وضاعت "القدس"

الأربعاء، 13 ديسمبر 2017 01:52 م
وضاعت "القدس"
صبرى الديب

 
لا أجد مبرراً للغضبة الشديدة التي اجتاحت الدول العربية والإسلامية، عقب قرار الرئيس الأمريكي بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها،على الرغم من أن الموقف الأمريكي في هذه القضية واضح وضوح الشمس منذ عام 1995، والجميع يعلمون بالقانون الذي أصدره الكونجرس الأمريكي في عهد بيل كلينتون، والذي نص صراحة على "وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها".
 
 
كما أن كل الحكومات العربية والإسلامية تعلم علم اليقين، أن قرار الكونجرس كان يتم وضعه منذ 22 عاما أمام كل رئيس أمريكي بشكل دوري كل 6 أشهر ، ويصدق الرئيس على تأجيله تحت بند "حماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة"، وأن "ترامب" ذاته وقع على مذكرة بتأجيل القرار مثل غيره من الرؤساء السابقين في يناير الماضي، أى أن كل الدول العربية والإسلامية تعلم أن هناك قرار أمريكى، ولم يتحرك أحد.
 
 
ولعل ما يدعو للأسف هنا، أننا كعرب ومسلمين لا نريد الاعتراف بالواقع، وضرورة الإقرار بأن كل الإدارات الأمريكية السابقة والحالية واللاحقة، كانت دوما وستظل منحازة لإسرائيل، وأن كل الرؤساء الأمريكيين السابقين قد وعدوا "علنا" بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، إلا أن "ترامب" كان أكثرهم "وضوحا".
 
 
كما أن الواقع المؤسف يؤكد، أن الرئيس الأمريكي قد اتخذ القرار وهو يعلم تماما مدى تبعاته، بدليل انه وضع أغلب الرؤساء العرب في حرج بإبلاغهم بـ "بجاحه" بالقرار قبل إعلانه بأيام، ولم يستمع لنصيحة اى منهم، رغم معارضتهم جميعاً، إلا أنه كان يعي جيدا، أنه قد اختار التوقيت المناسب، الذي يعانى فيه العرب والمسلمين من أشد حالات الوهن والضعف، وأن القرار سيمر دون تأثير أو ضرر على المصالح الأمريكية في الداخل والخارج، بدليل ما صرحت به السفيرة الأمريكية فى الأمم المتحدة، والتي قالت: "توقع البعض أن تنطبق الأرض على السماء مع صدور القرار، ولكن هاهي السماء في مكانها والأرض في مكانها".
 
 
الواقع يقول إن "ترامب" قد أعلن وبوضوح الموقف الأمريكي "المنحاز لإسرائيل" من القضية الفلسطينية، حيث اعتبر الشعب الفلسطيني "بلا هوية" ومنح "الكيان الصهيوني" اعترافا ضمنيا بالضم ـ غير المشروع ـ للقدس الشرقية، واعترافا بالقرار الإسرائيلي الذي صدر في عام 1980 بإعلانه ـ غير القانوني ـ للقدس عاصمة لإسرائيل، واعتراف صراحة بالحقوق الدينية والسياسية التي تدعيها إسرائيل، وتريد تطبيقها في القدس المحتلة، والتى تعنى أن كل المنشآت الدينية وغير الدينية بالمدينة ستؤول إلى للدولة الصهيونية، في مقابل تعويضات، تنزع عن فلسطين هويتها الدينية والثقافية وتاريخية،، و تتناقض مع وضعية المدينة المقدسة وفلسطين القانونية، وتضرب بقرارات الأمم المتحدة والإجماع الدولي بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني عرض الحائط.
 
 
 أعتقد أن الواقع يقول، انه ليس من العقل أن يعول العرب بعد الآن على واشنطن كـ "راعية لعملية السلام" بعد أن أدار "ترامب" ظهره للدول العرب كافة، وانحاز صراحة للمتطرفين الإسرائيليين، ومنحهم مكافأة وضوء أخضر لمواصلة الاحتلال والقتل والإبادة للشعب الفلسطيني، وقطع الطريق على كل الطرق الدبلوماسية التي كانت تلوح في الأفق بين الحين والأخر لحل القضية، وفتح الطريق ـ عن عمد ـ لمزيد من العنف المتوقع في المنطقة.
 
 
وأنّ العقل يقول، انه لا بديل أمام كل العرب ـ إذا أرادوا حفظ ما تبقى من ماء وجوههم ـ سوى الدعوى لمؤتمر قمة عربي طارئ، يتم خلاله اتخاذ قرارات بقاطع كل العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع أمريكا وإسرائيل، وإجبارهما على الإمتثال لقرارات الأمم المتحدة، وبنود المبادرة العربية، إلا سنترحم قريبا على دولة كانت تسمى "فلسطين" ومن بعدها دول أخرى كانت تسمى بـ "العربية". 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

تعليقات (1)
اصيبت
بواسطة: فليط افندى
بتاريخ: الأربعاء، 13 ديسمبر 2017 02:51 م

اصبت والله يا استاذ صبرى، المقال يعبر بصدق عن الواقع العربى، وواقع القدس

اضف تعليق


الأكثر قراءة