دروس مستفادة من الإسراء والمعراج
الجمعة، 13 أبريل 2018 03:14 م
ونحن في شهر رجب لا يفوتنا ذكرى تلك الرحلة العظيمة التي لم ولن تتكرر أبدا إلى قيام الساعة، إنها رحلة الإسراء والمعراج حيث أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من في ليلة واحدة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماء في رحلة هي أعظم رحلة عرفها تاريخ البشرية على الإطلاق حتى وإن اختلف العلماء في تحديد وقتها.
وإذا كنا نعلم تفاصيل تلك الرحلة من خلال العلماء وكتب السيرة وما دار فيها من معجزات مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإننا بحاجة لنقف مع تلك الرحلة نتعلم منها دروسا عظيمة ما أحوج المجتمع لها اليوم.
وأول هذه الدروس معرفة أن أعلى وأسمى الألقاب التي يمكن أن يحصل عليها الإنسان في حياته ويخلد بها بعد مماته هو لقب (عبد) أي أن تكون عبدا لله تعالى، فمقام العبودية هو أعظم المقامات التي شرف الله تعالى بها أعظم الخلق وهو محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال تعالى:( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا).
وثاني هذه الدروس أن تتيقن في معنى قول الله تعالى:( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، فبالرغم من كل الظروف التي مرت على النبي صلى الله عليه وسلم من قسوة أهله وقومه عليه ومطاردة أهل الطائف له وكم الأذى الذي تعرض له وموت خديجة رضي الله عنها ووفاة عمه الذي كان سندا وحماية له، إلا أن الله تعالى أكرمه بتلك الرحلة العظيمة وشرفه بالوقوف بسدرة المنتهى، لنتعلم أن الله لا ينسى أولياؤه وأحباؤه.
ومن الدروس أيضا أن نتعلم حقيقة التوكل على الله وأنها تحتاج إلى الأخذ بالأسباب وإلا تحولت تواكل وكسل، فالله تعالى بالرغم من قدرته على أن يقول للشيء كن فيكون إلى أنه سخر للنبي صلى الله عليه وسلم البراق لينقله، وقام بربطه في الصخرة بالرغم أنه مأمور بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه الأخذ بالأسباب، فالمجتمع يحتاج أن يأخذ بالأسباب ويعمل ويجتهد ويترك النتائج على الله تعالى.
ومن الدروس أيضا بيان منزلة الصلاة وأهميتها وقيمتها وحرص النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته في سؤاله بتخفيف الصلاة حيث أنها خمس في العمل وخمسون في الأجر.
ومن أعظم الدروس أيضا بيان المعنى الحقيقي للصداقة، فقد استحق أبو بكر رضي الله عنه الصديق بجدارة، فحينما جاءه أهل مكة يسخرون ويشككون في رحلة الإسراء والمعراج فما كان منه إلا أن قال: لإن قال ذلك فقد صدق، وأخبرهم أنه يصدقه في أبعد من ذلك في خبر السماء غدوة وروحة، فهذا هو المعنى الحقيقي للصداقة واحترامها والحفاظ عليها، وكما قيل:(جزى الله الشدائد كل خير*عرفت بها عدوي من صديقي).
والدرس الأهم هو معرفة قيمة وقدر مصر التي ذكرت في تلك الرحلة ورأى النبي نيلها في الجنة ورأى ماشطة بنت فرعون وما حدث معها وأن الايمان كان يملأ مصر كما كان هناك فرعون وظلمه، وكذلك مكانة وقدر المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني الحرمين، ولابد أن نربي أنفسنا وأبناؤنا على أنه جزء لا يتجزأ من المقدسات الإسلامية، وأنه أمانة في أعناقنا لا ينبغي أن نفرط فيها، نسأل الله أن يعجل بتحريره وتخليصه اللهم آمين.