انتخابات الرئاسة الروسية محسومة ولكن ..

الجمعة، 09 مارس 2018 03:27 م
انتخابات الرئاسة الروسية محسومة ولكن ..
د. مغازي البدراوي يكتب:

على الرغم من أن انتخابات الرئاسة الروسية في 18 مارس الجاري، لن تحمل جديد، حيث أن النتيجة معروفة ومحسومة بفوز الرئيس بوتين، لكن رغم هذه الحقيقة، إلا أن هذه الانتخابات لن تخلو من الصراع بين النظام والمعارضة التي ستحاول إثبات وجودها على الساحة، وستحاول تشويه سمعة النظام وبوتين، وذلك لأهداف شخصية، سواء لديها أو لدى الجهات التي تحرك بعض فصائل هذه المعارضة داخل روسيا وخارجها.

هذه الانتخابات رغم نتيجتها الشبه محسومة بفوز الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، إلا أن المراقبين والمحللين يرون أنها ستحدد معالم مستقبل روسيا لمرحلة ما بعد الرئيس بوتين. حيث يخوضها الرئيس فلاديمير بوتين، على الأكثر، لأخر مرة في حياته، حسب الدستور الذي يمنحه حق الترشح لمرتين، ويمكن الرجوع بعد ست سنوات للترشح مرة أخرى، لكن سيكون عمر بوتين حينذاك قد اقترب من الثمانين، الأمر الذي لن يتحمله الشعب الروسي، وبالتالي فإن على بوتين، في حالة فوزه هذه المرة، أن يتولى إعداد خليفته في الحكم الذي من المفترض أنه سيسير على دربه، وهو الأمر الذي سيتضح فيما بعد، ربما عام 2020.

قائمة المرشحين للرئاسة في هذه الانتخابات حسب أخر تحديد لها تتضمن ثمان مرشحين، يمكن تصنيفهم والتعريف بهم بالترتيب حسب قوة تواجدهم على الساحة السياسية في روسيا كالتالي:

الرئيس فلاديمير بوتين –

يبلغ من العمر 66 عاماً، وتولى رئاسة روسيا لأول مرة عام 2000، وستكون هذه الحملة الرابعة بالنسبة له، وسيشارك في الانتخابات هذه المرة كمرشح مستقل، لا كمرشح عن حزب "روسيا الموحدة". وفي الانتخابات السابقة عام 2012 حقق بوتين فوزا عريضا حاصدا أصوات أكثر من 63% من الناخبين.

بوتين
 
وفي حال فوزه بالانتخابات المقبلة، سيتولى بوتين كرسي الرئاسة للمرة الرابعة في حياته وللمرة الثانية على التوالي.

وقد أثار قرار بوتين الترشح مستقلاً خارج حزب "روسيا الموحدة" تساؤلات كثيرة، هل تخلى بوتين عن الحزب الذي أسسه ..أم هناك أسباب أخرى؟، يرى البعض أن بوتين يريد أن يختتم حياته السياسية في الحكم كبطل شعبي ممثلا لكافة فئات الشعب الروسي وليس لحزب أو جهة محددة، بينما يرى البعض في قرار بوتين الترشح مستقلاً عن الحزب توجهاً لتغيير رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف الذي هبطت شعبيته مؤخراً، والذي يشغل منصب رئيس حزب "روسيا الموحدة.

وتفيد أخر استطلاعات الرأي في روسيا في مطلع مارس الجاري بأن  الرئيس بوتين سيحصل على نسبة 64% من الأصوات.

فلاديمير جيرنوفسكي

زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، البالغ من عمر 71 عاما، وهذه المرة السادسة التي يشارك فيها جيرنوفسكي في انتخابات الرئاسة، وفي عام 2012 حصد جيرينوفسكي أصوات أكثر من 6%، بعدد أصوات 4,5 مليون صوت من المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم في تلك الانتخابات واحتل المرتبة الرابعة بين المرشحين الخمسة. وقد صرح جيرنوفسكي للصحفيين قائلاً أنه لو لم يترشح بوتين للرئاسة لضمن هو فوزه بها، وبقدر ما كان جيرنوفسكي معارضاً قوياً للرئيس الراحل بوريس يلتسين، بقدر ما كان ومازال مؤيداً، بل ومدافعاً دائماً عن الرئيس بوتين طيلة السنوات الماضية، ومن المعروف عن جيرنوفسكي آراؤه الحادة والمثيرة للجدل، لكن حزبه يتمتع بشعبية كبيرة خاصة خارج العاصمة موسكو في المدن الأخرى. ويتوقع أن يأتي في الترتيب الثاني في نتائج الانتخابات ولكن بفارق كبير جدا مع الرئيس بوتين.

فلاديمير جيرنوفسكي
 

تتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة أن يحصل جيرنوفسكي على نسبة  6,6% من  الأصوات.

بافيل غرودينين

مرشح من الحزب الشيوعي الروسي، ويعد غرودينين مفاجأة الانتخابات هذه المرة،  حيث كان الحزب دائماً يرشح رئيسه غينادي زيوغانوف، والذي سبق أن خاض انتخابات الرئاسة ست مرات منذ اول مرة لها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لم يتخلف عنها ولا مرة، وشكل منافسة قوية مع الرئيس الراحل بوريس يلتسين، خاصة في انتخابات 1996 التي دخل فيها إعادة مع الرئيس يلتسين وكاد أن يفوز عليه لولا تدخل رجال المال ورؤساء عصابات المافيا مع الدعم الغربي، وخاصة الأمريكي القوي للرئيس يلتسين خشية عودة الشيوعية لروسيا، لكن زيوغانوف قرر عدم المشاركة في انتخابات هذا العام، ورشح عن حزبه بدلاً منه، رجل الأعمال الشيوعي بافل غرودينين الذي سيكون على الأكثر مرشح كافة القوى الشيوعية واليسارية في هذه الانتخابات، لأن الأحزاب الشيوعية الأخرى صغيرة ولا تستطيع جمع التوقيعات المطلوبة، ويرى البعض أن سبب عدم مشاركة زيوغانوف يرجع إلى أنه يطمع في البقاء كرئيس للحزب الشيوعي الروسي، وأنه يخشى أن يحصل على نسبة أصوات متدنية تؤثر على شعبيته وعلى مكانته في قيادة الحزب.

بافيل غرودينين
 
أما عن المرشح الشيوعي الجديد بافل غرودينين، فهو من السياسيين البارزين في روسيا، والمنتشرين إعلاميا، ويعتبر من الشخصيات الجذابة والمتحدثين الأقوياء، ورغم أنه رجل أعمال إلا أنه يرفض الانفتاح على اقتصاد السوق الرأسمالي ويطالب بدعم سلطة الدولة على الاقتصاد، ويرى البعض أن المرشح الشيوعي بافل غرودينين لديه مواصفات كثيرة تؤهله لشغل مناصب عالية في الدولة، حتى في ظل حكم الرئيس بوتين، حتى أن البعض يرشحه لرئاسة الوزراء كبديل لديمتري ميدفيديف، ويقول أصحاب هذا الرأي أن الرئيس بوتين بحاجة بجانبه لقطب يساري يدعم توجهاته الاجتماعية التي ينوي بوتين أن يوليها اهتمامه الأكبر، خاصة مع الانتقادات التي توجه له بإهماله الجانب الاجتماعي في سياساته الداخلية، والمرشح الشيوعي بافل غرودين به مواصفات ملائمة لشغل هذا المنصب، حيث أنه رجل سياسة ذكي. ورجل أعمال يمكنه ضبط التطورات في الاقتصاد، ودفع الدولة للقيام بالتزاماتها الاجتماعية.

وتتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة أن يحصر بافل غرودين على نسبة 6,5% من الأصوات.

كسينيا سوبتشاك

مرشحة حزب "المبادرة المدنية"، وهي إعلامية روسية، وصفت ترشحها بأنه "ضد الجميع"، وكيسينيا البالغة من العمر 37 عاماً، هي ابنة السياسي الروسي الراحل أناتولي سوبتشاك عمدة لينينغراد الأسبق الذي عمل تحت يده كل من الرئيس فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء ديمتري ميدفيدف قبل انتقالهما للعمل في الكرملين في موسكو مع الرئيس الراحل يلتسين، ويعترف الرئيس بوتين بالفضل الكبير لأناتولي سوبتشاك، وبأنه هو الذي رسم له طريقه من لنينغراد إلى الكرملين، وكيسينيا سوبتشاك مذيعة تليفزيون اشتهرت ببرامجها المثيرة للجدل والمشاكل حول القضايا السياسية والاجتماعية داخل روسيا، ورغم علاقة بوتين بوالدها الراحل، إلا أنها محسوبة على المعارضة الرافضة لسياسات بوتين، وكثيراً ما تتناول في برامجها قضايا الفساد في أجهزة الدولة العليا، كما تناولت أكثر من مرة قضية عدم تداول السلطة في روسيا واحتكار الرئيس بوتين ومجموعته لها لسنوات طويلة، وهو الموضوع الذي أعطاها الشهرة، ومن أخطر مواقف معارضة سوبتشاك لبوتين والكرملين، تأييدها للمعارض أليكسي نافالني الذي يقود المظاهرات والاحتجاجات ضد بوتين والحكومة دائماً، والذي سبق اتهامه في قضايا فساد، وقد رفضت لجنة الانتخابات طلبه أيضاً في الانتخابات الحالية بتوجيهات من المحكمة الروسية التي اعتبرت اتهامه في قضايا الفساد يحول دون ترشحه للرئاسة، وهو الأمر الذي ينذر بمزيد من المظاهرات والاحتجاجات للمعارضة بقيادة نافالني في خلال الأشهر القادمة.

 

-كيسينيا-سوبتشاك
 

وتتوقع استطلاعات الرأي حصول كسينيا سوبتشاك على نسبة 1,2% في الانتخابات القادمة.

 غريغوري يافلينسكي

مؤسس حزب "يابلوكو" الديمقراطي ، يبلغ من العمر 65 عاما،

شعار حملته الانتخابية منذ عام 1996: "تثق بالمستقبل، تثق بنفسك"

ترشح يافلينسكي لانتخابات الرئاسة ثلاث مرات وهذه ستكون الرابعة، واحتل في عامي 1996 و2000 المركزين الرابع والثالث على التوالي، وفي عام 2012 لم تسمح لجنة الانتخابات المركزية له بالمشاركة في الانتخابات بعد إبطال 26% من التوقيعات المطلوبة التي حصل عليها يافلينسكي لغرض تسجيله كمرشح.

غريغوري يافلينسكي
 

ومن أخطر تصريحات يافلينسكي التي أثارت حوله جدلا واسعاً مؤخراً، أنه تعهد في حال توليه كرسي الرئاسة، بالاعتراف بعدم شرعية انضمام القرم إلى روسيا في عام 2014، وعقد مؤتمر دولي لتحديد الوضع القانوني لشبه الجزيرة هذه. كما وعد يافلينسكي بسحب القوات الروسية من سوريا و"التوقف عن جميع أنواع الدعم للانفصاليين في أوكرانيا"، وتطبيع العلاقات مع الغرب. وهكذا عاد يافلينسكي لوجهه الأول "الأمريكي" الذي ظهر به في عهد الرئيس يلتسين، عندما كانت واشنطن تصفه بأنه "زعيم الديمقراطيين الروس الجدد".

وتتوقع استطلاعات الرأي حصول يافلينسكي على نسبة 6,% من الأصوات.

بوريس تيتوف

زعيم حزب "روست"  أو "التنمية"، حزب "روست"، والبالغ من العمر 58 عاما، وهو المفوض في روسيا بالدفاع عن حقوق رجال الأعمال، والذي سيخوض الانتخابات لأول مرة،  وفي حديث صحفي ذكر تيتوف أن المهمة الرئيسية لحزبه تكمن في الترويج للبرنامج الاقتصادي "استراتيجية النمو"، ويعد تيتوف رجل أعمال ناجح نشط في مجال حقوق رجال الأعمال. وحقق نجاحا في زراعة العنب. وبدأ حياته السياسية عام 2016 بخوض انتخابات الدوما (الانتخابات البرلمانية).

بوريس تيتوف
 

وتتوقع استطلاعات الرأي حصول تيتوف على نسبة 2,% من الأصوات.

7 - سيرغي بابورين

رئيس حزب "الاتحاد الشعبي الروسي"، ويبلغ من العمر 60 عاماً، وهو برفيسور أكاديمي متخصص في الاقتصاد، وهو رئيس الجامعة الاقتصادية في روسيا ورئيس اتحاد الجامعات القانونية في روسيا الاتحادية، ويمارس السياسة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي كنائب في البرلمان الروسي "الدوما"،

سيرغي بابورين
 
ويعد بابورين من المهتمين بالشرق الأوسط والبلدان العربية، وقد زار فلسطين أكثر من مرة والتقى الرئيس محمود عباس، ومعروف عنه تأييده لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وتتوقع استطلاعات الرأي حصول بابورين على نسبة 2,% من الأصوات.

8 - ماكسيم سورايكين

مرشح من حزب "شيوعيو روسيا"، من مواليد العاصمة موسكو، ويبلغ من العمر40 عاماً، وترفع حملته الانتخابية شعار "إلى الأمام نحو الماضي السوفيتي المضيء".

ماكسيم سورايكين
 

يحمل سورايكين دكتوراه في فلسفة التاريخ. بعد تخرجه في الجامعة أسس مشروعاً لتصليح أجهزة الكمبيوتر، وأداره على مدى 10 أعوام. عمل أستاذا في جامعة السكك الحديدية. كتب مقالات علمية. التحق بمجال العمل السياسي عام 1996.

كان عضوا في الحزب الشيوعي الروسي. ثم استقل عنه هو ومجموعة من زملائه الشيوعيين وأسسوا تنظيم "شيوعيو روسيا" عام 2010، والذي رشحه لانتخابات الرئاسة الروسية عام 2018.

تتوقع استطلاعات الرأي حصول سورايكين على نسبة 1,% من الأصوات.

= هؤلاء هم المرشحون الثمانية التي استقرت اللجنة الوطنية الروسية للانتخابات على حقهم في الترشح للرئاسة.

وهكذا تبدو الملامح الرئيسية لانتخابات الرئاسة الروسية في مارس الجاري، والتي تعتبر نتيجتها شبه محسومة للرئيس الحالي فلاديمير بوتين، إلا أنها، على ما يبدو، لن تخلو من المشاكل ومن الإيحاءات والمؤشرات التي ربما ستوضح الكثير من معالم مستقبل روسيا القريب.

متخصص في شئون روسيا واسيا الوسطى

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق