هل يعدلوا؟.. تعدد الزوجات قنبلة اشتعل فتيلها

الجمعة، 27 أكتوبر 2017 10:00 ص
هل يعدلوا؟.. تعدد الزوجات قنبلة اشتعل فتيلها
مصطفى راشد
سلمى إسماعيل

في محاولة منه لتبرير ما قاله عن أسباب رفضه تعدد الزوجات، هذا التبرير الذي أثار جدلا كبيرا داخل الأوساط الدينية والتشريعية بمجلس النواب، يحاول الشيخ مصطفى راشد جاهدا، السير بكل قوة في طريقه نحو الدفاع عن فتواه السابقة التي حرمت بشكل قاطع تعدد الزوجات، بل واعتبرته زنا.

وقال مصطفى راشد، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام ورفض العنف، في رده على سؤال، حول مدى تمسكه بفتواه السابقة الخاصة بتحريم تعدد الزوجات، إن آية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ)، واضحة الدلالة؛ ففي قوله اليتامى هو تخصيص الفعل في حالات اليتامى، فليس الأمر عاما أو على إطلاقه، ثم يأتي تقيد التعدد لمثنى وثلاث ورباع بقوله «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة»، وهو ما يسمى بالشرط المستحيل، الذي ينفى ويمنع التعدد، لاستحالة عدل الرجل بين امرأتين في نفس الوقت، في كل شيء حتى النظرة أو البسمة- على حد قوله.

 

السلفيين

ويضيف راشد، الذي عرف عنه إطلاق الفتاوى المثيرة للجدل شأنه شأن السلفيين، رغم اختلافهما في كل شيء، أن العدل الكامل هو صفة من صفات الله لم يكن لبشر حتى لو كان نبي، وهو ما يعني أن القصد الإلهي يرشدنا ويطلب منا إمساك الاحتفاظ بزوجة واحدة، مؤكدا

إصرار مفتي استراليا، على فتواه ودفاعه المستميت عنها، دفع اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب لإدانة تلك الفتوى، متهمين راشد بأنه يحمل أفكارا غربية تهدف لتشويه المجتمع، مؤكدين على استحالة محاكاة ما قامت به تونس بشأن التشريعات التي تمنع تعدد الزوجات هناك.

اللجنة أوضحت، أن تونس تتبع المذهب المالكي في حين أن مصر تتبع مذهب أبي حنيفة النعمان، لافتين إلى أن المادة الثانية والسابعة من الدستور المصري، تنصان على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر، ولا يمكن التلاعب في  ثوابت الدين.

في غضون ذلك، قال الدكتور على عبد الباقي شحاتة  أمين مجمع البحوث الإسلامية الأسبق، إن التعددية الزوجية أمر واجب شرعًا، مشيرًا إلى أن علماء الدين الإسلامي لم يكنوا يعلمون شيئًا عن زواج الرجل أكثر من أمراه حتى فسروا حديث الصحابة عند إعلان الرسول بإنه متزوج عشر من النسوة، فقيل له أبقى عليهم  أربع.

وأكد أمين مجمع لبحوث الإسلامية الأسبق، في تصريحات لـ «صوت الأمة»، أن زواج الرجل من اثنين يحوز طبقًا للشريعة الإسلامية لما ذكر الله تعالى في سورة النساء: ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا).

ويفسر عبد الباقي، الآية قائلًا إن الشريعة الإسلامية حللت الزواج شرط العدل بينهم، وجاء الشق الأخير من الآية لتقليل تعدد الزوجات وليس لتحريمه، مشيرا إلى ضرورة توافر الأسباب التي تدعو الزوج لتعدد الزوجات.


- رفض سلفي للفتوى

في المقابل قال سامح عبد الحميد الداعية السلفي، إن الشريعة الإسلامية حللت تعدد الزوجات شرط العدل بينهم، مفسرًا أن العدل هو أن تدفع المال للزوجة الأول كالثانية وتوافر لكلتهما المنزل الملائم للحياة الأدمية.

وأكد الداعية السلفي، في تصريحات لـ «صوت الأمة»، أن الإسلام يحل أزمات المجتمعات على مر العصو فهو يحل أزمة العنوسة في الوقت لحالى من خلال تعدد الزوجات، متهما راشد بالكذب، وأنه لا يُمثل الأزهر وهو مُحرف لدين الإسلامي، وأن هذه المنظمة ليس لها أساس من الوجود، كما أنه لم يكن مفتى أستراليا، موضحا أن إذا استطاع الرجل أن يعدل بين زوجاته فلا حرج عليه أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع.

 

- الأزهر و «الوهابين»

وأوضح المستشار أحمد عبده ماهر ، أثر اختلاف معتقدات الأزهر والسلفيين على المجتمع المصري، قائلا: «لا يوجد تعدد في الإسلام لله والوطن، ولكن التعددية جاءت بشرط وضح وصريح وهو العدل، مفسرًا أن سورة النساء جاءت واضحه تحلل تعدد الزوجات في حالات أن تكون المرأة مُعيلة وغير قادرة على تربية ابنائها عقب وفاة زوجها فيجوز أن يتزوجها رجل قادر على تلبية احتايجتها، لكن غير  مقبول أن يتزوج الرجل على زوجته لمجرد أنها لم تنجب أو كبرت في السن».

وأوضح ماهر، في تصريحات لـ «صوت الأمة»، أن الجزء الأول من الأية يقول «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ" أي أن  الشرع أباح تعدد الزوجات في حين  أن يكون هناك يتامى واجب مراعاتهم، فاذا تزوج رجل وأمراته توفت ولم يستطيع مراعاة  أبنائه فليتزوج  أما مثنى وثلاث ورباع فهو أباب التعددية لكن جاء في الجزء الثاني من الأية و اشترطت العدل فقال تعالى «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً»، وهنا يقصد الله بالعدل المادي والإجتماعي والعاطفي ولن يستطيع رجل العدل  في مشاعره بين السيدات فقد يميل إلى أحدهن أكثر من الأخرى الأمر الذي يُحيل تعدد الزوجات.

أما الجزء الثالث من الأية وهو «أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا» فهي استكمال للجزء الأول  فالإسلام دين الإنسانية ويرفض الرق فجاء لتحرير العبيد، فمن كان يدفع المال لتحرير أمة فكان يُنكحها لكي تكون في مثابة زوجته ويحررها من الرق، فكان من المعروف أن هذه الفتاة حررها فلان فلم تصبح عبيد، إذ فجاء لخدمة المجتمع.

 

المستشار أحمد عبده ماهر

ويؤكد أحمد، أن صراع الأزهر والسلفيين في تفسير هذه الأية جعل المجتمع يعتقد إباحة تعدد الزوجات دون شروط أو اعتقاد الشباب بأن ملك اليمن هو نجاح الفتيات مقابل قدر من المال وهو ما استغله المجتمع ألذكوري  لإشباع رغباته دون الشعور بالذنب. ويشير إلى أن الشريعة الإسلامية أكدت على الغيرة بين النساء وبعضهن فكيف لرجل أن يعدل بينهن.

- مصر مش تونس

فيما حسمت اللجنة التشريعية بمجلس النواب أمرها قائلة مستندة إلى الدستور فبدوره قال النائب عبد المنعم العليمي عضو اللجنة ، إن التعددية الزوجية ليس بحاجة إلى تشريع يضبطها فطبقًا للمادتين (2) و(7) من الدستور أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع في جمهورية مصر العربية، إذ فالإسلام أباح زواج الرجل لأكثر من إمراه فكيف لتشريع الدستوري أن يعدل على الشريعة.

ويؤكد العليمي، في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة" أن  مصر يحكمها كتاب الله وسنته ومذهب الإمام الشافعي، وهو مذهب واحد  ولا جدال على ذلك،  أما المذهب الفقهي فهو السائد في تونس لذلك فإنه لا يمكن صدور تشريع يمنع تعدد الزوجات، مستكملًا " لازم نفهم  أن مصر مش تونس".

 

- لا تلاعب في الشريعة

 في سياق متصل قال النائب خالد حماد، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، إن رفض أحد الشيوخ لتعدد الزوجات كلام فاضي، لان الشريعة الإسلامية تبيح الزواج من أكثر من امرأة شرط العدل فيما بينهم، فالآية جاءت واضحة تقول: "خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ".

وأكد، عضو اللجنة الدستورية والتشريعية، في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، أن المجلس لا يُشرع تشريع بمعني لا تعديل على نصوص الشريعة الإسلامية، فهناك ثوابت لا يجوز التلاعب فيها، لافتًا أن هذا الأمر لا يكون بحاجة لدستور يحكمه أو يفسره.

وتسال نفترض أن هناك شخص زوجته لم تنجب ويحلم بالأبوة لا يتزوج من أخرى، ولم ينال حقه الشرعي؟، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إصدار قانون شبيه بقانون تونس بمنع تعدد الزوجات، فتونس دولة تختلف اجتماعيًا وفكريًا عن مصر.


موضوعات متعلقة
الصراع بين الروح والعقل.. كيف يتواصل الشباب مع الله؟

"عدو عدوي صديقي".. الأزهر والعلمانين يتفقان على تحريم حجاب القاصرات.. و"السلفية": جسد الفتيات هو الذي يحسم الأمر .. و"نائب": يشوه براءة الأطفال

تساؤلات حول "التبرع بأعضاء المتوفى".. هل يعتبر الموت الأكلينكي كافيًا لإتمام التبرع؟.. ومشروعيته في الإسلام والمسيحية؟.. والموقف الدستوري؟

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق