القدس طلعت مصرية.. حتمًا سنعود

السبت، 09 ديسمبر 2017 04:32 م
القدس طلعت مصرية.. حتمًا سنعود
محمد الشرقاوي يكتب..

ليقولوا ما يقولون، القدس ملكية مصرية، لم يدافع أحد عنها كما دافعنا، جهزنا الجيوش وأعددنا العدة، وحافظنا على استقلال بلادنا، في حرب فلسطين كان لنا رجال، لم تبك نساؤهم على مقتلهم أكثر من ضياع القدس، وحملت أرحامهن شبابًا يؤمنون أن إسرائيل احتلال وليست دولة، ينتظرون دخول المسجد كما دخله السابقون أول مرة.

الإجابة دائمًا مصر، من الساعات الأولى لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن القدس عاصمة لإسرائيل، جاء الرد المصري بالرفض، دعا السفير عمرو أبو العطا، مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة إلى جلسة عاجلة في مجلس الأمن، كذلك الخارجية ومؤسسات الدولة جميعها رفضت القرار.

مندوب مصر في الأمم المتحدة، قال في كلمته: "إن مسألة القدس الشريف تمتد إلى جذور التاريخ، وتعلق قلوب أجيال من شعوب العالم من الأديان السماوية الثلاث بها يرجع لمئات السنين".

لكن رجل خمسيني، بدلًا من أن يختم صلاته ظهر الجمعة، جاء مسرعًا إليّ، قائلًا: "بعتوا القضية يا أستاذ، وفالحين تشتموا في الإخوان اللي طلعوا رجالة"، ما كان مني إلا رد واحد: والله ما فيهم رجالة، عاود الرد كانوا بيدافعوا عن القدس!، وماذا فعلوا غير أنهم عمقوا جراح الفلسطينين وبات الوفاق الفلسطيني هو الأمل الآن وليس إنهاء الاحتلال.

 الرجل الكبير وإن بدا عليه عصبيته لجماعة الإخوان الإرهابية، تمكنت من أهدأ من روعه، وبدلًا من أن يحكي لي رواياته المعهودة، حكيت له أنا، وطلبت من الصمت للحظات حتى أنتهى. اصمت أنت أيضًا!

مجرد تساؤلات تعالى نبحث لها عن إجابة أنا وأنت عزيزي القارئ، دعنا نبدأ من الداخل الفلسطيني، والذي أنهكت قواه على مدار 10 أعوام، في معركة بدأتها حركة حماس ضد منظمة التحرير الفلسطينية "فتح" وتمكنت من شق أرض الوطن وأخذت قطاع غزة لصالحها في 2007.

هنا كانت نقطة تحول في القضية الفلسطينية، وأصبحت أرى أن النضال الذي تتحدث عنه حركات المقاومة في فلسطين أيا كانت أسمائها، هو مجرد "بروبوجندا" إعلامية، لا عليك سوى أن ترتدي الشال الفلسطيني وتهتف باسم القدس: "حتمًا سنعود".

 أما نظرت تلك الكيانات لوهلة خلفها لترى ماذا فعل الانشقاق بداخلها؟، وهل لو أصبح لفلسطين جيشًا كيف سيقف "مقاوم فتحاوي" بجوار جندي من كتائب القسام؟، هل سيجمعهم ذات الخندق أم سيقتلون بعضهم البعض؟، فالثأر بينهم لم ينتهي بعد!

(1)

على مدار 10 أعوام كانت تلك الإشكالية، ومن اللحظات الأولى عملت القاهرة وحدها على توقيع 3 اتفاقات مصالحة بين الفرقاء الفلسطينين، أولها كانت "الورقة المصرية 2009"، وذلك بعد عامين من الانقسام، وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، تجددت الوساطة المصرية بين الفصائل الفلسطينية، حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما بات يُعرَف بـ"الورقة المصرية" التي طرحتها في سبتمبر 2009.

كذلك اتفاق القاهرة 2011، واجتمعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة يوم 20 ديسمبر، لبحث آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني التي وقعت عليها الفصائل بالقاهرة في 4 مايو 2011، وتركز الحوار على معالجة كافة القضايا التي نجمت عن حالة الانقسام الفلسطيني، وذلك من خلال حوار شامل شاركت فيه كافة الفصائل والتنظيمات والقوى المستقلة، حيث تم تشكيل لجان رئيسية لإتمام مقتضيات المصالحة، وهي: الانتخابات، والمصالحة المجتمعية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والحريات العامة وبناء الثقة، وتفعيل المجلس التشريعي، وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية لتدخل فيها الفصائل غير الممثلة فيها، ولا سيما حماس والجهاد الإسلامي.

كذلك اتفاق الشاطيء في 2014، تم برعاية مصرية أيضًا، وكان مكملا لاتفاق القاهرة 2011، ونص على تشكيل حكومة توافق فلسطينية، على أن يعقبها بستة أشهر إجراء انتخابات؛ لكن ذلك لم يحدث.

كذلك اتفاق القاهرة 2017، ونجحت القاهرة في عقد اتفاق يقضي بتمكين حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله من تولي كافة المسؤوليات في قطاع غزة، وأن يتولى الحرس الرئاسي الإشراف على المعابر ومعبر رفح الحدودي مع مصر، لكنه يجد عراقيل يضعها الفلسطينيون أنفسهم.

القاهرة من اللحظة الأولى للانقسام الفلسطيني، أكدت على ضرورة التئام الجراح الفلسطينية أولًا، لتكون هناك جبهة واحدة أمام الإسرائيلي، لكن الفلسطينيين أنفسهم لم يريدوا ذلك.

(2)

"الإخوان كانوا هيفتحوا باب الجهاد"، يقاطعني الرجل الخمسيني بتلك العبارة، لأقول له إجابة واحدة، في 2006 خرجت مظاهرات يقودها رجال جماعة الإخوان وعلى رأسهم محمد الكتاتني ومحمد البلتاجي، يدعون الدولة آن ذاك بفتح باب الجهاد، وهو الأمر الذي لم تمنعه الدولة، فالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، قال في خطاب شهير: "هم لا يريدون الخروج للجهاد، هم ينتظرون أن أقول لهم لا، لكني أقول لهم نعم، وليتركوا الدولة فيما هي فيه، فالننهض أولا ثم لنبحث عن دول الجوار".

يقاطعني ثانية: "وهي الدولة لسه بتنهض"، الإجابة: نعم، في 2011 تم إغراق مصر في مشاكل داخلية كبيرة إضافة لمشاكل خارجية على حدودها كافة، فدخل الإرهاب إلى سيناء، وسقطت الدولة الليبية، ودخلت سوريا خط الدفاع الأول في حرب أهلية، وفتح الإخوان السجون للمتطرفين، وبقى الفلسطينين منقسمين، ومولت دول سد النهضة نكاية في مصر.

بعد كل هذا وأكثر، ما المطلوب من الأخ الأكبر -حسب ما تسميه- أن يفعل لإخوته وهو غارس في مستنقع أوشك على الخروج منه، وأصحاب القدس تحكمهم جماعات مغيبة.

التطورات الإقليمية في الوطن العربي على مدار الـ 6 أعوام الماضية، صنعتها أجهزة دولية، وباتت الأولويات العربية متغيرة، فبدلًا من القضية الفسطينية أولا، باتت محاربة الإرهاب أولًا، لكن مصر ترفع راية الاثنين معًا.

(3)

لو كان الفرقاء الفلسطينيون يؤمنون للحظة بأرضهم كما يقولون، كان الممكن لهم أن يعلنوا قيام دولتهم من طرف واحد، دولة عاصمتها "القدس" لكنهم ظلوا تائهين بين رام الله وغزة، كان من الممكن لهم أن يستغلوا حالة التوافق الداخلي الفلسطيني، لرأب الصدع بين حركتي فتح وحماس، وفي حال حدث ذلك كان العرب سيعترفون بالدولة الناشئة، وتركوا إسرائيل تواجه وحدها أوضاعًا إقليمية ودولية شديدة التعقيد مع تجدد المقاطعة الإقليمية والدولية والتعامل معها كقوة احتلال.

إلا أنهم تركوا الساحة فارغة لتل أبيب، واستغلوا قرار ترامب، لـ"شرعنة الاحتلال"، واتبعوا سياسة الأمر الواقع في التعامل مع القرار، رغم أنها ترى أن القرار الأمريكي لا يحمل سوى دلالة رمزية فقط بالنظر إلى سيطرة إسرائيل واقعيًّا على المدينة والتشريع الأمريكي الصادر من الكونجرس في عام 1995 بعنوان "تشريع السفارة الأمريكية في القدس.

(4)

بات "الدفاع عن فلسطين" مجرد دعاية لكسب ود أناس مؤمنين بالقضية، فهناك أكثر من كيان مسلح يحملون اسم "القدس"، وأن قضيتهم الأولى الدفاع عن أولى القبلتين، فهناك "فيلق القدس" أقوى ألوية الحرس الثوري الإيراني، وهناك "هيئة تحرير الشام" القريبة من تنظيم القاعدة، قالت "لكن الطريق إلى القدس تبين أنه الطريق لأى مدينة سنية سورية"، أي جعلوا من محاربة المسلمين أمثالهم شرعا بدلًا من محاربة العدو المحتل.

كذلك "داعش"، نشر في مجلته "النبأ" في عددها ١٠٩، مقالًا بعنوان "بيت المقدس إن أولياؤه إلا المتقون"، ولم يهاجم إسرائيل لحظة، كذلك حركة «حسم» التابعة لجماعة الإخوان، زعمت أن الطريق إلى القدس يبدأ من القاهرة مبررة بذلك حملها للسلاح فى وجه الدولة المصرية بدلًا من حمله فى وجه إسرائيل، كذلك أنصار بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، وجيش حراس القدس، ورغم كل هذا تبقى مصر هي المذنبة يا عم الحج، أقولك خد الشال الفلسطيني ده واكتب الغضب الساطع قادم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق