يهوذا.. كبيرهم الذى علمهم الخيانة وباع «المسيح»

الأحد، 08 أبريل 2018 08:00 ص
يهوذا.. كبيرهم الذى علمهم الخيانة وباع «المسيح»
يهوذا -المسيح
السيد عبد الفتاح

كثيرون دخلوا التاريخ بأعمالهم وتضحياتهم ونضالهم وخدماتهم للبشرية وإبداعاتهم، وكثيرون أيضًا أبوا أن يدخلوا التاريخ إلا من أحقر أبوابه، وخلدهم التاريخ بحروف مكتوبة بمزيج من الخسة والحقارة والدناءة، بسبب ما اقترفوه من أعمال وضيعة ووحشية وخيانة، وخيانة هذه جرّت الكثيرين إلى أن تلاحقهم اللعنات على مر العصور والأجيال، وفى هذا المجال تنافس المتنافسون إلا أن كبيرهم الذى علمهم الخيانة كان هو «يهوذا الأسخريوطى» ذلك الخائن الذى باع سيده وسيدنا جميعًا، السيد المسيح عليه السلام.
 
«يهوذا» هو أحد التلاميذ الاثنى عشر لسيدنا المسيح عليه السلام، ويسمى أيضا بيهوذا سمعان الأسخريوطى، ومع أن اسمه يعنى «الحمد» بالعبرية، فإنه لم يكن له من اسمه نصيب، بل إنه تمرد على هذا الاسم والوصف واختار لنفسه عامدًا متعمدًا وعن سبق اصرار وترصد، أن يحمل لقب الخائن ويذكر اسمه مصحوبًا بوصف لا يزول أو ينمحى.
 
وبحسب الأناجيل فإن يهوذا الاسخريوطى، هو التلميذ الذى خان السيد المسيح وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة فضة، وعلى الرغم من أنه بعد ذلك ندم على فعلته ورد المال لليهود وذهب وقتل نفسه، إلا أن ندمه لم ينفعه ولم يمسح ما علق به من قذارة.
 
يهوذا كان يهوديًا، وبالتالى فإنه اليهودى الوحيد من بين تلاميذ السيد المسيح، وربما لهذا لم يكن غريبًا أن يقوم هو بتسليم السيد المسيح لليهود بعد ذلك.
 
الكثير من الجوانب الدرامية تحيط بشخصية هذا الـ «يهوذا»، جعلته يمثل لغزًا عند الكثيرين.
 
وكما كتب عنه القمص عبدالمسيح بسيط، فإن السيد المسيح كان يعلم مسبقًا منذ أن اختار «يهوذا الاسخريوطى» أنه هو الذى سيسلمه: «أجابهم يسوع أليس أنى أنا اخترتكم الاثنى عشر وواحد منكم شيطان قال عن يهوذا سمعان الإسخريوطى. لأن هذا كان مزمعا أن يسلمه» (يو6: 70و71). وذلك بناء على علم الرب وتدبيره السابق « لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم « (رو8: 29).
 
ويضيف بسيط: كما يصفه الكتاب بأنه كان « مزمعًا أن يسلم الرب»، بل وكان سارقًا للصندوق: «فأخذت مريم منا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمى يسوع ومسحت قدميه بشعرها. فامتلأ البيت من رائحة الطيب. فقال واحد من تلاميذه وهو يهوذا سمعان الاسخريوطى المزمع أن يسلمه لماذا لم يبع هذا الطيب بثلاث مائة دينار ويعط للفقراء. قال هذا ليس لأنه كان يبالى بالفقراء بل لأنه كان سارقًا وكان الصندوق عنده وكان يحمل ما يلقى فيه» (يو12: 4-6).
 
وأنه تآمر مع رؤساء الكهنة وباع لهم المسيح: «حينئذ ذهب واحد من الاثنى عشر الذى يدعى يهوذا الإسخريوطى إلى رؤساء الكهنة» (مت26: 14). « ليسلمه إليهم» (مر14: 10). وأثناء العشاء كشف عنه الرب يقصد المسيح بشكل غير مباشر لكل التلاميذ، وحذره التحذير الأخير بأنه، المسيح، سيسلم ويصلب سواء قام هو بتسليمه أم لا، فهذا هو ما حتمته المشورة الإلهية وما هو مكتوب فى كتب الأنبياء، كما حذره من المصير الذى ينتظره فى حالة قيامه بتسليم الرب وخيانته له: «وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحدًا منكم يسلمنى. فحزنوا جدًا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يا رب. فأجاب وقال. الذى يغمس يده معى فى الصحفة هو يسلمنى. أن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذى به يسلم ابن الإنسان. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد» (مت26: 22-24).
 
ثم يقول الكتاب: «فدخل الشيطان فى يهوذا الذى يدعى الاسخريوطى وهو من جملة الاثنى عشر» (لو22: 3). « فحين كان العشاء وقد ألقى الشيطان فى قلب يهوذا سمعان الأسخريوطى أن يسلمه.. لما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم إن واحدا منكم سيسلمنى. فكان التلاميذ ينظرون بعضهم إلى بعض وهم محتارون فى من قال عنه. وكان متكئا فى حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه. فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذى قال عنه. فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو. أجاب يسوع هو ذاك الذى اغمس أنا اللقمة وأعطيه. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطى. فبعد اللقمة دخله الشيطان. فقال له يسوع ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة فذاك لما اخذ اللقمة خرج للوقت. وكان ليلا. فلما خرج قال يسوع الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه (يو13: 2و22-31).
 
يواصل بسيط فيقول: «هذا ما ذكره الكتاب عنه. وهنا يتبين لنا شخصيته الشريرة التى كان يعلمها الرب قبل اختياره، بل وبعلمه السابق، ولكن يبدو أنه انضم للمسيح كيهودى مخلص كان ينتظر المسيح المنتظر ولكن شخصيته بدأت تتطور بتطور الأحداث ومن خلال علاقته بالمسيح وأفكاره الخاصة كيهودى غيور على أمته ومستقبلها حتى وصل إلى الدرجة الحرجة الكافية لأن تدفعه أن يقوم بما عمله. ويبدو أن دوافعه الشخصية كانت تغلب عليه كثيرًا فقد» كان أمينًا للصندوق، إلا أنه تجاهل تحذيرات الرب يسوع المسيح من الطمع والرياء (مت 6: 20، لو 12: 1 - 3)، واستغل الأموال لحسابه ولتغطية جشعه، وتظاهر بالغيرة على الصندوق.
 
وبعد أن قبض على الرب يسوع المسيح ندم، وبدأ يشعر بالذنب، وفى يأسه المتزايد بسبب طرد رؤساء الكهنة والشيوخ له، «طرح الفضة فى الهيكل وانصرف، ثم مضى وخنق نفسه» (مت27: 5)، واشترى رؤساء الكهنة بالفضة حقل الفخارى الذى سمى فيما بعد «حقل الدم» فتحققت نبوءة زكريا (11: 12 - 14).

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة