د. غنيم.. السعادة في مكان آخر

الثلاثاء، 13 مارس 2018 04:05 م
د. غنيم.. السعادة في مكان آخر
أحمد إبراهيم يكتب:

بدأت كتابة مقالات الرأي عام 2008 أي منذ عشر سنوات وكان ثاني مقال لي بعنوان " الاسطورة " عن العالم الجليل د محمد غنيم رائد زراعة الكلى في مصر والشرق الاوسط وطالبت بتكريمه في حياته بمنحه جائزة مبارك (النيل حاليا) ثم قلادة النيل(أعلى وسام مصري) كما طالبت بتدريس قصة حياته لطلبة المدارس وتحويلها إلى عمل درامي يشاهده الملايين كنموذج وقدوة تحتذى لرجل أفنى سنوات عمره في خدمة بلده وفقراء المرضى ،

د غنيم حصل على جائزة مبارك(النيل حاليا) عام 2001  كما استطاع الكاتب والأديب الطبيب محمد المخزنجي إبن المنصورة إقناعه بكتابة قصة حياته وكفاحه في مؤلف صدر مؤخرا بعنوان "السعادة في مكان آخر " مؤكد أن المخزنجي عانى كثيرا حتى يُقنع د غنيم بما كان يرفضه دائما وهو الكلام عن نفسه وحياته الشخصية ،

الكتاب جزأين: الأول السيرة الذاتية للدكتور غنيم منذ ولادته في 17 مارس عام 1939 في حي العباسية مرورا بمحطات حياته المختلفة، واختار المخزنجي أن يحكي غنيم بنفسه مسيرته وليس عن طريق راو، أو أن يتدخل في بعض الفقرات كما يحدث في أغلب كتب السير

أما الجزء الثاني فيتضمن عددا من المقالات التي كتبها ونشرها المخزنجى عن د غنيم ورحلته في الطب والحياة،

حينما كنا طلابا في جامعة المنصورة (قبل ربع قرن) من كليات غير الطب كان د غنيم مثل أعلى لنا في العطاء والوطنية وحب البلد والانتماء إليها وكنا نراه نموذجا لعلماء مصر في الداخل الذين حملوها على أكتافهم وعاشوا لحظات أفراحها واحزانها وفضلوا فقراءها على دولارات الهجرة الى أمريكا وأوروبا والخليج وجنسيتهم فمنذ تخرجه من كلية طب قصر العيني ثم العمل بالمنصورة وحتى الأن وهب حياته كلها للفقراء من خلال عمله في المستشفى الحكومي فقط واعتقد ان هذه هي السعادة التي يقصدها المخزنجي واختارها عنوانا لقصة حياة د غنيم فهناك من يبحث عن السعادة في الأموال والقصور الفخيمة أو الهجرة والمناصب ولكن غنيم وجدها في ريف مصر مع الفقراء ،

 

د غنيم أثبت أن مصر تستطيع النهوض في سنوات قليلة جدا لأنه وبأبناء الفلاحين في الدلتا وبإمكانيات ضئيلة جدا إستطاع إقامة صرحا طبيا أصبح قبلة العالم في العلاج والتدريب والبحث العلمي وعلى مدار 40 عاما وأكثر مازال مركز الكلى بالمنصورة يقدم خدماته المتميزة بالمجان ومن تتخطى قدماه أبواب المركز فكأنما تخطى حدود الجغرافيا والتاريخ والزمان والمكان وانتقل من التخلف إلى التقدم ليس هذا فقط ولكنه كان سببا في نهضة جعلت المنصورة عاصمة مصر الطبية ،

 

د غنيم لم يكتف فقط بأن وهب حياته كلها إلى المستشفى الحكومي وعدم امتلاك عيادة خاصة ولم يكتف بالتبرع بالدم لمرضاه ولكنه كان يسافر لإجراء جراحات والتبرع بمقابلها المادي لصالح مركز الكلى بل حينما احتاج هو لجراحة دقيقة خارج مصر وصدر له قرار علاج على نفقة الدولة تبرع بقيمة القرار لوحدة أبحاث الخلايا الجذعية وحتى حينما كان مستشارا لرئيس الجمهورية(السادات) سخر منصبه لبناء المستشفى،

 

د غنيم كان يسهر مع العمال أثناء إنشاء المركز وبفضل جهوده وزملائه أصبح للمركز فرعيين آخرين وكان في استطاعته أن يكون أغنى رجل في مصر وهو حقا كذلك ليس بالأموال بل بالاستغناء وراحة البال وحب ودعوات فقراء المرضى التي تُنير له الطريق في الدنيا والآخرة،

 

قصص وحكايات العالم الجليل ورحلة كفاحه تحتاج إلى مجلدات ولذلك اتمنى ان يتحول كتاب" السعادة في مكان آخر" إلى عمل درامي يشاهده الملايين داخل مصر وخارجها  كنموذج إيجابي أعطى لبلده الكثير وأقل ما يستحق هو" قلادة النيل" فهو أولى بها من كثيرين حصلوا عليها وسوف تصبح مصر بخير اذا كان علماؤها هم نجوم المجتمع وقدوة شبابه

 

تعليقات (1)
السعادة ... في مكان آخر
بواسطة: احمد شهاب الدين
بتاريخ: الثلاثاء، 13 مارس 2018 05:36 م

احسنت .... اوجزت و وفيت .... مثل يحتذي في العديد من جوانب الحياة

اضف تعليق