آيات القتال فى القرآن

السبت، 17 مارس 2018 12:23 م
آيات القتال فى القرآن
على محمد الشرفاء الحمادى يكتب:

 وهو الحقُّ المشروعُ لكلِّ الناسِ للدفاع عن النفس والممتلكات وعن الأسرة وعن التعدّى على حقوق الناس بكل السبل والوسائل التى تردّ الاعتداء أو تعيد الحقوق لأصحابها وهذا التشريع ليس موجهاً لقوم غير قومٍ، أو لأصحابِ ديانةٍ دون أخرى، إنّما هو تشريع إلهّى عامُ للناس جميعاً.
 
هذه الآيةُ الكريمُةُ حدّدت- بكلِّ وضوحٍ- مُقاتلةَ المعتدينَ، والّذينَ جَاءوا للقتالِ أو الاعتداء على أناس مسالمين، ولذا فإنّ كلَّ آياتِ القتالِ التى جاءتْ فى القرآنِ الكريمِ، والتى تَحُثُّ على القتالِ منظبطة وفق التشريع الإلهى الذى تضمنته الاية المذكورة أعلاه، وما عدا ذلك من آيات متعددة ذكر فيها القتال وكيفية القتال فى مو اجهة المعتدين إنّما هى تعليمات إلهّية تنظم طرقَ القتالِ وكلّها تندرجُ تحتَ حُكم القاعدةِ الأساسيّةِ فى الآيةِ المذكورةِ أعلاهُ وفى حالاتٍ محدّدةٍ تكونَ مقاتلةُ المعتدينَ كما يلى: 
 
أولاً: فى حالةِ نقضِ عهودِ السلامِ بينَ الطرفينْ، واستعداد أحدهما للهجوم المباغت على الطرف المزمع الاعتداء عليه.
ثانياً: فى حالةِ الاعتداءِ المباشرِ على الآمنين فى القرى والمدن ومواجهة العدوان بكل القدرات المتاحة.
 
ثالثاً: فى حالةِ التجهيزِ والإعداد لتدريب الجيوش وتسليحها لصد الهجمات من قِبلِ الأعداءِ الذين جاءوا لقِتالِ الـمسلمينَ.
 
رابعاً: الاعتداءُ والغاراتُ المستمرةُ على المسلمين، واستباحة أراضيِهم ونَهْبِ ثَرَواتِهم وسبْى نِسائِهم واستباحة حرماتهم.
 
كلُّ تلكَ الحالاتِ المذكورةِ تتفقُ تَماماً مَع الآيةِ المذكورةِ أعلاهُ، وبالرّغمِ مِن ذلك وضَعَ اللهُ سُبحانَهُ وتعالى قاعِدةً أخرى رَحمةً بكلِّ الناسِ ولحق الدماء فى تقليلِ الخسائرِ وتضميدِ الجراحِ بَقْولهٍ تَعَالى ﴿ وَإِن جَنَحوا لِلسَّلمِ فَاجنَح لَها وَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ ﴾»الأنفال آية 61 وذلك ممّا يؤكّدُ مرادَاللهِ فى الآياتِ المذكورةِ أعلاه، بشأنِ الدفاعِ عَنِ النّفسِ وعَدمِ الاعتداءِ على الغيـرِ وتُؤسّس لِتِلكَ القاعدةِالآياتُ التّاليةُ: 
 
1» قولُهُ تَعَالى ﴿وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتى حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظلومًا فَقَد جَعَلنا لِوَلِيِّهِ سُلطانَا فَلا يُسرِف فِى القَتلِ إِنَّهُ كانَ مَنصورًا﴾»الإسراء 33
2» قولُهُ تَعَالى ﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَا لَا تَأكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمَ وَلَا تَقْتُلُوا أنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكَمْ رَحِيمًا ﴾«النساء 29»، وقوله تَعالى ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أنَّهُ مَن قَتَلَ نَفَسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأرْضِ فَكَأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِى الْأرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾(المائدة 32»
إذا كانَ السابقونَ وفقَ قدراتِهم المعرفّيةِ، فاتَهم التدقيقُ والتمحيصُ فى مرادِ اللهِ فلم يُفّرقوا فى تشريع اللهِ ومرادهِ بأنّه سُبحانَهُ وضَعَ قواعدَ تشريعيةً تحكمُ تصرفاتِ المسلمين على أسسٍ من العَدالةِ والرحمة وتقليل الخسائر فى الأرواح، وعندما عجزوا فى استجلاءِ تلك المقاصدِ واعتبروا آياتِ الِقتالِ دعوة للقتال وأنها نَسختِ القاعدةَ الرئيسيةَ التى وُضعتْ فى حقِّ الدفاعِ عن النفسِ والتى جاءت فى قوِلهِ تَعَالى ﴿وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (البقرة 190»
كاتب ومفكر إماراتى

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق