هيكل سليمان وحائط المبكى.. ذرائع صهيونية للسيطرة على"القدس العربي"

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017 11:00 م
هيكل سليمان وحائط المبكى.. ذرائع صهيونية للسيطرة على"القدس العربي"
اليهود
كتب: عنتر عبداللطيف (نقلا عن العدد الورقي)

«المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة وحائط البراق».. مقدسات إسلامية تقع بالقدس العربية باعتراف منظمة «اليونسكو» يريد اليهود محوها وتزييف الواقع لتحل مكانها بعض مسمياتهم وفق أهواء حاخاماتهم، فمتى نشأت هذه المقدسات الإسلامية؟ وكيف خطط الصهاينة لتدميرها والمغالطة فى تاريخ بعضها بنسبها إليهم دون وجه حق؟ ولماذا يخلط البعض بين المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة؟
 
يدعى اليهود أن الملك سليمان وهو النبى سليمان عليه السلام عند المسلمين، والذى بنى الهيكل فوق الجبل المسمى بنفس الاسم أو جبل موريا وهو جبل بيت المقدس الذى يقع عليه المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ويزعم بنى صهيون أن حائط البراق الذى يطلق عليه اليهود حائط المبكى هو من بقايا هذا الهيكل المزعوم، فيما تتشدد طائفة الأشكنازية منهم زاعمة أن هذا الهيكل تحت الحرم القدسى.
 
الكثير من المؤرخين ومنهم يهود يؤكدون أن هذا الهيكل محض أوهام وخرافات، حيث يعتقد بعض اليهود أنه موجود بالفعل لكنه كان قد بنى على جبل جرزيم بنابلس.
 
خطط الصهاينة لحث اليهود على العودة إلى ما يسمونه أرض الميعاد، وذلك فى بدايات القرن التاسع عشر، حيث خرج بعض المفكرين اليهود بفكرة إعادة بناء الهيكل وذلك للسيطرة على مدينة القدس العربية.
 
ثلاثة أسباب يفندها المسلمون للرد على مزاعم «هيكل سليمان» أولها أن التوراة التى بين أيديهم قد قام أحبارهم وحاخاماتهم بتحريفها لكى تتفق مع أهوائهم، فقد تعدوا على كلام الله وحرفوه، وقصة تحريف التوراة قد وردت فى القرآن الكريم فى عدة مناسبات. 
 
السبب الثانى- وفق كتابات إسلامية - هو تكذيب رواية أن الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى، فيقول المسلمون كيف لهذا الأمر أن يتم وقد أعاد سليمان بناء الأقصى الذى كان قائما أصلا قبل سليمان بألف سنة، وجاء فى ذلك أحاديث صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.. ثم قام سليمان ببناء الهيكل وهذا حسب الرواية اليهودية. السبب الثالث هو أن المسجد الأقصى يوجد على الجبل المقدس، فإذا كان الهيكل تحته فهل تم الحفر فى الجبل وبناء الهيكل، حيث إن اليهود مختلفون فيما بينهم، فمنهم من يقول إنّه تحت الأقصى ومنهم من يقول إنه المسجد الأقصى، ومنهم من يقول إنه على جبل جرزيم، ومنهم من أنكر وجوده معتبرا إياه من الخرافات.

حائط البراق
ويطلقون عليه حائط البراق، والذى يحد الحرم القدسى الشريف من الناحية الغربية، ويمتد من باب المغاربة جنوبا، حتى المدرسة التنكزية شمالا بطول خمسين مترا وارتفاع يقترب من الأربعين مترا، وذلك لارتباطه بقصة الإسراء والمعراج، حيث يقول الرواة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بربط البراق – وهى الدابة التى ركبها عند إسرائه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى – فى حلقة على هذا الحائط ويعتبر المسلمون حائط البراق جزءا مهما من المسجد الأقصى، وبجوار باب المسجد الأقصى المدعو بباب المغاربة يوجد مسجد يسمى مسجد البراق، وهو ملاصق للحرم المقدسى.
 
وفى عام 1967 احتلت إسرائيل القدس واستولت على المسجد الأقصى ومحيطه الذى كان واقعا تحت الإشراف والحماية الأردنية، وقررت الحكومة الإسرائيلية بعدها القيام بتوسعات فى الساحة المجاورة للحائط، وتم هدم حى المغاربة الذى كان موجودا فى مواجهته.
 
أما حائط البراق فقد سمى بحائط المبكى لأن اليهود يعتقدون أن هذا الحائط هو الأثر الوحيد المتبقى من هيكل النبى سليمان عليه السلام، وأنه محرم عليهم دخول الحرم المقدسى منذ خراب الهيكل، لذا فهم يعتبرون هذا المكان قبلة صلاتهم الأخيرة ويؤدون طقوس الصلاة والحداد أمام ذلك الحائط، ويكون من ضمن تلك الطقوس إظهار الندم والتباكى حدادا على هيكل النبى سليمان عليه السلام، لذا فقد أطلق عليه العرب المقدسيون اسم حائط المبكى.
 
أشاعت الحركة الصهيونية العالمية بين يهود العالم أن حائط المبكى الذى هو جزء من هيكل النبى سليمان وقد تم الاستيلاء عليه من قبل المسلمين وأنه يجب على اليهود الهجرة لفلسطين والصلاة أمام حائط المبكى، لذلك يعد النزاع حول حائط البراق بين المسلمين واليهود أقدم من القضية الفلسطينية ذاتها، وتقول مصادر تاريخية متنوعة إن اليهود لم يبدأوا تقليد البكاء على هذا الحائط إلا فى العصر العثمانى حيث لا يوجد سند لما ورد فى العهد القديم بشأن حائط المبكى.
 
يخلط الكثيرون بين المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة حتى من اتخذوا موقفا بالدفاع عن القدس عبر وسائل التواصل الاجتماعى اعتراضا على قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فقد غيروا بروفايلاتهم الشخصية بصورة مسجد قبة الصخرة.. فما الفرق بين الاثنين؟ حيث إن المسجد الذى هو موضع الصلاة، ليس هو قبة الصخرة، لكن لانتشار صورة القبة، يظن كثير من المسلمين حين يرونها أنها المسجد، والواقع ليس كذلك، فالمسجد يقع فى الجزء الجنوبى من الساحة الكبيرة، والقبة بنيت على صخرة مرتفعة تقع وسط الساحة.
 
«المسجد الأقصى» هو كل ما يقع داخل سور الأقصى، وهو جزء من أحد أهم المساجد الإسلامية فى مدينة القدس وتعد قبته من أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامية، وهو أقدم بناء إسلامى بقى مُحافظا على شكله وزخرفته ويعد أيضا من أجمل الأبنية فى العالم.
 
والثابت فى الحديث الشريف أن المسجد الأقصى هو ثانى مسجد وضع فى الأرض عن أبى ذر الغفارى رضى الله تعالى عنه، قال: قلت يا رسول الله أى مسجد وضع فى الأرض أول؟ قال: «المسجد الحرام»، قال: قلت ثم أى؟ قال: «المسجد الأقصى»، قلت: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فَصَلْ، فإن الفضل فيه» ويرجح أن أول من بناه هو آدم عليه السلام واختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام بأمر من الله تعالى دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد، وذكر بعض الفقهاء أن الملائكة هم أول من بنوا المسجد الأقصى.
 
المسجد الأقصى الذى شهد إسراء النبى محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، وصلى بالأنبياء فى هذا المسجد المبارك، حيث يقول ابن تيمية فى مجموعة الرسائل الكبرى 2/61: «المسجد الأقصى اسم لجميع المسجد الذى بناه سليمان عليه السلام، وقد صار بعض الناس يسمى الأقصى بأنه المصلى الذى بناه عمر بن الخطاب فى مقدمته، والصلاة فى هذا المصلى الذى بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاة فى سائر المسجد، فإن عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس وكان على الصخرة زبالة عظيمة كان القصد منها إهانة اليهود الذين يصلون إليها، فأمر عمر بإزالة النجاسة عنها، وقال لكعب: أين ترى أن نبنى مصلى للمسلمين؟ فقال: خلف الصخرة، فقال: يا ابن اليهودية! خالطتك اليهودية، بل أبنيه أمامها فإنّ لنا صدور المساجد.
 
ولهذا كان أئمة الأمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة فى المصلى الذى بناه عمر، أما الصخرة فلم يصل عندها عمر ولا الصحابة ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة، بل كانت مكشوفة فى خلافة عمر وعثمان وعلى ومعاوية ويزيد ومروان.. أما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يكونوا يعظمون الصخرة فإنها قبلة منسوخة.
 
أما قبة الصخرة المبنى فوقها مسجد قبة الصخرة والذى بناه الخليفة عبدالملك بن مروان بداية من عام 66 هجرية الموافق 685 ميلادية، وانتهى منها عام 72 هجرية الموافق 691 ميلادية فهو عبارة عن بناء مثمن الأضلاع له أربعة أبواب، وفى داخله تثمينة أخرى تقوم على دعامات وأعمدة أسطوانية فى داخلها دائرة تتوسطها «الصخرة المشرفة» التى عرج منها النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» إلى السماء فى رحلة الإسراء والمعراج، وترتفع هذه الصخرة نحو ١٫٥ متر عن أرضية البناء، وهى غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و18 متراً، وتعلو الصخرة فى الوسط قبة دائرية بقطر نحو 20 مترا، مطلية من الخارج بألواح الذهب، ارتفاعها 35 مترا، يعلوها هلال بارتفاع 5 أمتار.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق