(القتل فى المحراب).. حقائق وتداعيات "مجزرة الساجدين" بمسجد الروضة (صور)

الأربعاء، 06 ديسمبر 2017 07:00 ص
(القتل فى المحراب).. حقائق وتداعيات "مجزرة الساجدين" بمسجد الروضة (صور)
حادث مسجد الروضه
(نقلا عن العدد الورقى)

 
لا يمكن لكلمات وتوصيفات عادية كالمجزرة والاعتداء والمذبحة أن تعبّر عن وحشية الجريمة التى لا تمت للإنسانية بصلة من قريب أو بعيد، والتى أصبحت مرادفة لتنظيم «داعش» الإرهابى بكل مشتقاته، ولم يعد مفيدا حصر طرف دينى بعينه فى خانة بنك أهداف التنظيم الإرهابى، على حسب ما أظهرته آخر مذابحه ضد المواطنين الآمنين المسالمين العُزل وهم يقفون بين يدى الله فى بيت من بيوته بقرية الروضة، إحدى قرى مركز بئر العبد بشمال سيناء.
 
1
 
حسب الدكتور سليمان شميط، مدير الإدارة التعليمية ببئر العبد، الذى أصيب خلال وجوده بالمسجد وقت الهجوم، فإن مسلحين فجّروا عبوة أمام مسجد الروضة الواقع ضمن مركز بئر العبد غرب مدينة العريش، بعد صعود إمام المسجد على المنبر بنحو 5 دقائق وأثناء بدايته لخطبة الجمعة، ومن ثم اقتحموا المسجد وأطلقوا النار على عشرات المصلين، ثم أحرقوا بعض سياراتهم المتوقفة فى محيط المسجد، وبهدف قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين، وقبل مغادرتهم أحرق الإرهابيون سيارات المصلين وقطعوا الطريق المؤدى للمسجد، لتعطيل نقل المصابين إلى المستشفيات أو محاولة إنقاذهم.
2
 
وحسب الشيخ حسين الجريرى، أحد مشايخ الطريقة الصوفية ومن رموز عشيرة الجريرات بالمنطقة، فإن المسجد يُعتبر مركزا للطريقة الصوفية، وهى جماعة مستهدفة من قبل تنظيم «داعش»، مشيرا إلى أن الهجوم تصادف مع الذكرى السنوية الأولى لإعدام التنظيم للشيخ سليمان أبو حراز شيخ الطريقة الصوفية، والذى اعتقل لفترة لدى التنظيم قبل نشر فيديو إعدامه وهو فى التسعين من العمر. 
 
الشيخ سليمان سواركة أكد لـ«صوت الأمة» أن المسجد هو هدف لتنظيم «ولاية سيناء»، وحاول أكثر من مرة التعرض للصوفيين فى منطقة بئر العبد، بعد أن لاحق غالبية كوادر الطريقة الصوفية فى مدينتى رفح والشيخ زويد خلال الشهور الماضية، وتدمير الأضرحة الخاصة بالصوفيين فى الشيخ زويد ومنطقة مزار المجاورة لقرية الروضة بنطاق مدينة بئر العبد. وأوضح سواركة، أن العداء القائم بين التنظيم والطريقة الصوفية يشير إلى أن «داعش» هو المسئول الأول عن المذبحة البشعة، نظرا إلى أن الصوفيين كانوا على علاقات جيدة بالدولة المصرية طيلة العقود الماضية، ويرون فى «داعش» عدوا للدولة والشعب المصريين.
 
3
 
ويرى الشيخ الذى يعد رمزا من رموز قبيلة السواركة التى ينتمى لها الضحايا بقرية الروضة، أن التنظيم أراد إحداث فجوة أو عداوة بين أهالى المنطقة والأمن، رغم العلاقة الجيدة التى تجمع الأمن بالصوفيين، خاصة مع إعلان التنظيم مسئوليته عن الهجوم؛ كونه يعتبر المذبحة الكبرى بمثابة «إنجاز» له، بالقضاء على عدد كبير من الصوفيين، واستهدافهم فى مركزهم، ومنطقتهم الجغرافية الأولى بشمال سيناء.
 
ورغم أن الصدمة التى أحدثها الاعتداء على مسجد الروضة فى سيناء، وأدى إلى مقتل 309 شهداء حسب الإحصائيات الرسمية حتى الآن، لم تخِف بعد، فقد بدأ البحث فى دلالات الهجوم واختيار مسجد للصوفيين كهدف، والقرية التى تبعد عن نطاق عمليات تنظيم «ولاية سيناء»، والتوقيت المحلى والدولى لما جرى. 
 
ويشير الباحث فى شئون الجماعات المسلحة محمود منصور الأخرسى، إلى أن توجيه أصابع الاتهام لتنظيم «ولاية سيناء» يعود لثلاثة أسباب، أولها أن المسجد يعود للطريقة الصوفية المستهدفة من قبل التنظيم طيلة السنوات الماضية، باعتبارها عدوا وطرفا كافرا من وجهة نظر التنظيم، أما السبب الثانى فيعود إلى أن غالبية سكان القرية هم من الصوفيين من الناحية الدينية، ومن قبيلة السواركة من الناحية القبلية، وهى القبيلة ذات العداء مع التنظيم، والعلاقات الجيدة مع النظام المصرى.
 
ويرى الأخرسى، أن السبب الثالث يتعلق بالوضع الخاص بالتنظيم، ففى الوقت الذى يجرى فيه الحديث عن انتهاء وجود «داعش» فى سوريا وقرب اندثاره فى العراق، أعاد التنظيم اسمه للواجهة مجددا بارتكابه هذه الجريمة التى لم يسبق لها مثيل فى مصر على مدار العقود الماضية. ويقول الخبير الأمنى العميد رشدى غانم: لم يحسب التنظيم الإرهابى «داعش» بمجزرته التى ارتكبها ضد المصلين داخل المسجد بقرية الروضة، حسابا إلى أن الثأر ولو بعد حين من صفات البدو، وأنه لا يمكن للمكوّن البدوى أن ينسى دماء أبنائه، خاصة أن كل القبائل فى شمال سيناء نالها الحزن والفجيعة جراء وقوع مذبحة الروضة، ما سيدعوهم لبذل كل الجهود بكل أنحاء شبه جزيرة سيناء بالتعاون مع القوات المسلحة لمواجهة عناصر التنظيم الذى أصبح بينه وبين القبائل ثأرا لن يسقط بالتقادم. ويؤكد الشيخ عبدالحميد الأخرسى، أحد رموز ومشايخ قبيلة الأخارسة بشمال سيناء، أن الهجوم على مسجد الروضة، جاء بعد قيام الجيش بحملات عسكرية موسعة على معاقل «ولاية سيناء» جنوب مدينة الشيخ زويد منذ عدة أسابيع، قُتل خلالها عدد من قيادات وعناصر التنظيم الإرهابى، ما دعاه للهروب باتجاه الغرب وتنفيذ مذبحته ضد المصلين المسالمين فى مسجد قرية الروضة شرقى مدينة بئر العبد.
 
وأكد الشيخ إبراهيم عليان، أحد مشايخ قبيلة السواركة ببئر العبد، أن سيارات الإسعاف تأخرت كثيرا فى الوصول إلى موقع الهجوم، نظرا للإبلاغ المتأخر، فضلا عن استهدافها من قبل المسلحين.
 
فيما قال الشيخ عياد سويلم من قبيلة السواركة، إنه كان لا بد من نقل المصابين إلى مستشفيات خارج سيناء فورا، نظرا لعدم وجود قدرة لاستيعاب هذا العدد من المصابين وعدم وجود الإمكانيات المطلوبة بالمستشفيات القريبة، وخاصة مستشفى بئر العبد المركزى.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق