كيف ولماذا تنتحر الإخوان كـ«الفئران النرويجية»؟

الجمعة، 24 نوفمبر 2017 10:46 ص
كيف ولماذا تنتحر الإخوان كـ«الفئران النرويجية»؟
عبد العزيز السعدني يكتب:

قرأت في وقت سابق، مقالا عن «الانتحار عند الحيوانات: كيف ولماذا تنتحر الحيوانات كالإنسان؟».. يستعرض فيها كاتبه عددا من الحيوانات الذي تنتحر بطريقة فردية أو جماعية على نهج بني البشر.
 
الأربعاء الماضي، قرأت خبر «المخابرات العامة تكشف تخابر 29 شخصًا مع تركيا.. لاتهامهم وآخرين هاربين داخل البلاد وخارجها، بالتخابر مع دولة تركيا، بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، والانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمرير المكالمات الدولية بغير ترخيص، وغسل الأموال المتحصلة من تلك الجريمة، والإتجار في العملة بغير ترخيص».
 
أمس الخميس، قرأت خبر  «الداخلية تحبط مخطط السيارات المفخخة في 4 محافظات.. وقيام قيادات إخوانية هاربة بتكليف (لواء الثورة) بتصعيد الهجمات».
كُنت مشفقًا؛ مشفقًا على أشخاص تستطيع أن تراهم، بعين مجردة، أنصاف مساطيل، أنصاف يقظى، أنصاف أي شيء غير مكتمل أركانه الرئيسية، وهنا تحركت دهشتي الحقيقية ووزعت ألف احتمال واحتمال وبدأت تجوب يافوخي، وعُدت بذاكرتي القصيرة لأتذكر مقال الحيوانات، وهنا نطقت فرضية قد تكون من وجهة نظري أو من يتفق معي صحيحة، وهي «كيف ولماذا تنتحر الإخوان كـالحيوان؟»، وأعلم جيدًا أن القياس قد يراه من أتحدث عنهم أو متعاطفًا معهم، فاسدًا. 
 
غير مبالٍ، سأسبق بمثالين يفصلهما تشبيه توضيحي لكل منهما، أولا؛ الفئران النرويجية التي تزحف مئات الألوف منها لتلقي بنفسها في بحر الشمال، وفي طريق الانتحار تدمر كل ما يقف- من وجهة نظرها- عقبة أمام مصيرها، وفُسرت وقتئذ أنها تحاول الحفاظ على توازن النظام البيئي، ورغم قلة المعلومات المتوافرة عن هذه الحالة، إلا أنني وجدت معلومة أن مثل هذه الفئران تعرضت إلى اختبارات ومواد من شأنها هياجها وانسياقها للانتحار. 
 
وإذا افترضنا أن «الإخوان» هم الفئران، وانتحارهم السياسي يومًا تلو الآخر بعد عزل مرسي، وافترضنا أن العلماء هم شيوخهم الشواذ لفعلهم المشين، الذين يرجعون السبب لاضطهادهم سياسيا من أجل الاستماتة على توازن النظام البيئي لعشيرتهم.
 
وبمجرد أن تقرأ كلمات الخلافة، الإسلام، التضحية، الوطنية، ونهايتها الانتحار من أجل التوازن، يدق قلبك تعاطفًا معهم ومع وطنيتهم المزيفة، فتتذكر التجارب التي أجريت على الفئران، فيتوقف قلبك فجأة كمصرع رجل وقع حجر على يافوخه من فوق برج القاهرة، وتفترض أن هذه التجارب يحل محلها أجندات دولة عربية أميرها «أهوج»، شاذ فكريا ومشوه نفسيا، فتسير الإخوان على سطور أجندته في محاولة لتصغير مصر داخليا وخارجيا على المستويات العربية والإفريقية والدولية.. والطريف أن تفشل كل مرة.
 
المثال الثاني؛ صحيفة تركية نشرت قبل سنوات خبرًا عن قطيع من الأغنام، تساقط من فوق أحد الجبال بشكل متعمد، حسب شهود عيان، وأرجعوا السبب إلى أن قفز كبيرهم «الخروف»، قفز من ورائه 450 تابعًا.
 
والصدفة هُنا أن من نشر الخبر صحيفة تركية (المتآمرة الثانية)، وأظن أن هذا المثال لا يمكن توضيحه أكثر من ذلك، فهو يشرح نفسه ببساطة.
كلامي ليس تقويمًا لهذه الجماعة الإرهابية أو محاولة مغازلتها لمصالحة الفشل في كل مرة مصيرها، وحتى لا أكذب على نفسي وعليكم، فالقياس فاسد في حالة واحدة فقط، وهي أن هناك حيوانات لا يمكن أن تنتهج نهجها الجماعة الإرهابية؛ فجماعة تعودت أن يكون نهجها المزايدة على وطنية شريحة ما، وتخوين مجموعة ما، والتقليل من كيان ما، والمتاجرة بدماء صغارها، لا تسطيع يومًا أن تحارب بشرف وتموت مرفوعة الرأس، مثل «قوادة»، عندما تحدثها عن ضميرها وذنب أفعالها ومن في رقبتها، تخرم أذنيك ضحكة «رقيعة» ودموع تماسيح وكلمتين فقط «أكل العيش».. فعلا أكل العيش مُر.. مُر أوي!
 
أعرف جيدًا أن بعد المثالين وفرضيتيهما، ستنهال الفئران النرويجية أنصاف المساطيل ومليشياتها الإلكترونية بالشتائم والسباب وتعليق المشانق، غير مبالٍ مرة ثانية، فهؤلاء خراف رفضت أن تكون مثل «أسد» السيرك القومي الذي انتحر حزنا وندما عندما قتل مدربه محمد الحلو، رفضت أن تكون مثل طائر «الكنار» الذي يمتنع عن الطعام ويموت خلال أيام إذا مات رفيقه في القفص. 
 
هل تنتظر أن تتأثر برأي «خروف» يرتعد خوفًا من سيرة عيد الأضحى؟ هل تنتظر أن تتأثر برأي «فأر نرويجي» لا يستطيع أن يتكيف سوى في مياه المجاري ومواسيرها الدسمة بفضلات البشر لمعدته العفنة؟ هل تتأثر بمجموعة ذئاب تنتظر موت الأسد للتحرش بصغار الأشبال؟ ولا تدري الخراف أن مربيها ينتظر تسمينها.. لا تدري الفئران أن المصيدة قد تخطئ مرة وتصيب عشرة.. لا تدري الذئاب أن الأشبال ستنتقم في الوقت المناسب.
 
وإن كنت أرى أن تشبيه الإخوان بالخراف ليس دقيقًا، فالخراف لحمها طيب وذبحها كإحدى الشعائر الإسلامية يقلل من دقة التشبيه، أما إن جئنا لوجه الشبه بينها (الإخوان) وبين الفئران، فبيئة واحدة تجمعهم تحت الأرض، الأولى تنظيم بدأ سريًا وفشل لأكثر من مرة أن يظهر إلى النور ويفرض سيطرته وعاد يائسًا بائسًا إلى جحوره المظلمة الموحشة، والثانية سلالة تعشق بلاعات المجاري ومواسيرها وعفنها، وتحاول مرارا وتكرارا الخروج إلى النور، وتفشل أيضًا خوفًا من مصايد البشر.
 
حربكم لم ولن تكون- كما تدعون- شريفة من أجل مصر، المناضل وفق أجندة خارجية ليس وطنيًا، المنتحر سياسيا ليس شهيدًا.. ولذلك؛ دمتم خرافًا.. دمتم فئرانًا، دمتم في أماكنكم الطبيعية، ويبقى السؤال «كيف ولماذا تنتحر الإخوان كـالفئران النرويجية؟».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق