"غوغائية تدين".. لهذه الأسباب تحول الآذان من خاطف للقلوب إلى منفر للنفوس (فيديو)

الأربعاء، 21 فبراير 2018 11:00 م
"غوغائية تدين".. لهذه الأسباب تحول الآذان من خاطف للقلوب إلى منفر للنفوس (فيديو)
حسن الخطيب

عند كل مرة استمع فيها لصوت المؤذنين الجدد في مكبرت الصوت بالمساجد، يحضر إلى ذهني المشهد الذي جمع الفنانين كرم مطاوع وحسن حسني في مسلسل "أربيسك" عندما عاد الدكتور "برهان" عالم الذرة من أمريكا ليعيش في الحارة المصرية مع الدكتور "وفائي" ليستمع إلى صوت المؤذن في مكبر الصوت بالمساجد للصلاة الفجر، ويدور بينهما حوار حول استخدام مكبرات الصوت بالمساجد، فيتسائل الدكتور برهان عن سبب استخدام الميكروفونات في الآذان وكان قبلها المؤذن يصعد إلى المأذنة فيكون صوته عذبا وكافيا، فيجيبه الأستاذ وفائي هي عودة للإسلام باستخدام تكنولوجيا العصر.
 
فيجيب الدكتور برهان قائلا: على ما اتذكر أن طيلة 14 قرنا لم تستخدم الميكروفونات، وكنا نسمع صوت المؤذن وهو يسير في سكون الليل ليلامس القلوب ويدعوا إلى الصلاة بكل سكون ووقار، فلماذا تلك الضجة، فيجيبه الاستاذ وفائي، اليوم بدلا من دعوتك بلطف لآداء الصلاة وإقامة شعائر الإسلام بوقار ولطف، تجدهم يستخدمون مكبر الصوت لضربك بالمقرعة على رأسك ويصرخون بهذا الشكل فتنفر منها.
 
تلك الرؤية التي طرحها فنانين كبيرين حول إشكالية استخدام مكبرات الصوت في المساجد، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وكأنهم على موعد مع موجة جديدة من الهجوم على الآذان والسخرية منه، والسؤال لماذا تحول الآذان من رسول القلوب إلى تلك الهجمة، وهل الإشكالية في المجتمع أم الإشكالية في المؤسسات القائمة على اختيار المؤذنين والمشرفة على المساجد؟.

14 قرنا بدون مكبرات
 
ظل الآذن طيلة 1400 عام، رسول من الله تعالى إلى القلوب، لدعوة المسلمين إلى الصلاة، وذلك منذ أن كان بلال مؤذن الرسول في المدينة، واستمر حتى ظهور مكبرات الصوت واستخدامها بالمساجد في في ثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت مآذن المساجد تستخدم للآذان والنداء للصلواة الخمس، وكان يشترط في المؤذنين شروط عديدة يجب توافرها فيهم، أهمها عذوبة الصوت.
 
تلك الرؤية طرحها الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي في أحد الحوارات التي سجلها للتلفزيون، والذي قال فيها بأن عملية الآذان بصوت عال من خلال ميكروفونات عالية، واصفا إياها بـ"غوغائية تدين"، مؤكدا بأن حكمها باطلة، قائلا "اللي قاعد نايم طول النهار ويطلعلي قبل الفجر بساعة يهبهب وناس عايزة تنام وناس وراها أعمال وناس مريضة، الميكروفون أكبر نقمة منيت بها الأمة الحديثة".
 
 
وتروي كتب الآثار والتاريخ أن المؤذنين في المساجد الذين كانوا يعتلون المآذن بالمساجد يشترط أن يكونوا ذوو صوت حسن، لتجميل الآذان بأصواتهم، وحتى يكون الآذان رسول القلوب للمسلمين فيحثهم على الإقبال إلى المساجد، كما كان يرجح أن يكون المؤذن كفيفا حتى لايطلع على عورات البيوت المجاورة للمساجد عند إعتلاءه للمآذن العالية بالمساجد المجاورة للبيوت، وكان أبرز تلك المساجد التي عرفت بهذه الصفة الجامع الأزهر.
 
موجة من الهجوم
 
عقب ظهور مكبرات الصوت واستخدامها على نطاق واسع في الآذان والصلاة وحتى في مناداة على الأشياء والحوائج، تحول الأمر من رسول القلوب إلى مجال للهجوم والتهكم من الناس، حيث تعرض الآذان في السنوات الأخيرة لموجة من التهكم والسخرية من البعض، بسبب استخدام مكبرات الصوت بدون تنسيق وتنظيم من وزارة الأوقاف سواء في استخدام مكبرات الصوت أو في اختيار الأصوات الحسنة للمؤذنين.
 
وكان من أبرز الذين هاجموا الآذان باستخدام مكبرات الصوت الكاتبة نوال السعداوي، ثم الشيخ صالح الخريصى رئيس محاكم القصيم بالمملكة العربية السعودية، والذي  أفتى ببدعة الآذان في الميكروفونات، ثم جاءت الفنانة شيرين رضا، والتي انتقدت أصوات بعض المؤذنين وطالبت باختيار أصوات جديرة بأداء الآذان وغير منفرة، ثم جاء الكاتب السعودي محمد السحيمي الذي هاجم استخدام مكبرت الصوت بالمساجد معلقا على فتوى للشيخ ابن عثيمين والتي افتى فيها بمنع ستخدام مكبرات الصوت بالمساجد في الآذان ونقل الصلاة.

لماذا الهجوم؟
 
تختلف أسباب الهجوم على الآذان، فيرى فريق من المهاجمين بأن سبب الهجوم هو عشوائية استخدام مكبرات الصوت دون تنظيم وتنسيق، في درجات الصوت العالية للمكبرات، والتي تصل إلى حد ارتفاع قد يؤذي الناس، والحل يكمن في مشروع الآذان الموحد الذي تعده وزارة الأوقاف.
 
أما الفريق الآخر فيرى أن سبب الهجوم هم المؤذنين أنفسهم، حيث عرف بأن الآذان دعوة ربانية للقلوب تتطلب الخشوع، ولهذا يجب أن يكون المنادي للصلاة في الميكروفونات من ذوي الأصوات الحسنة، وأن يكون هناك اختبارات للأصوات التي يتم تعيينها كمؤذنين للصلاة.
 
رد وزارة الأوقاف 
 
الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، يؤكد بأن الوزارة بصدد ترشيد استخدام مكبرات الصوات، وقد بدأت فعليا منذ العام الماضي في سياسة الترشيد، مبينا أن مكبرات الصوت بالمساجد يجب أن تستخدم في المساجد للأذان وفق درجات ارتفاع مناسبة، وليست بدرجات مرتفعة.
 
وأشر رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، بأن هناك قرار من وزير الأوقاف بمنع استخدام مكبرات الصوت إلا في الآذان وخطبة الجمعة فقط، ويمنع استخدامه في إقامة الشاعر وإقامة الصلوات إلا داخليا عبر السماعات الموجودة داخل المساجد، منوها إلى أن الإسلام دين تبشير وليس تنفير، فليست دعوة الناس للصلاة بصوت عالى من آداب الإسلام فيجعل الناس ينفرون منه.

رأي دار الإفتاء
 
يقول الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء، بأن لإسلام دين سماحة وذوق وأدب ورحمة، ويراعي شعور الناس، ولهذا ينبغي استخدام مكبرات الصوت في الآذان بما لايضر الناس، مشيرا إلى أن الىذان هو تنبيه للناس ودعوة لهم لحضور الصلاة، فينبغي أن تكون الدعوة طيبة تدعوا إلى الحضور وليس إلى التنفير.
 
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء، بأن استخدام الميكروفونات في الآذان هو أمر جائز، لكن إن زادت عن الحد  ونالت من راحة الناس في ليل أو نهار تحت دعوى التذكير، وباستخدام عشوائي ومؤذ للناس باسم الدين، فهو أمر ينافي آداب الإسلام؛ وقد قال الله تعالى "والذين يُؤذُون المؤمنين والمؤمناتِ بغيرِ ما اكتَسَبُوا فقد احتَمَلُوا بُهتانًا وإثمًا مُبِينًا"، وروى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال "لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ"، مشيرا إلى أنه كان من هدي النبي أن يقيم الشعائر مع مراعاة المشاعر، فكان شديد الحرص على مصالح الخلق ومراعاة مشاعر الناس وأوقات راحتهم، ولن في رسو الله أسوة حسنة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق