"سونجون" كوريا الشمالية وحش القرصنة الإلكترونية

السبت، 24 مارس 2018 03:00 م
"سونجون" كوريا الشمالية وحش القرصنة الإلكترونية
د. مغازي البدراوي يكتب:

تطور التكنولوجيا الحديثة يكشف بوضوح عن مدى التهديد بالاختراق الأمني  للدول والمجتمعات والأفراد والمؤسسات، سواء المدنية منها أو العسكرية، ولا يوجد حتى الآن في العالم أي ضمان حماية من هذا التهديد سواء فني أو قانوني، وهذه الظروف تخلق المناخ السيء لاستغلال الانترنت وعالم الكمبيوتر، ورغم كل وسائل الحماية الحديثة والمتطورة، إلا أن عصابات القرصنة الالكترونية تطور نفسها وتسبق تطوير وسائل الحماية وتمارس أنشطتها في كل أنحاء العالم، ومن الصعب جدا مكافحتهم أو حتى معرفة أماكن تواجدهم التي يمارسون منها قرصنتهم وهجماتهم الإلكترونية، أضف إلى ذلك أن عملهم وأنشطتهم سهلة ولا تحتاج لنفقات ولا أماكن إقامة، يكفي لاب توب صغير ومكان به "واي فاي" متصل بالانترنت، حتى لو كان مقهى صغير في قرية بعيدة. 
 
من أشهر الدول التي يمارس فيها ومنها نشاط قرصنة الكمبيوتر، الولايات المتحدة والصين وروسيا وإسرائيل، ولكن هناك لاعبين جدد ظهروا على الساحة في إيران والهند، وفي كوريا الشمالية. 
 
من أنشط الدول الآن في عمليات القرصنة الإلكترونية على مستوى العالم كوريا الشمالية، وشركتها المعروفة بالقرصنة الإلكترونية العالمية، واسمها "سونجون" وتعمل بنشاط في مجال برامج الصواريخ النووية، وتستخدمها بيونغ يانغ في سياساتها لمواجهة الغرب وجيرانها اليابان وكوريا الجنوبية، ولدى كريا الشمالية برنامج كبير لإعداد متخصصين في تكنولوجيا الكمبيوتر، وترسل مجموعات منهم للتدريب والإعداد والعمل في الصين وإيران، ويرى الخبراء أن هاكرز "سونجون" أو قراصنة الكمبيوتر من كوريا الشمالية مجهزون على أعلى المستويات، ويتمتعوا بميول عدوانية قوية ضد كل من يهدد دولتهم، ويقول النائب السابق لرئيس وكالة الأمن القومي الأمريكي كريس أنجلز، أن هاكرز كوريا الشمالية هم الأقوى عالمياً ويعملون بأقل التكلفة المالية. 
 
ورغم عدم وجود أدلة وإثباتات، فإن معظم أجهزة الاستخبارات العالمية ووسائل الإعلام تتهم قراصنة الكمبيوتر من كوريا الشمالية في معظم الهجمات والاختراقات المعروفة عالمياً. 
 
أهداف بيونغ يانغ من وراء هذا النشاط متعددة، منها السعي لجمع معلومات عن المؤسسات المالية الكبيرة والبنوك وعن مصادر الأموال السرية لبعض الدول، مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وبهذه المعلومات يتم ابتزاز وتهديد المسئولين الكبار والعسكريين ذات الصلة بهذه الأموال السرية لمعرفة معلومات وأسرار منهم. 
 
ويستخدم قراصنة "سونجون" من كوريا الشمالية فيروسات إلكترونية قوية يصعب مقاومتها، مثل فيروس "وان كرو" الذي يستطيع اختراق وشل عمل أي برامج كمبيوتر لأي دولة، حتى البرامج العسكرية، ومن هنا تأتي قوة كوريا الشمالية وتهديدات زعيمها وشعبيته، ويزداد الخوف والرعب منه داخلياً وخارجياً.
 
وفي نشاطهم في القرصنة يتميز هاكرز "سونجون"  بقدراتهم الفائقة على الاختفاء والسرية وعدم القدرة على اكتشافهم أو متابعتهم، هذا إلى جانب قدراتهم على حماية منظومة الكمبيوتر في كوريا الشمالية نفسها بإعداد أقوى برامج الحماية ضد الفيروسات لها. 
 
وقد كتبت صحيفة الغارديان البريطانية تقول أن "محاولات الأمريكيين الهجوم على برنامج كوريا الشمالية النووي باستخدام فيروس "ستوكسنت" قد باءت كلها بالفشل، بفضل برامج الحماية. 
 
وكتبت المجلة الأمريكية "بيزنس إنسايدر" تقول أن تقارير استخباراتية كشفت عن ممارسة القراصنة الكوريين الشماليين لنشاطهم من فندق "تشيلبوسان" في مدينة شنغهاي الصينية. 
 
وتقول مصادر من شركة "ريكوردر فيوتشر" المتخصصة في أمن المعلومات، أن قراصنة الكمبيوتر من كوريا الشمالية يعملون من مناطق في شمال الهند وماليزيا ونيوزلندا ونيبال وكينيا وموزمبيق وأندونيسيا، كما يقومون بعمليات تحمل أسماء وعناوين من روسيا والصين، مما يجعل اتهامات الدول تتوجه إلى موسكو وبكين بالاختراقات الإلكترونية. 
 
ويرى خبراء أنه من الصعب قياس حجم عمل قراصنة الكمبيوتر من كوريا الشمالية، ولا توجد معلومات كافية حولهم لدى دول الغرب، ويقال أن هناك حوالي 17000 هاكرز من كوريا الشمالية، بينما تقدر صحيفة "نيويورك تايمز" عددهم بنحو 6000 هاكرز، معظمهم يعمل من خارج كوريا الشمالية.
 
لقد باتت عصابات القرصنة الإلكترونية من كوريا الشمالية تشكل خطراً عالمياً واقعياً لكل دول العالم، وكل الجهات تؤكد على نمو وتطور نشاطات هذه العصابات باستمرار، في الوقت الذي تغيب فيه الجهود الحقيقية لمواجهتهم ومكافحتهم، وكما يقول الخبير الأمريكي في وزارة الداخلية والأمن الأمريكية "روبرت سيلفرس" أن العالم مشغول بالبرنامج النووي والصواريخ لدى كوريا الشمالية، بينما بيونغ يانغ تضرب ضرباتها القوية والمؤثرة للولايات المتحدة من خلال الاختراقات الإلكترونية، وبدون استخدام صواريخ نووية. 
ويقول خبراء شركة "MCAFEE" المتخصصة في أمن المعلومات أن الهاكرز من كوريا الشمالية كانوا مستعدين لإفساد الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية في حالة رفض سيؤول التقارب التفاهم مع بيونغ يانغ. 
 
الآن العالم يتساءل، ماذا يعد جيش هاكرز "سونجون"؟ وذلك رغم الحديث عن التقارب بين الكوريتين وعن لقاء زعيم كوريا الشمالية المرتقب مع الرئيس الأمريكي ترامب.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق