اغتيال البراءة في شوارع مصر....ندى وأشقائها يبيعون الخبز بعد أن هجرهم والدهم (صور)

الجمعة، 05 يناير 2018 04:00 ص
اغتيال البراءة في شوارع مصر....ندى وأشقائها يبيعون الخبز بعد أن هجرهم والدهم (صور)
اغتيال البراءة في شوارع مصر
ألفت عبد الظاهر

برغم أنهم مايزالون فى مرحلة البراءة واللهو والضحك إلا أن المسئولية الواقعة على عاتقهم تفوق ما قد يتحمله الكبار . فهم يقيمون لساعات طويلة فى الشارع بكل معاناته وظروفه من شتاء قارس أو لهيب حارق أو معاملة قد يتعرضون لها من معدومى الضمير والأسباب مختلفة إلا أن النتيجة واحدة وهى طفل لا يشعر بطفولته ولا يعيشها كأقرانه من الاطفال..

وليد ذو الخمسة عشرعام قال إننى تركت منزل أسرتى بعد أن تزوج والدى بفتاة صغيرة وأصبح يتعامل معنا بمنتهى القسوة ويطلب حتى من شقيقاتى البنات الإنفاق على أنفسهن ويطلب منى البحث عن اى فرصة عمل فتركت له المنزل والقرية كلها وجئت على القاهرة بحثا عن اى فرصة عمل..

وقال: لقد عملت فى الكثير من المهن منذ قدومى إلى القاهرة حيث عملت فى محطة بنزين ثم مطعما وأخيرا ورشة نجارة حيث يسمح لى صاحب العمل بالمبيت فى الورشة فمن ناحية أقوم بحراستها ومن ناحية أخرى أبيت فيها بدلا من المبيت فى الشوارع وعلى الارصفة.

وأضاف وليد: أننى تركت الدراسة ولم أهتم بالالتحاق بأى مدرسة هنا لانه ليس معى أوراق أو مستندات وثانيا حتى وإن التحقت بالمدرسة فمن الذى سيُنفق على إذا لم انفق أنا على نفسى.

سيد الذى يبيع الخبز قال نحن من بنى سويف وأقيم هنا مع والدى لمساعدته فى العمل وهو الذى يقوم بغسل ملابسى وصاحب الخبز هو الذى يُطعمنى ويحضر لى الطعام من أى مطعم هنا ونبيت معه أنا ووالدى فى هذا المخزن.

وقال: إننى اتلقى تعليمى من المنزل "منازل" وأذهب فقط لاداء الامتحانات ثم أعود إلى العمل هنا فى القاهرة مشيرا إلى أنه سيذهب لزيارة بلدته ووالدته فى العيد القادم حيث أنه لا يزور بلدته إلا على فترات متباعدة.

فاطمة وهى طفلة ذات الثلاثة عشر عاما قالت أنا " بشحت" لان والدى يعمل سباكا ووالدتى تبيع "النعناع" وأنا لا أذهب إلى المدرسة لأنه ليس لدينا أموال ولدى أشقاء أيضا .وأكدت قائلة " والله ما بكدب عليكى" وأعطتنا عنوان منزلهم لنتأكد بأنها تتسول من أجل الإحتياج وأنهم لا يملكون قوت يومهم.ثم طلبت منا بعضا من الحلوى لان والدها حالته لا تسمح بأن يشتروا الشيبسى أو الحلوى ولا حتى الأشياء البسيطة.

عصام فى الصف الأول الاعدادى ووجدناه يحمل الكثير من الكراتين وزجاجات المياه والعصير ويقوم بتوصيلها للمنازل وبسؤاله قال نحن من البحيرة ولكننا نقيم هنا فى القاهرة وأنا أعمل فى السوبر ماركت من الساعة 12 ظهرا وحتى السادسة مساءا ثم أعمل فى الصيدلية المجاورة من السادسة مساءا حتى ال12 مساءا ..

وأضاف قائلا بأن والدى يعمل أيضا فى سوبر ماركت وأنا أذهب إلى المدرسة صباحا ثم أعود إلى العمل ..وقال صاحب السوبر ماركت أن محمود يعمل هذه الأيام فى الفترة المسائية بسبب أدائه لإمتحانات نصف العام.

ندى ذات الست سنوات كانت تجلس برفقة شقيقها ذو العامين وشقيقتها "أشكى" ذات الثلاث أعوام وأمامهم مجموعة من أرغفة الخبز الريفى تبيع وتشترى فيها ..وندى تجلس على مقربة من والدتها والتى تقوم بشى الذرة .وقالت الأم أننى مضطرة إلى العمل حيث أن زوجى قد تركنا ويصفنا بأننا" نحس ووش فقر" وهو يعطينا مبلغ 30"جنيه أسبوعا بعد أسبوع وهى لا تكفى ولذلك أقوم ببيع الذرة وأجهز هذا الخبز فى المنزل لتبيعه ندى للسيدات .

وأضافت أن ندى لا تريد أن تبيع هذا الخبز لانها تخجل من زميلاتها وزملائها إذا ما شاهدوها أثناء مرورهم فى الشارع ولكننى أقول لها أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعمل والعمل " مش عيب"

وقالت أننى لا أستطيع العودة إلى قريتى فى الصعيد لأنهم سيطلبون منى ترك أطفالى وأنا أفضل " المرمطة " فى الشارع على أن أترك أطفالى فزوجى كان متزوجا من قبلى ولديه منها أبناء أيضا وهو لا ينفق على أحد وحينما ذهبت لاحد المحامين لرفع قضية نفقة ضده طلب منى أتعاب ألفين جنيه وأنا لا املك حتى قوت يومى والحمدلله على كل حال.

محمود كان يدفع عربة أمامه بصعوبة ويحاول المرور بعيدا عن السيارات وكان فى عجلة من أمره وكأنه رجلا كبيرا قد تأخر عن موعد مهم قال أنا أعمل سروجى مع والدى وأأخذ البضاعة من الورشة التى نعمل بها إلى المخزن وأنا لا أذهب إلى المدرسة لمساعدة والدى والإنفاق على شقيقاتى البنات .

وفي دراسة حديثة للدكتورة نجوى خليل وكلا من دكتورة سهير لطفى وإكرام إلياس بعنوان" أطفال بلا مأوى .دراسة مسحية _بمحافظة الجيزة" أن نسبة الأسرالتى ليس لها مأوى ويعيش معها الطفل فى الشارع بلغت 33,9% أى ما يقرب من ثلث عينة الدراسة وأنه قد ترتب على معاناة الأسر من الفقر أن تدفع بأطفالها إلى الدخول المبكر فى سوق العمل وإجبارهم عليه وأن إنخفاض المستوى الإقتصادى للأسر أدى إلى تسرب الأطفال من التعليم وخروجهم من مدارسهم لعدم قدرتهم على دفع مصاريف الدراسة 

وأكدت الدراسة أن أهم الأسباب التى أدت إلى تسرب الأطفال من التعليم هو أن الأب والأهل "طلعوا" الطفل من المدرسة وذلك بنسبة 28,7% ويلى ذلك بسبب عدم وجود مصاريف للمدرسة بنسبة 26,1% ثم بسبب الهروب من المدرسة بنسبة 25,7% ثم 25,3% بسبب كثرة الرسوب ثم ذكر الاطفال ان عدم الرغبة فى التعليم هو سبب تركهم للمدرسة بنسبة 24,6% وبنسبة 24,4 بسبب ضرب المدرس لهم 

وقالت الدراسة إن أهم الانشطة الإقتصادية التى يمارسها الطفل فى الشارع هى بيع بعض الأشياء بنسبة 46%، يلى ذلك التسول للاستجداء بنسبة 32,4% وهؤلاء الذين يشكلون الخطورة الأكبر، وأن هناك نسبة غير قليلة يعملون فى الأعمال الفنية والحرفية بنسبة 12,2% ونسبة 10,1% يعملون بالأعمال الخدمية.

وفى دراسة أخرى بعنوان" أطفال الشوارع فى مصر" للدكتورة نسرين البغدادى ومحمود بسطامى وشحاتة زيدان تبين أن الغالبية العظمى من عينة الدراسة والتى بلغت 16019 طفلا يمارسون أعمالا هامشية كبيع سلع تافهة ويمارس التسول 21,7% ويقوم 19,3% منهم بجمع القمامة والخردة ويعمل 13,3% منهم فى مسح السيارات و8,4% يمارسون أعمالا يجرمها القانون وفى مقدمتها السرقة.

وأشارت الدراسة إلى الواقع الصحى للأطفال وقالت إنهم يعيشون فى ظروف بيئة صعبة تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض , وما يزيد الأمر صعوبة أن فرصهم فى الحصول على الرعاية الصحية ضئيلة حيث يعانى 14% من عينة الدراسة من الضعف والهزال ويمكن القول فى جملة واحدة إن حياة الأطفال فى الشارع بالغة الصعوبة_بحسب الدراسة_ فهم يعيشون فى ظروف قاسية إنعكست على اوضاعهم التعليمية والمهنية والصحية . والواقع اننا لسنا فى حاجة لمعرفة الأرقام قدر حاجتنا إلى العمل على تنسيق الجهود لمعالجة هذه الظاهرة.

وفى حصر شامل أجرته وزارة التضامن الإجتماعى عام2014 للأطفال بلا مأوى أظهرت النتائج بأنهم يبلغون حوالى 20 ألف طفل يتجمعون فى 2558 نقطة على مستوى الجمهورية.

thumbnail (5)

 
 

 

thumbnail (2)
 

 

thumbnail (3)
 
 
thumbnail (4)
 

وكان من نتائج الدراسة التحليلة للحصر تحديد عشر محافظات تعد الاكثر ضررا من الظاهرة وهى( القاهرة_ الجيزة_ القليوبية_ الاسكندرية_ المنوفية_ الشرقية_ السويس_ بنى سويف_ المنيا _أسيوط) حيث أن عدد الاطفال بلا مأوى فى هذه المحافظات هو 12772 طفل .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة