رحيــــل أميــر الطهــاة : بـــول بوكيــــز

الثلاثاء، 30 يناير 2018 11:04 م
رحيــــل  أميــر الطهــاة :  بـــول بوكيــــز
دكتور يحيى عبد القادر يكتب :

ودعت فرنسا الأسبوع الماضى (بول بوكيز) عميد  الطهى الفرنسى الأكثر شهرة فى العالم وذلك على مدى نصف قرن من الزمان. لقد برع أسطورة الطهى الفرنسى فى صناعة الحلوى الفاخرة وكذلك الأطباق الفرنسية الراقية  التى اشتهرت بتقديمها المطاعم المستقلة وفنادق الصفوة فى أوربا وحول العالم. لقد تأثرت صناعة الطهى وخدمات الأغذية والمشروبات بخبرات وتجارب ذلك الطاهى العبقرى. فالمطاعم الراقية التى تفتخر باستحواذها على تصنيف (ثلاثة نجوم) وهو أرقى تصنيف تحصل عليه منشأة سياحية يعود الفضل فى ذلك لبول بوكيز.
 
وصفته صحيفة التليجراف بأنه يعد بمثابة (البابا لفن الطهى الفرنسى  Pope Of French Gastronomy
ففى وداعه بكتدرائية القديس يوحنا بمدينة ليون اصطف 1500 من أشهر طهاة العالم لتشييع جنازته وتأبينه بكلمات تعكس روح التقدير والاحترام لأمير طهاة العالم لأكثر من نصف قرن من الزمان. لقد أوصى بدفنه فى قريته الصغيرة بعد جنازة متواضعة إلا  أن تدفق الطهاة من انحاء العالم حال دون تحقيق رغبته الأخيرة. وبالرغم من سقوط الأمطار الغزيرة مما حال دون تدفق آلاف المشيعين لتقديم واجب العزاء مما دعا سلطات الكاتدرائية لعرض شاشات عملاقة خارج الأسوار حتى يتمكن عشاق أسطورة الطهى من تتبع مراسم توديعه الى مقره الأخير.
 
يعد بول بوكيز مرحلة فاصلة فى تاريخ فن الطهى الحديث، وقد انعكس تأثيره على كلمات مشيعيه من مشاهير الطهاة ورجال السياسة على نحو سواء. تقدم مراسم توديعه الطاهى الشهير آلان دوكاس والأخوة ترواجروز وكذلك الطاهية المعروفة آن صوفى. ارتدى الطهاة
زيهم الأبيض الكلاسيكى وقد زينه البعض بعلم فرنسا ثلاثى الألوان. كما تدفق طهاة اليابان ونيويورك والعواصم الكبرى لإلقاء نظرة وداع على عملاق الطهى الراحل الذى توفى عن 91 عاما. عبر أحد الطهاة  عن مشاعره بقوله " إن كل ما تعلمناه والنتائج الرائعة التى حققناها يعود الفضل فيها لذلك الرجل". كما عبر وزير داخلية فرنسا عن حزنه بقوله "لقد فقدت فرنسا واحدا من أعظم سفراءها". 
 
تعود شهرة أمير الطهاة الى الثورة التى قادها لتطوير فن الطهى الحديث خلال السبعينات من القرن الماضى وذلك عن طريق مدرسة الطهى الحديثNouvelle Cuisine  التى اعتمدت على احترام تقاليد الماضى مع عدم المبالغة فى إضافة المتبلات للأطباق مع
استخدام منتجات ومواد غذائية طازجة كل ذلك بأسلوب فنى جذاب. وبالرغم من رحلاته العديدة التى افتتح من خلالها مطاعم جديدة وزار معارض الأغذية والمشروبات فى العواصم الكبرى إلا أنه ظل مخلصا لمدينة ليون التى شهدت موهبته المبكرة. لقد كان رائدا فى صناعة السياحة والفندقة حين قام بافتتاح أكاديمية الطهى الشهيرة والتى تحمل إسمه فى ليون والمعروفه بإسم   Bocuses d’Or      . لقد حاز مطعمه على أعلى تقدير فى عالم المطاعم الراقية والذى تمنحه مؤسسة ميشلين حيث حصل على تقييم ثلاثة نجوم فى عام 1965 وهو تقييم ظل محتفظا به منذ نصف مما يعد سبقا  فريدا فى صناعة الأغذية والمأكولات الراقية. 
 
لقد تزاحم عليه المستثمرين ورجال الأعمال ليشاركهم فى افتتاح مطاعم تحمل اسمه فى العواصم الكبرى فقام بافتتاح مطعم شهير فى اليابان. ومن المعروف أن الأب الروحى لفن الطهى الحديث ينتمى الى أسرة من الطهاة. حيث كان أجداده طهاة معروفين منذ عام 1765، وقد التحق للعمل معهم منذ كان  صبيا يافعا يبلغ من العمر 14 عاما. 
 
اشتهر بتذوق الطعام الجيد والتمتع بمباهج الحياة على الطريقة الفرنسية. وخلال آخر حوار صحفى أجراه قبل الرحيل تم سؤاله عن العشاء الأخير الذى يرغب فى تناوله فأجاب " كل ما أريده هو وجبة ساخنة". ثم استطرد يقول "وعلى أن أختار ضيوفى على مائدة العشاء !"  وقد تمنى أن يصحبه فى ذلك العشاء الأخير أعظم طهاة فرنسا على مر التاريخ أمثال إسكوفييه وأنطوان كاريم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق