :"إن اتهامي بالخيانة اتهام عار عن الصحة ولا أساس له". وإن "أولئك الذين يتهمونني بخيانة كردستان من قيادات الاتحاد الوطني هم الخونة".

ومع هذه التطورات المتلاحقة والاتهامات المتبادلة فإنه لا يكون مستبعدًا أن يتعرض الحزب لـ"زلزال" مدمر يكتب شهادة وفاته سياسيًا.

يذكر أن الحزب يمر منذ عدة سنوات بأزمة داخلية تفاقمت مع مرض جلال طالباني، لكن طرفي الأزمة كانا حريصين على ما أسموه "وحدة الحزب" احترامًا لـ"مام جلال" زعيم الحزب وصاحب المكانة الكبيرة عندي قياداته وجماهيره. وكانت إحدى حلقات الصراع وقعت قبل أقل من عام عندما شكل كوسرت رسول ومعه برهم صالح النائب الثاني لجلال طالباني ومعهم عدد من أعضاء المكتب السياسي، ما أسموه بـ"مركز القرار"، اعتراضًا منهم على سيطرة واستحواذ "هيرو خان" على تسيير أمور الحزب التنظيمية والإدارية والمالية.

وعلى الرغم من كل ما سبق ظلت الأوضاع داخل الحزب"ساكنة" لكنها كانت مرشحة للانفجار في أي لحظة، ولعل هذا ما حدث فعلًا عقب وفاة جلال طالباني قبل أسابيع قليلة، ما رفع على ما يبدو الحرج عن كاهل أحد طرفي الصراع. لتكون أحداث كركوك هي عود الثقاب الذي أشعل النيران داخل الحزب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق