أسرار تكشفها "صوت الأمة" لأول مرة في حياة الفنانة شادية.. "المعجزة وسرطان الثدي"

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017 02:00 م
أسرار تكشفها "صوت الأمة" لأول مرة في حياة الفنانة شادية.. "المعجزة وسرطان الثدي"
الفنانة الكبيرة شادية
كتب: أحمد إسماعيل (نقلا عن العدد الورقى)

عندما غنت الفنانة الكبيرة شادية، في ليلة المولد النبوي، أغنية «خد بإيدي»، التي كتبتها «علية الجعار»، ولحنها عبدالمنعم الباردوى، كانت تغنيها من قلبها، وكانت تعيش فى جو دينى روحانى، وصلت إليه بعد مجاهدة نفسية طويلة، حتى وجدت طريق الخلاص، فجاء الغناء مناجاة بينها، وبين رسول الهدى والإنسانية، تطلب منه أن يأخذ بيدها إلى طريق الهدى والنور، خرجت الكلمات لتعبر عن حالة وجدانية من أرقى الحالات، التى يمكن أن يعيشها الإنسان فى لحظة صفاء.

راحت تشدو، ويردد الكون معها الدعاء، «جه حبيبي وخد بإيدي، قلت له أمرك ياسيدي...أمرك ياسيدي، جه وعرفني طريقي وسكتي، وفي هداه وفي نوره مشيت خطوتي، وفي حماه هلت بشاير فرحتي، والأمان فرد الجناح على دنيتي، قلت ياشموع الفرح حواليه قيدي، جه حبيبى وخد بإيدى، قلت له أمرك ياسيدى...أمرك ياسيدى، لما جه سلمتله عقلى وقلبى، من حنانه ورحمته وعطفه عليه، هو نعمة من السما، أرسلها ربى بالهدى، بالخير لكل الإنسانية، يوم ماجه حسيت بأن اليوم ده عيدى، جه حبيبى وخد بإيدى، قلت له أمرك ياسيدى.. أمرك ياسيدى، وآدى حالى وحال جميع المؤمنين، اللى آمنوا بالنبى الهادى الآمين، اللى جه رحمة لكل العالمين، يانبينا ياختام المرسلين.. خد بإيدى...خد بإيدى..خد بإيدى».
 
وبثت الإذاعة والتليفزيون، الحفل على الهواء، ليعيش العالم كله هذه الحالة الصوفية الوجدانية لنجمتهم المحبوبة شادية عام 1986، وارتدت شادية فستانا أبيضا بسيطا ومحتشما يليق بـ (الحالة) الخارجية والداخلية، وغنت من قلبها قبل حنجرتها، كانت بالفعل تناجى الله أن يأخذ بيدها، ويدلها على طريق النور، ووصلت إلى قمة مناجاتها فى الكوبليه الأخير من الأغنية: «وآدى حالى وحال جميع المؤمنين.. اللى آمنوا بالنبى الهادى الأمين.. اللى جه رحمة للعالمين.. يا نبينا يا ختام المرسلين.. خد بإيدى.. خد بإيدى».
 
لقد كانت هذه المناجاة، هى بداية طريق «معبودة الجماهير» إلى الاعتزال، بعد صراع نفسى مرير خاضته «شادية»، التى كانت فى قمة مجدها الفنى، وتألقها التمثيلى على المسرح، بعد أن امتلكت ناصية الغناء والتمثيل السينمائى والتليفزيونى، كانت قد بلغت ذروة مجدها وتألقها بعد النجاح الأسطورى لمسرحية «ريا وسكينة»، وضرب العرض، الذى كانت تقف فيه شادية لأول مرة على خشبة المسرح أرقاماً قياسية فى الإيرادات والحضور والإقبال الجماهيرى، وحصلت شادية على أجر فلكى بحسابات تلك السنوات، وصل إلى ٨٠ ألف جنيه شهريا، وهو رقم كان يتخطى ما يحصل عليه نجم نجوم المسرح يومها، عادل إمام، ووصلتها ٥ سيناريوهات لبطولات سينمائية، تنتظر توقيعها، استغلالا لنجاحها المسرحى المدوى.
 
وفى قمة هذا النجاح، وهى تظهر كل ليلة، وتقف على المسرح، تمثل وتغنى ترسم البسمة على الشفاه، فى مصر وغيرها من الدول العربية، التى راحت تقدم فيها عروض المسرحية لعدة أشهر، كانت «شادية»، تعانى آلاما مبرحة، لم تعد تحتملها، وكانت الصدمة الكبيرة، إنه «السرطان»، وكان عليها أن تدخل المستشفى، وأن تخضع لعمليات جراحية خطيرة، لإزالة أورام من جسدها، ظلت فى واحدة منها لمدة ١٠ ساعات فى غرفة العمليات، وكان يمكنها أن تحتمل آلام الجسد، لكن آلام الروح، كانت أشد وأقسى، فقد رحل شقيقها وسندها فى الحياة بعد وفاة والدها، مات طاهر فجأة، وكانت صدمتها أكبر من قدرتها على الاحتمال، فتركت كل مجدها الفنى، وسافرت إلى أمريكا بصحبة والدتها فى رحلة طويلة هربا من الذكريات وآلام الروح، وقضت أسابيع فى ضيافة شقيقتها «عفاف»، التى كانت تعيش فى لوس أنجلوس مع زوجها.
 
في أمريكا حدثت المعجزة الطبية والإيمانية الكبرى فى حياة «شادية»، طبقا لما ذكره الكاتب الصحفى العراقى، رمزى صوفيا، فى مقال له بجريدة الأسبوع بتاريخ 4 يوليو 2016، والذى قال فيه إن «شادية» قبل أن تعلن اعتزالها، كانت قد أصيبت بمرض سرطان الثدى، وأنها سافرت عند شقيقتها عفاف لعرض نفسها على الأطباء فى الولايات المتحدة الأمريكية، لعلهم يجدون علاجًا لآلامها المبرحة، التى لم تكن تشعر بها أحدا، لأنها كانت تقابل الجميع بابتسامة، لكنهم أكدوا لها أن المرض تمكن منها، وأن أيامها معدودة، وقالت له فى حوار هاتفى بعد أن أخبرته «سهير البابلى» بذلك، حيث قالت له شادية، إنها رغم الأنباء القاسية، ورغم خطورة حالتها الصحية، فإنها راضية بقضاء الله وقدره، وهذا كلام الأطباء، ولكن من يدرى، فالله سبحانه وتعالى له الكلمة العليا، والأجل المحتوم لايقدره إلا الله سبحانه وتعالى، وأنا فى قمة السعادة ما دمت سأقابل وجه الله قريبا، وأنا فعلا سعيدة لأن أحلى وأجمل موعد يمكن أن أنتظره بشوق هو لقاء الله، الذى أتمنى أن يسكنى فى الجنة، والموت لا يرعبنى، فهو نهايتنا جميعا.
 
ونظرا لإيمانها وثقتها بالله تعالى، فقد كذب أطباء أمريكا، وحدثت المعجزة الربانية، وشفيت شادية تماما من سرطان الثدى، مما أدهش الأطباء فى أمريكا، لتعود شادية بعدها إلى القاهرة فى صحة جيدة ووجهها يتلألأ بالعافية، ومن يومها بدأت « الحاجة فاطمة»، تفكر جدياً فى اعتزالها للفن، وتركها لكل ما له علاقة به، والتفرغ لعبادة الله وعمل الخير مع من تعرفهم ومن لا تعرفهم.
 
أعادت الفنانة الكبيرة، السيناريوهات المعروضة عليها، ثم اعتذرت عن كل عروض الحفلات، لكنها تحمست لعرض من الإذاعة المصرية، لإحياء حفل الليلة المحمدية، وبحثت عن عمل مناسب يليق بالمناسبة الجليلة، وجاءتها عروض من أسماء لها قيمتها وشهرتها شعرا ولحنا، لكنها لم تجد فيها ضالتها، إلى أن جاءها رئيس الإذاعة بأغنية «خد بإيدي» للشاعرة «علية الجعار»، التى كان اسمها قد بدأ يتردد وقتها بعد أن شاركت فى كتابة أغانى الجزء الثانى من المسلسل الدينى الشهير «لا إله إلا الله»، ووجدت شادية فى كلماتها ما تبحث عنه، فوافقت على غنائها، فقد كانت بالفعل تبحث عمن يأخذ بيدها، ويخلصها من حالة الصراع النفسى، التى عاشتها حينها، كما وافقت على ملحنها، ولم تكن قد سمعت من قبل باسم عبدالمنعم البارودى، فقد وجدت فى لحنه شجنا وروحا صوفيا تبحث عنهما!.
 
ولاقت الأغنية صدى هائلا، وحصلت على المركز الأول كأحسن أغنية فى كل الاستفتاءات الفنية، التى أجريت فى نهايات ذلك العام (١٩٨٦)، ولم تكن «خد بإيدى»، هى أول أغنية دينية، تؤديها الفنانة الراحلة، فلها تجربتان سابقتان فى الغناء الدينى، أولاهما فى العام ١٩٥٦ فى بدايات مشوارها السينمائى عندما غنت فى فيلمها «اشهدوا يا ناس» قصيدة «قل ادعُ الله إن يمسسك ضر ووجّه ناظريك إلى السماء» من ألحان كمال الطويل، وكلمات والده زكى بك الطويل، وبعدها بـ١٥ سنة غنت (اللهم اقبل دعايا) فى مسلسلها الإذاعى الشهير (نحن لا نزرع الشوك)1971 من كلمات عبدالوهاب محمد، وألحان بليغ حمدى.
 
وبعد هذا الحفل غابت شادية عن الحركة الفنية، وراحت الأخبار والأقاويل، تتردد حول ابتعادها عن الساحة الفنية، حتى حسم الكاتب الصحفى الكبير الراحل «محمد سعيد»، الذى كان من أقرب الصحفيين إلى شادية، هذا الجدل وكشف عن اعتزالها فى مقاله الشهير بعنوان «غاب القمر» فى النصف الأول من عام 1987، لتنقل عنه الصحف ووكالات الأنباء خبر اعتزال الفنانة القديرة لتكون أغنية  «خد بإيدى»، آخر ما قدمته فى رحلتها الفنية.

​عالمية شادية باليابانى
 
shad
 

 
النجاح الفنى لصوت مصر، الفنانة شادية، لم يكن على مستوى مصر والعالم العربى فقط، وإنما تعدى ذلك ليصل إلى أقصى القارة الآسيوية، حيث اليابان، وهناك اشتركت فى بطولة فيلم «على ضفاف النيل» مع الفنان اليابانى اشيهارا، والفنان كمال الشناوى. الفيلم إنتاج مصرى- يابانى، وتم تصوير بعض مشاهده الخارجية فى مصر على شاطئ النيل، ومنطقة الأهرامات، والشوارع المحيطة بكوبرى الجامعة، أما المناظر الداخلية، فكانت لابد من تصويرها فى أكبر استوديوهات اليابان، والذى تملكه شركة «نيكاتسو» اليابانية، لذلك سافرت شادية إلى اليابان لهذا الغرض.
 
وفى نوفمبر عام 1962، وصلت الفنانة المصرية إلى العاصمة طوكيو، وهى تحمل مجموعة من المناديل «أبو قوية»، وثلاث ملايات لف وبدلة رقص، لتؤدى بها أحد المشاهد الراقصة، وبمجرد وصولها لفتت إليها أنظار الجميع من فنانين ووسائل الإعلام، التى حرصت على إبراز صور من مشاهد الفيلم، وخاصة مشهد رقصتها الشرقية، بينما أنتج التليفزيون اليابانى الرسمى، فيلمًا خاصًا عن مشوارها الفنى.
 
وخلال 23 يومًا، قضتها شادية هناك، زارت جميع المسارح ولبّت عشرات الدعوات لتكريمها، وأعجبت كثيرًا بالشعب «المؤدب»، الذى يجعل الضيف يخجل من نفسه، على حد وصفها، وأشادت بالمبانى الحديثة الجميلة وبالسينما المتقدمة، وبانتشار المسارح بشكل غريب، وكذلك احتلال الفنون التعبيرية، المرتبة الأولى بين الفنون اليابانية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق