من أجل "البرستيج"

السبت، 27 يناير 2018 06:09 م
من أجل "البرستيج"
شيرين سيف الدين تكتب:

نحيا على أرض الوطن ونحلم دائما بغد أفض ، وحياة أيسر، ولن يأتي هذا الأفضل دون الاهتمام بالتفاصيل صغيرة كانت أم كبيرة، فالتفاصيل عندما تترابط بالشكل الصحيح نحصل على الصورة الصحيحة كاملة .

إن توفير مواصلات عامة محترمة تعد حقا أصيلا للمواطنين في أي دولة .

وأخيرا أطلقت شركة "مواصلات مصر" للنقل الحضارى مشروع الاتوبيس الذكى الذي يعد واحدا ضمن مشروعات النقل الجماعي الحديثه بالقاهرة، والأتوبيسات مكيفة ومزودة بوسائل تكنولوجية حديثة ، كما انها ولأول مرة في مصر ملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة.

وهذا المشروع كان مطلبا شعبيا وضروريا منذ زمن، حيث يعد عنصرا جاذبا للمواطنين كبديل للسيارات الخاصة أو التاكسي بأنواعه، وهو ما يساعد بالطبع في حل أزمة المرور، وتقليل الازدحام وبالتالي اختصار الوقت، وترشيد استهلاك البنزين، والتخفيف من التلوث الناتج عن العوادم، مثلما هو الحال في الدول المتقدمة.

وبداية وقبل أن نسمع شكاوى المسؤولين من سوء استخدام المواطنين، ومن أجل الحفاظ على تلك الأوتوبيسات من التخريب، فلابد من وضع قانون صارم  بفرض غرامة مالية فورية على كل من يعبث بنظافة الأوتوبيس أو تخريبه بأي شكل من الأشكال، وإما الدفع أو الحبس مع تطبيق القانون دون تهاون، أما نغمة أن المواطن يجب أن يحافظ على ممتلكاته العامة فلن تجد مردودا طيبا، ولن تردع المخرب، فلا رادع سوى تطبيق القانون .

وفي المقابل ومن الضروري أيضا تخصيص رقم للشكاوى يستطيع الراكب الاتصال به في حال سمح السائق بركوب عدد أكبر من المسموح، أو مخالفته لقواعد تقديم الخدمة بأي شكل من الأشكال .

وعادة ما يحضرني مبدأ إن تم العمل به ستكون نتائجه مثمرة، وهو الـ(win win game)  أو لعبة المكسب لجميع الأطراف، فهناك ضرورة لمخاطبة الجانب السيكولوجي للمواطن، والتعامل مع كل مجتمع بما يتناسب مع خصائص وثقافة شعبه، لتلبية احتياجات جميع فئاته وتعظيم الفائدة من أي مشروع، وبما أننا لا نستطيع إنكار أننا نعيش في مجتمع يغلب على جزء كبير منه الطبقية، ومراعاة المظهر الاجتماعي، ونعلم جيدا أن هناك من يعزف عن استخدام المواصلات العامة ليس فقط لتدني مستوى الخدمة، ولكن في الأساس من أجل الحفاظ على (البرستيج)، وهناك بالفعل عدد من المسافرين لأوروبا و(الدول المتقدمة) لا يمانعون في استخدام المواصلات العامة حيث لا يعرفهم أحد ، بينما في مصر فلا يفعلونها أبدا حتى مع ضمان جودة الخدمة .


فما المانع من إرضاء هذه الطبقة وتوفير فئتين من الأوتوبيس بسعرين متفاوتين، وتمييز كل منهما بلون مختلف وإضافة بعض الخدمات حتى ولو بسيطة للفئة الأعلى؟ على أن يدفع مستخدم الفئة الأعلى ضعف ما يدفعه الآخر ، وهو ما يعني أيضا أن تكون الفئة الأكبر من المستفيدين من دعم الدولة للخدمة هم غير القادرين، أما القادرون فسيدفعون مقابلا أكبر في نوع من تحقيق العدالة الاجتماعية .

إن مثل هذه الفكرة البسيطة لن تضير في شيء، بل على العكس ستزيد من موارد الشركة بشكل يساعدها في الصيانة الدائمة لجميع الأوتوبيسات من الفئتين، وضمان استمرار تقديم الخدمة بالشكل المطلوب لجميع المستخدمين، وهو ما يحقق فائدة للجميع، حيث يدفع من يستطيع بإرادته ورضاه، ويستفيد من لا يستطيع.

ومن البديهي أن وجود مواصلات درجة أولى سيجذب أعدادا أكبر من المواطنين، ومستويات مختلفة من المستخدمين، وهو ما يمكن تطبيقه أيضا على مترو الأنفاق، مثلما هو متبع في شركات الطيران فنجد في الطائرة درجة اقتصادية، ودرجة رجال أعمال، ودرجة أولى، وغالبا ما يختار البعض الدرجات الأعلى للراحة، وللوجاهة الاجتماعية، فلماذا لا نخاطب الجانب النفسي لبعض المواطنين ونستفيد منه في المواصلات العامة أيضا؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة