ثقافة العيب

الأربعاء، 22 نوفمبر 2017 09:41 م
ثقافة العيب
أحمد نجيب كشك يكتب:

إن الشباب في أي مجتمع يمثل طاقة لا يستهان بها في بناء هذا المجتمع وتقدمه، وإهمال هذه الطاقة وعدم استغلالها بالشكل الصحيح أو الاعتناء بها أمر في غاية الخطورة ، حيث يقع الشاب فريسة سهلة لجملة أسباب لا تعد ولا تحصى تمثل عاملا رئيسا في تحويل هذه الطاقة من آلة بناء إلى معول هدم وتخريب وتدمير لهذا المجتمع . 
 
ولعل من أهم هذه الأسباب قضية البطالة وما يترتب عليها من انتشار الفراغ بين الشباب فيصيبهم اليأس والإحباط وتنهال عليهم الأمراض النفسية وقد يلجأ بعضهم إلى إدمان المخدرات لملئ ساعات الملل والفراغ التي يمر بها وقد يقدم جزء آخر على العنف والعدوانية والإجرام من أجل تلبية احتياجاته ورغباته فيتجه إلى السرقة والاعتداء على الآخرين وجزء آخر قد يقدم على الهجرة غير الشرعية ضاربا بعرض الحائط قصص العديد ممن سبقوه في زوارق الموت فانتهى بهم الحال في بطون الأسماك أو من قدر الله عز وجل له النجاة ليجد نفسه في مواجهة حقيقية لمستقبل مظلم لا نور فيه إلا من رحمه الله تعالى ووفقه وقليل ما هم .
 
وهناك أسباب كثيرة للبطالة قد نلتمس معها العذر للشباب في جلوسه بدون عمل ولا نلومهم فيها، منها على سبيل المثال لا الحصر محدودية الوظائف التي توفرها الدولة وزيادة معدل النمو السكاني وغير ذلك من الأسباب العديدة التي قد نعطي الحق للشباب فيها ، لكن هناك أيضا أمور لا يتم معها إعفاء الشباب من المسؤولية أهمها على الإطلاق "ثقافة العيب" حيث يتاح أمام الشاب فرصة عمل فيرفضها وحين تسأل عن السبب تأتي الصدمة في الإجابة فتراها مبنية على مبدأ ازدراء المجتمع لبعض الأعمال وتفضيل بعضها على بعض وترى الشاب يحتج بأن مستواه وتعليمه لا يتوافق مع هذه النوعية من العمل وحينما تبحث عن قدراته وخبراته الحياتية والعملية تجدها صفر وهو هو نفس الشخص الذي لو تغرب خارج بلاده لرضي بأقل وأوضع من هذا العمل وهو في غاية السعاده لا لشيء إلا " لأنه لا يراه أحد !!! " .
 
إن المجتمع لا يريد شبابا يطمع في وجاهة أو حصانة وظيفية ولا مرتبات خيالية في بداية حياته وإنما يحتاج لشباب قوي ونشيط وطموح وصبور محب لبلده مؤمن بقيمة وأهمية العمل في بناء هذا البلد وتقدمها ولا يفرق بين وظيفة وأخرى كما في المجتمعات الراقية وكما كان في الحضارات العظمى السابقة ، هذا الشباب الذي يضع شعارا أمامه متمثل في قول الله عز وجل:"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"،وحديث النبي صلى الله عليه وسلم:"ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده"، ويعلم جيدا أن تسعة أعشار الرزق ليس في انتظار الوظائف وإنما في التجارة كما جاء في الحديث ، ولا يخجل من العمل أيا كان حجمه ونوعه ويجعل قدوته أشرف الخلق أنبياء الله ورسله الذين عملوا في مختلف الأعمال والمهن المتنوعة بجوار أشرف مهنة وهي النبوة ليبينوا أن العمل ليس عيبا، بل إن العيب في الركون للراحة وترك التكسب هو العيب فما من نبي إلا وقد عمل في "رعي الأغنام" وكان آدم عليه السلام يعمل في الزراعة وعمل نوحا عليه السلام في النجارة وكان داود عليه السلام حدادا وغيرهم من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام
وعلى التوازي لابد من سعي جاد من الحكومات في محاربة البطالة وتوفير دعم للشباب بالأفكار والمشاريع ومساعدتهم في تنفيذها قدر المستطاع وتذليل كل العقبات التي قد تواجههم حفاظا عليهم من الفوضى والفراغ والضياع ولعل من الأمثلة الناجحة ما تم تحقيقه مؤخرا في مصر بتوفير أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة من خلال مشروع غليون للاستزراع السمكي وهو ما يجب تكراره وبأشكال ومجالات مختلفة لمحاربة البطالة والمحافظة على الشباب والاستفاده منه قدر المستطاع من أجل تحقيق مزيد من التقدم والازدهار نسأل الله تعالى الرفعة والتقدم والاستقرار لبلادنا وأن يحفظ شبابنا من كيد الأعداء ومكر الخونة والماكرين .

 

تعليقات (3)
محافظة الغربية -زفتى
بواسطة: محمد العادلى
بتاريخ: الأربعاء، 22 نوفمبر 2017 10:44 م

موضوع أكثر من رائع أستاذ أحمد نجيب كشك وبالتوفيق دائما ومزيد من التقدم والنجاح

نقطه مهمه جداً
بواسطة: Yasser zaki
بتاريخ: الخميس، 23 نوفمبر 2017 01:10 م

فعلاً نقطه مهمه جدا وتمس جانب كبير من شباب مصر وقلما تحدث عنها احد ..

مقالة جيدة جدا
بواسطة: Mahmoud
بتاريخ: الخميس، 23 نوفمبر 2017 01:24 م

وفقك الله لكل خير وجزاك عنا كل خير مقالة رائعة جدا وتضمنت مشاكل كثيرة تواجهنا كشباب اسال الله التوفيق والسداد

اضف تعليق