في يوم الشهيد.. "هيكل" يتحدث عن قادة كبار استشهدوا في الميدان

الجمعة، 09 مارس 2018 11:00 م
في يوم الشهيد.. "هيكل" يتحدث عن قادة كبار استشهدوا في الميدان
الشهيد عبد المنعم رياض
كتب- محمد أبو ليلة

كانت الأجواء مشحونة على الجبهة المصرية في صباح يوم الثامن من مارس من عام 1969، فجنودنا على الجبهة يستعدون بخطة لتدمير خط بارليف أشرف عليها بنفسه رئيس أركان القوات المسلحة المصرية وقتها الفريق عبد المنعم رياض، حيث كان مقرر انطلاق نيران المدفعية المصرية على طول خط الجبهة في ذلك اليوم لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.

لحظة وفاته
وفي صبيحة اليوم التالي قرر "رياض" أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن قرب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدما التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق.
 
لكن هذا الموقع شهد الدقائق الأخيرة في حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها "رياض" بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض، بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه.

لماذا سمي 9 مارس بيوم الشهيد؟
بعد وفاته نعاه الرئيس جمال عبد الناصر، ومنحه رتبة الفريق أول ووسام نجمة الشرف العسكرية واعتبر يوم 9 مارس من كل عام هو يومه تخليدا لذكراه وأصبح يوم الشهيد.
 
يقول الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، في مقاله "الجنود القدامي لا يموتون" الذي نشرته الأهرام بعد وفاة عبد المنعم رياض، أن رياض كان قد عاد بالطائرة قبل ساعات من بغداد، حيث حضر اجتماعات لرؤساء أركان حرب جيوش الجبهة الشرقية، وتابع معارك المدافع يوم السبت من مكتبه فى القيادة العامة، وصباح الأحد ركب طائرة هليكوبتر فى طريقه إلى أحد المطارات الأمامية للجبهة، ثم ركب سيارة عسكرية معه فيها مرافق واحد غير الجندى الذى يقود سيارة رئيس هيئة أركان الحرب.
 
ويتابع هيكل: وانطلق يطوف بالمواقع فى الخطوط المتقدمة، يتحدث إلى الضباط والجنود، يسألهم ويسمع منهم، ويرى ويراقب ويسجل فى ذاكرته الواعية، وفى أحد المواقع التقى ضابط شاب، وكانت حماسته للشباب مفتوحة القلب ومتدفقة، وقال له الضابط الشاب، ولم يكن هدير المدافع قد اشتد بعد سيادة الفريق.. هل تجىء لترى بقية جنودى فى حفر موقعنا؟، وقال عبد المنعم رياض، بنبل الفارس الذى كأنه طول حياته، وبالإنجليزية التى كانت تعبيرات منها تشع كثيرا سلسة وطيعة على لسانه: أي نعم.
 
وتوجه مع الضابط الشاب إلى أكثر المواقع تقدما، الموقع المعروف برقم 6 بالإسماعيلية، وفجأة بدأ الضرب يقترب، وبدأت النيران تغطى المنطقة كلها، وكان لا بد أن يهبط الجميع إلى حفر الجنود فى الموقع، وكانت الحفرة التى نزل إليها عبد المنعم رياض تتسع بالكاد لشخصين أو ثلاثة.
 
أحمد عبد العزيز
لم يكن عبد المنعم رياض، وحده هو من استشهد في ميدان المعركة فالبطل المصري أحمد عبد العزيز، قائد الجيوش العربية في حرب فلسطين، هو الأخر استشهد في الميدان، حيث أحرز البطل أحمد عبد العزيز، والمتطوعين معه انتصارًا رائعًا مما جعله يملي إرادته على اليهود ويضطرهم للتخلي عن منطقة واسعة مهددًا باحتلالها بالقوة.
 
وكانت المفاوضات تدور في مقر قيادة الجيش العربي بالقدس ويحضرها الكولونيل عبد الله التل، القائد العربي في المدينة المقدسة وحين انتهت المفاوضات في ليلة 22 أغسطس أراد أحمد عبد العزيز أن يحمل نتائجها إلى القيادة المصرية العامة في "المجدل" واتجه في مساء ذلك اليوم إلى غزة حيث مقر قيادة الجيش المصري لينقل إلى قادته ما دار في الاجتماع.
 
وأصر على أن يذهب في ليلته وكانت المعارك في ذلك الحين تدور بشدة على الطريق المؤدى للمجدل ما جعل ضباطه يلحون عليه في التريث وعدم الذهاب ولكنه قطع هذه المحاولات حين قفز إلى سيارته "الجيب" وهو يردد: "قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا" وانطلقت السيارة في طريق المجدل ولم يكن معه إلا اليوزباشي الورداني، واليوزباشي صلاح سالم من ضباط رئاسة المواوي وسائق سيارته.
 
كانت منطقة عراق المنشية مستهدفة من اليهود مما دعا القيادة العامة إلى منع السير على هذا الطريق ليلا، وكانت ترابط بها كتيبة عسكرية لديها أوامر بضرب كل عربة تمر في ظلام الليل، وما أن وصلت السيارة إلى مواقع عراق المنشية واشتبه بها أحد الحراس "العريف بكر الصعيدي"، وظنها من سيارات العدو وصاح الحارس يأمر السيارة القادمة بالوقوف ولكن لسوء الحظ ضاع صوت الحارس في ضجيج السيارة فأطلقت نقطة المراقبة النار وتدخل سوء الحظ مرة أخرى حين أصابت أول رصاصة البكباشي أحمد عبد العزيز في جنبه، وحمله مرافقوه إلى عيادة طبيب بمدينة الفالوجا، ولكن قضاء الله سبقهم إليه فصعدت روحه إلى بارئها.
 
في 22 أغسطس 1948، دُعي أحمد عبد العزيز لحضور اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس لبحث خرق الصهاينة للهدنة، وحاول معه الصهاينة أن يتنازل لهم عن بعض المواقع التي في قبضة الفدائيين، لكنه رفض.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق