صحة المصريين في البورصة

الثلاثاء، 03 أبريل 2018 12:46 م
صحة المصريين في البورصة
حسين عثمان يكتب:

الصحة إحدى أهم المقومات الأساسية لنهضة أى دولة، ومع ذلك ملف الصحة لم يشغل بعد مساحة أولوية الضرورة التي يستحقها على جدول أعمال الدولة المصرية، ولا أعتبر قانون التأمين الصحى الشامل الصادر مؤخراً إنجازاً فى هذا السياق، فمثل هذه القوانين تصدر فى الدول المتقدمة لصالح المواطن فى المقام الأول، والمواطن لا يزال آخر من يستفيد من صدور أى قانون في مصر، ولو أن فلسفة القانون قامت على مد مظلة التأمين الصحى لتغطى جموع المواطنين، مقابل اشتراكات تتناسب مع مختلف مستويات الدخل المُتَرَدية، ومع توافر كافة الخدمات الصحية اللازمة بمستشفيات الدولة، لكان أهلاً به وسهلاً، ولكن القانون صدر في وادٍ في حين يعلو صراخ المواطن من الألم في وادٍ آخر بعيد.

فحين تقرأ ديباجة القانون، تجد فلسفته تقوم على تقديم الخدمة من خلال التعاقد مع المستشفيات، ولأن أحوال مستشفيات الدولة على اختلاف تبعياتها متردية إلى أبعد الحدود، فإن فرص مستشفيات القطاع الخاص هنا تكون هى الأقوى، وتكتمل حلقات المعاناة بزيادة أعباء العلاج على المواطنين بزيادة حصص الاشتراكات مقارنة بالمدفوعة حالياً، وإضافة نسب مئوية أخرى متفاوتة كرسوم على خدمات التشخيص والعلاج، وحين تُلقى نظرة على أحوال مستشفيات القطاع الخاص فى مصر، وخاصة الكبيرة منها القادرة بمواردها على مواكبة توابع تفعيل القانون من خدمات، تجدها جميعاً قد فقدت الجنسية المصرية خلال السنوات الخمس الأخيرة، واندمجت فى كيانات متعددة الجنسيات أصبحت دولاً داخل الدولة.

وهى كذلك لأنها شركات ضخمة قابضة، لا يزيد عددها على خمس مؤسسات حتى الآن، استحوذت ولا تزال، على عدد كبير من المستشفيات والمراكز الطبية فى القاهرة والمحافظات، هو احتكار بكل معنى الكلمة، وقانون التأمين الصحى الشامل الجديد لن يُزيدَها إلا ثِقَلَاً ونفوذاً، وجميعها شركات مساهمة، أسهمها مطروحة فى البورصة، وفى متناول أصحاب الأموال على اختلاف جنسياتهم، وتاريخ هذه الكيانات حين تعود إليه فى الخارج، تجده لا يشتهر إلا بالاستثمار قصير الأجل، على طريقة "اخطف واجرى"، تشترى بملايين، وتجدد الشكل الخارجى بملاليم، وتُضاعِف الأسعار، وتربح ملايين مضاعفة، وفى السياق تزيد أسعار أسهمها فى البورصة، فتخرج من السوق فى الوقت المناسب بمليارات.

الصحة من أهم مقومات الأمن القومى، وصحة المصريين فى البورصة، ومع ذلك الملف مهمل من الجميع إهمالاً يصل إلى حد الجريمة، حتى من مختلف وسائل الإعلام، اللاهثة فى مجموعها وراء خواء شبكات التواصل الاجتماعى، فما يحدث فى سوق الرعاية الصحية فى مصر على خطورته، لم يظهر إعلامياً إلا على استحياء، وأغلب الظن أن الدافع كان الضغط مقابل الحصول على إعلانات، الأمر جد خطير، ويستحق حملة ممنهجة يتكاتف فيها الجميع، ولابد من الإنصات إلى المتخصصين فى ملف الصحة بكل تعقيداته، فالعودة إلى المرجعيات العلمية فى مثل هذه الأمور أقصر الطرق لمواجهة الكارثة، ولكن متى عُدنا إلى المرجعيات العلمية فى القضايا المصيرية؟!.           

      

        

           

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق