إنفلات

الثلاثاء، 13 مارس 2018 03:12 م
إنفلات
حسين عثمان يكتب:

رسالة الدولة باتت واضحة في مواجهة حالة انفلات عام يعاني منها المجتمع المصري لما يجاوز السبع سنوات الآن، عدة مشاهد تصدرت ساحة الشأن العام على عدة مستويات خلال الأشهر القليلة الماضية، وجميعها يؤكد أن الدولة قررت استعادة كامل هيبتها، ولعل أمر التوقيت يتصل في جزء كبير منه بقرب انتهاء المدة الأولى من ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضرورة أن يستهل مدته الثانية والمجتمع المصري يعود أكثر تماسكاً فيما بينه قبل أن يكون في مواجهة الغير.

جهود الرقابة الإدارية في مكافحة فساد صار من جينات الشخصية المصرية، كانت الأبرز خلال العام الماضي ولا تزال، وعلى الصعيد السياسي كان مشهد ترشح الفريق سامي عنان، وما صاحبه من تجاوز في بيان ترشحه، ثم رد فعل الدولة السريع الحاسم في مواجهة الرجل، كان هو الآخر مشهداً ملفتاً، والرأي هنا أن الفريق عنان لم يكن موفقاً بالمرة في لهجة بيانه، ولعل حدتها كان من الممكن أن تمر فيما بعد، في وقت يكون فيه قد اكتسب أرضية جماهيرية داعمة، ويتزامن مع آخر مراحل الدعاية الانتخابية قبل الوصول إلى صناديق الاقتراع، لم يقرأ عنان الأوضاع بذكاء من يقيم في بيت من زجاج.

العمليات العسكرية في سيناء جاءت هي الأخرى في إطار حسم انفلات الإرهاب، خاصة وأن المنطقة المحيطة باتت تمثل إحدى البقع المضيئة، بما تضمه من مشروعات تنموية أخذت الأولوية القصوى في ولاية الرئيس الأولى، وهي الآن تفتح أبواب الاستثمار للجميع في الداخل والخارج مع مطلع مدة الرئاسة القادمة، ولم أقرأ وقفة الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة بشأن ملف نادي الزمالك إلا في نفس الإطار، فانفلات مرتضى منصور مثل هو الآخر ظاهرة حملت العديد من علامات الاستفهام، ولم تلق أي إجابة أو حتى اهتمام خلال السنوات القليلة الماضية، وأعقبها التعامل بصرامة مع انفلات بعض جماهير أولتراس أهلاوي في مباراته الأفريقية الأخيرة.      

ونال الإعلام الحظ الأوفر في مواجهة سياط الدولة، فساحاته تشهد انفلاتاً غير مسبوق منذ قيام ثورة يناير، ولا نبالغ بالقول أن انفلاته ساد وطغى وتجبر، فأصبحت معايير المهنية وقيم الرسالة تظهر على استحياء، ولم تفرق ردود أفعال الدولة في شأن الانفلات الإعلامي بين القومي والخاص، فلم تعط أي مساحة لتقييم الدوافع أو سوابق الأعمال أياً كانت حسناتها، ولم نعد ننام إلا ونقوم على مبادرة جديدة من المجلس الأعلى للإعلام، تستهدف شد أيدي الدولة على لجام الإعلام في مجموعه، ولعل تشكيله لجنة الدراما المثيرة للجدل في الآونة الاخيرة، تأتي في إطار مواجهة فن لم يسلم هو الآخر من حالة انفلات عام.

وحتى نضع النقاط على الحروف، لا خلاف على وجود ما أشرت إليه من انفلات نعيشه في كافة الاتجاهات منذ قيام ثورة يناير، وهي منه بريئة، فلم يكن الانفجار إلا بقوة الضغط، ولا خلاف على دعم الدولة في مواجهة هذا الانفلات، فقد آن أوان استعادة الدولة لكامل هيبتها، ولكن هذا وذاك لا يمنعاني من تنبيه الدولة إلى شعرة معاوية بين مواجهة هذا الانفلات، بما هو مطلوب من ضوابط على كافة المستويات، وبين الإسراف والتشدد إلى حد القيود الخانقة، وبما يعود بالجميع سنوات إلى الوراء، كما أن جهود الدولة في استعادة كامل هيبتها، لا تكتمل إلا بمواجهة مثل انفلات الحالة المرورية في شوارع المحروسة، فكلما شاهدت سلوك الدولة الحاسم في مواجهة أولئك وهؤلاء، تذكرني خروقات توك توك شارد، أو ميكروباص هائج، بأن الانفلات لا يزال سيد الموقف.        

       

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق