بيوت "الصوفية" تتحول إلى مقالب قمامة.. والمسئولية ضائعة بين الأزهر والآثار
الخميس، 15 مارس 2018 03:00 ص
لم يكن "خانقاة تنكز بغا" بمنشأة ناصر، هو الأثر الصوفي الإسلامي الوحيد، الذي ضربه الإهمال، وأصبح مقلبا للقمامة، ومأوى للكلاب والحيوانات الضالة، حيث أن أغلب الآثار الإسلامية يضربها الإهمال بقوة، ولا نجد إجابة عن المسؤول الأول عن تلك الحالة التي آلت إليها الآثار الإسلامية.
فالخانقاه الخاصة بالأمير تنكز بغا، تعد آثرا هاما من الآثار الإسلامية في مصر، وأحد الآثار الصوفية، يضربه الإهمال، وتعرضت جدرانه إلى التشقق، والمآذن إلى التصدع، وصار آثرا إسلاميا في طي النسيان، بالرغم من أن هذا الأثر أقرب الآثار الصوفية القريبة من مشيخة الأزهر.
أثر صوفي
و"الخانقاه" هي كلمة فارسية، تعني المكان الذي ينقطع فيه المتصوفون للعبادة، ووظيفتها الأساسية إعانة المتصوف على الإنقطاع للعبادة، فالخانقاة تجمع بين المسجد والمدرسة، وذلك من خلال وجود غرف يختلى بها المتصوف للعبادة، تعرف باسم الخلاوى، بالإضاف لغرف مخصصة لتلقى الدروس الصوفية.
وانتشرت الخانقاه في مصر في العصر المملوكي، وأطلقت كلمة خانقاه على المجموعات الدينية الكاملة لسلاطين المماليك، مثل خانقاه السلطان بيبرس الجاشنكير ومسجد الأشرف برسباي وضريحه بقرافة المماليك، وخانقاة تكنز بغا، وأغلبها يضربها الإهمال.
والأمير "تنكز بغا" هو أحد السلاطين المماليك، من مماليك المنصور حسام الدين لاجين، وهو حادى عشر سلاطين الدولة المملوكية، وبعد مقتله، صار تنكز من مماليك وأنصار السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وقد شهد معه عدد من المعارك والفتوحات، وكان نائبا عنه في حكم الشام، وكان أمير مجلس السلطان، وكان صهر السلطان حسن بن الناصر قالوون صاحب مدرسة السلطان حسن الشهيرة، الموجود بمنطقة القلعة.
اقرأ أيضا "الديمقراطية والليبرالية عندهم كفر".. هكذا يحرم السلفيين المذاهب الاجتماعية
وخانقاه الأمير تنكز بغا تقع في قلب القاهرة بمنطقة مصر القديمة بمنشأة ناصر بالقرب من مشيخة الأزهر، ونقابة السادة الأشراف، والخانقا مغلقة من بابها، ولا يوجد بها سوى مقلب قمامة، وجدران بسيطة مهدمة، جار عليها الإهمال فتصدعت واصبحت مهشمة، كما توجد بالخانقاه الذي يحيط به سور من الحجر البازلت سوى القبة فقط بالمأذنة، وقد تعرضت هي الأخرى للتحطم بسبب الإهمال.
هذا الإهمال الذي يعصف بالآثار الإسلامية، في ظل وجود وزارة مسؤولة عن الآثار، ووجود أكبر مرجعية إسلامية سنية وهو الأزهر الشريف، ونقابة للسادة الأشراف، ووجود أكبر حركات صوفية في مصر، فمن المسؤول عن هذا الإهمال؟
من المسؤول
من ناحيته أشار الدكتور محمد عبداللطيف مساعد وزير الآثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، إلى أن الوزارة حاليا بصدد خطة قومية للإهتمام ورفع كفاءة الآثار الإسلامية، وكذلك تطوير المساجد الأثرية أيضا بالتعاون مع وزاة الأوقاف، وذلك باعتبارها المسؤولة تطوير المساجد الأثرية، منوها إلى أن تلك الوزارة تقوم الآن بعمل دراسة لمختلف الأماكن الأثرية الإسلامية والقبطية من أجل حمياتها والحفاظ عليها، مع المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث، وقد تم البدء فعليا في تلك الخطة، حيث قامت الوزارة بالبدء في ترميم حمام الشرايبي بمنطقتي الأزهر والغوري، بالغضافة لتطوير سبيل محمد علي والأسبلة الأخرى الموجودة بالمنطقة، ويجري استكمال باقي المناطق السياحية، كما يتم التنسيق مع وزارة الداخلية في تأمين تلك الأماكن السياحية.
وأوضح رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، بأن هناك آثارا إسلامية تخضع لإشراف وزارة الأوقاف كالمساجد الآثرية، وكذلك آثار إسلامية تخضع للازهر الشريف كالجامع الأزهر ومشيخة الأزهر القديمة، والوزارة تعمل جاهدة مع تلك المؤسسات بهدف تطوير وإعادة وترميم تلك الآثار الإسلامية، وذلك لأننا اليوم اصبحنا وجهة عالمية للسياحة وهناك اهتمام عالمي للسياحة الدينية في مصر والعالم.
الطرق الصوفية بعيدة
من ناحيته أكد الدكتور عبد الهادى القصبى شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وعضو مجلس النواب، أن تلك المزارات الآثرية تابعة لوزارة الأثار وهي الوزارة المعنية والمسؤولة عن الاهتمام بتلك الآثار، ولذلك فإن البرلمان مدرج به طلب إحاطة من أحد النواب بشأن الإهمال الذي تتعرض له الآثار الإسلامية، بخاصة الآثار الموجودة في القاهرة والتي اصبحت معرضة للإنهيار أو تراكم القمامة بها.
الأزهر مسؤول عن الدعوة
الدكتور محمد مهنا مستشار الإمام الأكبر شيخ الأزهر، أوضح بأن الأزهر الشريف مسؤول عن الدعوة، وليس الآثار، ولكن الآثار التي يشرف عليها الأزهر تلقى رعاية وعناية واهتمام، ويقوم الأزهر الشريف بالتعاون مع وزارة الآثار، وهي الوزارة المسؤولة عن الآثار الإسلامية، بتطوير وترميم تلك الآثار كما حدث في الجامع الأزهر، ومشيخة الأزهر الأثرية الواقعة في المشهد الحسيني.
وأوضح مستشار شيخ الأزهر، أن الأزهر الشريف يقوم بدور الدعوة وذلك في التعريف بقيمة تلك الآثار الإسلامية بعتبارها تراثا إسلاميا وأثريا، فيقوم من خلال وعاظه بتوجيه المجتمع إلى الحفاظ على تلك الآثار، والتعريف بأنها ثروة قومية مصرية يجب الحفاظ عليها.