"داعش" ستنتقم في أولمبياد كوريا الجنوبية

الثلاثاء، 23 يناير 2018 04:40 م
"داعش" ستنتقم في أولمبياد كوريا الجنوبية
د. مغازي البدراوي يكتب :

تتداخل الرياضة في السياسة بشكل كبير، ولا شك أن تداخلهما ليس إيجابياً بالمرة، بل دائماً يأتي بنتائج سلبية، وأحيانا كارثية ومأساوية على الرياضة، ولعل أولمبياد الألعاب الشتوية المزمع إقامته قريباً بعد أيام في مدينة بيونغ تشانغ في كوريا الجنوبية، وما يحيطه من جدل كبير وأحاديث طويلة حول تهديدات أمنية قد تعرض حياة اللاعبين المشاركين في الألعاب والجمهور أيضاً للخطر، يعطينا مثالاً واضحاً على مدى انعكاس السياسة على الرياضة بشكل سلبي.

ورغم جلسات الحوار والتوافق النسبي بين الكوريتين الشمالية والجنوبية في الأيام الماضية، واتفاقهما على المشاركة في الأولمبياد، إلا أن التهديدات لأمن الأولمبياد تأتي من جهات أخرى، ربما تكون أشد خطورة، وعلى رأسها ما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" المتفق على تسميته "داعش"، هذا التنظيم الذي فاق في إمكانياته وإرهابه كل التنظيمات السابقة والمعاصرة له، ولقد لقى "داعش" في خلال العام الماضي خسائر فادحة في كل من العراق وسوريا، وبات مهدداً بالمطاردات في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي دفعه للتخطيط للخروج بنشاطه الإرهابي خارج المنطقة إلى مناطق أخرى أكثر هدوء وملائمة لنشاطاته الإرهابية، ويبدو أنه يتطلع للمناطق السياحية حيث التجمعات البشرية الأكثر، مما يعطي هجماته الإرهابية مفعول وتأثير أكبر، وهذا ما يريده هذا التنظيم الإرهابي الذي يخشى أن ينزوي في الظلام ويتراجع مثلما تراجع تنظيم القاعدة، وخاصة بعد هزائمه وانحساره في الشرق الأوسط.

وقد كتبت صحف ووسائل إعلام عالمية عن خطط ونوايا تنظيم داعش في التوجه نحو كوريا الجنوبية في أثناء أولمبياد الألعاب الشتوية الشهر القادم، ومنها صحيفة "تليغرام" البريطانية التي كتبت تقول أن قيادات تنظيم "داعش" يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية في كوريا الجنوبية أثناء أولمبياد الألعاب الشتوية القادمة بعد أيام، وكتب خبراء ومراقبون يطالبون السلطات الكورية باتخاذ اللازم من الإجراءات والاستعدادات لمواجهة مثل هذه الأعمال الإرهابية وتفاديها، وكتبت الإعلامية الأمريكية الشهيرة صوفيا مانغال تقول أنها متأكدة من أن تنظيم "داعش" لن يترك أولمبياد الألعاب الشتوية في كوريا الجنوبية يمر بسلام، وأن هذا التنظيم يشعر بالأسى والانكسار الشديد من هزائمه في منطقة الشرق الأوسط، ويريد أن ينتقم ويستعيد مكانته العالمية، ولهذا يريد أن يضرب ضربة كبيرة يوقع فيها عدد كبير من الضحايا، وفرصته في الأولمبياد ستكون مناسبة لتحقيق هذا الهدف، حيث الوفود واللاعبين والجمهور من مختلف دول العالم، مما يعطي الضربة التي يعد لها تأثير وصدى عالمي أكبر، مما يعيد الثقة للعناصر الإرهابية في التنظيم، والتي أصابها اليأس في الآونة الأخيرة، كما يدعم التنظيم لدى "الجهات الممولة له" والتي يعمل لتنفيذ أجنداتها الدولية في نشر الفوضى والإرهاب.

الألعاب الأولمبية منذ تأسيسها وبدايتها منذ سنوات طويلة، وهي نموذج الرياضة الدولية التي تعكس التعاون والتقارب بين الدول والشعوب، ولها رمزها الإنساني الدولي الذي يحظى باحترام يقترب من التقديس، ومازالت طقوسها تحترم وتؤدى بالتزام صارم على الأسس اليونانية القديمة، وأي مساس بأمنها يؤدي إلى ردود فعل عالمية قوية، ونتذكر هنا ما حدث عام 1972 في الألعاب الأولمبية في ميونيخ، عندما قام فدائيون فلسطينيون تحت اسم منظمة "أيلول الأسود" بعملية فدائية في القرية الأولمبية قتلوا فيها إحدى عشر رياضي إسرائيلي، هذه العملية يتذكرها الآن بعض المراقبين والخبراء الأوروبيين، ويقولون أنه ليس من المستبعد، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل العاصمة الإسرائيلية للقدس، أن تتكرر مثل هذه العملية في أولمبياد الألعاب الشتوية في كوريا الجنوبية، وإذا كان هذا الآن مستبعداً بالنسبة للفلسطينيين الذي ابتعدوا عن العمليات الفدائية الكبيرة منذ سنوات مضت، فإنه ليس مستبعداً على تنظيم "داعش" الذي تفتخر واشنطن منذ أيام بأنها قضت عليه في العراق وسوريا.

البعض أيضاً يحذر من جماعة "أبو سياف" الموجودة في شرق أسيا، والتابعة أيضاً لتنظيم "داعش" ويقولون أن عناصرها منتشرون في دول شرق أسيا على شكل سائحين، ومتوقع توجههم إلى كوريا الجنوبية على الأولمبياد.

أجهزة الأمن في كوريا الجنوبية، رغم ما تصرح به من استعداداتها لمواجهة كافة أنواع التهديدات للأولمبياد، إلا أن الكثير من الجهات، خاصة في أوروبا لديها شكوك كبيرة في قدرات هذه الأجهزة التي ليس لديها أية خبرة في التعامل مع الإرهابيين والجماعات الإرهابية، ورغم اقتراب موعد الأولمبياد إلا أن بعض الدول مازالت متخوفة على لاعبيها وجماهيرها من الذهاب للأولمبياد، ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق