قصة منتصف الليل.. عذرية تائهة يا ولاد الحلال

الثلاثاء، 17 أبريل 2018 08:00 م
قصة منتصف الليل.. عذرية تائهة يا ولاد الحلال
اسراء الشرباصي

بدأ «هشام» يفتح عينيه ليبدأ يوم جديد لا يميز بين ليله وضحاه وسط ظلام غرفته، التى أبى أن يدخلها شعاع الشمس أو يفتح نافذتها خوفا من رؤية أحد له، فمر أمام المرآة فتخيل وجود شخص آخر بغرفته فتلفت يمينا ويسارا ولم يجد أحدا، فنظر إلى مرآته ليجد الشخص الآخر متمثلا فيه، فلم يعرف نفسه فى الوهلة الأولى، فلحيته التى اعتاد حلاقتها أوشكت أن تصل إلى صدره، ووجهه الأسود الذى عكس ما بداخله من حزن واكتئاب بين كسرات وجهه.
 
وجلس ليمسك بهاتفه الصغير يتصفح حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى، والتى اكتفى بها كوسيلة لمعرفة ما يدور حوله، ليجد رسالة من والدته بها مجموعة من صور الفتيات مقترنة بنبذة معلوماتية عن صاحبة كل صورة، فدقق النظر فى الصور وملامح مَن بها ولكنه كان يرى فى كل صورة زوجته الأولى التى لم تغب ملامحها عن عينيه منذ طلاقهما بعد عدة أيام من ليلة العُرس.
 
صدمته فى زوجته ليلة الدخلة بأنها ليست عذراء جعلته يفقد صوابه ويطردها خارج المنزل فى ليلة الدخلة مرتدية قميص النوم، فلم يخش عليها لأنها لم تحافظ على عذريتها قبل زواجها، فلم يكن لديها ما تخشى عليه أو تهابه وبعد عدة أيام أنهى إجراءات الطلاق دون أن يستمع لها أو يعاتبها.
 
ورغم الموقف الأليم الذى تعرض له من زيجته الأولى إلا أن والدته تسعى جاهدة لتراه زوجا وأبا لأسرة هادئة، وتعرض له يوميا مجموعة من صور الفتيات ولكنه لا يستطيع النظر إليهن، فكلما نظر لفتاة تذكر زوجته ليعود إلى الأجواء الكئيبة التى سيطرت عليه من وقتها.
وبعد دقائق طرقت والدته باب الغرفة طالبة الدخول للحديث معه، فدخلت وجلست بجواره لتقنعه بأن يرى الفتيات ويحاول مسح زوجته الأولى من ذاكرته، فوافق «هشام» على طلب والدته مشترطا عليها أن يطلب من أى فتاة يقرر خطبتها أن تجرى كشف العذرية بوجوده معها فى المستشفى خوفا من وقوعه فى الفخ ثانية.
 
وفى اليوم التالى بدأ يقابل الفتيات واحدة تلو الأخرى وعندما شعر بالرضا تجاه أحدهن طلب منها كشف العذرية قبل زيارته لمنزل أسرتها، ولكنها رفضت بشدة وصرخت فى وجهه معتبرة حديثه إهانة لشرفها، وظل يبحث بين الفتيات عن الموافقة لخضوع كشف العذرية، وبعد عدة أيام جمعته أمه بفتاة تمتلك من الجمال والرقة ما يكفيه للتفكير بالارتباط بها، فتحدث إليها وقص عليها تفاصيل زواجه الأول لتتأكد أن طلبه فى كشف العذرية ليس إهانة له بقدر ما هو شعور داخلى لديه بخوفه من خوض تجربة مماثلة لتجربته الأولى.
 
وافقت الفتاة بسهولة وبعد عدة أيام توجها إلى الطبيب لإجراء كشف العذرية وأكد على سلامة غشاء البكارة، ففرح «هشام» وأسرع فى تجهيز متطلبات العُرس للزواج من العذراء الجميلة، واحتفل الأهل والأصدقاء بليلة عُرسه، وفى ليلة الدخلة خرج من غرفة نومه يصرخ من شدة فرحته بفضه عشاء بكارة زوجته المصونة.
 
وفى اليوم التالى استقبل العروسان التهانى من الكافة ورفيقة العروسة كانت من أول المقبلين على المنزل لتقديم التهنئة، وتركهما «هشام» يتحدثان سويا بمفردهما ثم اقترب ليخرج إليهما فسمع صديقتها تقول مهللة «يعنى الصينى طلع أصلى» لتكمم العروسة فم صديقته خوفا من أن يسمعها زوجها وهو ما أثار تعجبه.
 
لم يظهر «هشام» اهتمامه بحديث الصديقة وانتظر خروجها ودخول زوجته للاستحمام وأمسك هاتفها ليقرأ الدردشة الدائرة بينها وبين رفيقتها، ليفاجأ باتفاقهما على استعمال غشاء بكارة صينى قبل كشف العذرية لإخفاء علاقتها الجنسية السابقة وبدء حياة زوجية تخبئ فيها ما ارتكبته طوال السنوات الماضية، ليجد نفسه مجرد شخص مغفل استطاعت فتاة تغفيله بغشاء صناعى ليوافق على الزواج بها، واستمع إلى دقات باب المنزل فأسرع لفتحه ونظر يمينا ويسارا ولكنه لم يجد سوى ظرف ملقى أمام الباب ففتحه ليشاهد ما بداخله ليجد خطابا من زوجته الأولى تهنئه فيه على عُرسه، وتؤكد له أنه إذا استمع إليها ليلة الدخلة وأعطاها فرصة لإجراء الكشف الطبى لمعرفة سبب عدم تمزيق غشاء البكارة ربما لم يصل بهما الحال إلى ذلك.
 
واقترن خطابها بتقرير من طبيب يؤكد نوع غشاء البكارة لزوجته السابقة وأنه من النوع المطاطى ولا يسهل فضه سوى لدى طبيب مختص، ليجد نفسه ظلم العذراء وتزوج بالزانية فى رحلة بحثه عن العلامة الوهمية للعذرية، فخرج من المنزل دون أن يدرى بعدم استبداله لملابسه وتوجه إلى زوجته الأولى ليقدم لها الاعتذار ويطلب منها السماح والعودة إلى عش الزوجة على أن يطلق الزانية التى تزوجها، وهو الطلب الذى رفضته بشدة، مؤكدة أن حفل زفافها الأسبوع المقبل من شاب لم يهتم بزواجها من قبل أو عذريتها من عدمه ما دام لم ير منها سوى الخلق الحميد.
 
فخرج ليسير فى الشوارع باحثا عن مخرج، لتأخذه قدماه إلى المأذون الذى حرر عقد قرانه بزوجته الثانية، ليقرر تطليقها دون إعلان أسباب ويعود ثانية لعزلته بغرفته المظلمة، مقررا ألا يخرج منها إلا وحاملا فى ذهنه وقلبه شخصية أخرى بتفكير مختلف، وألا يعود للتفكير فى الزواج مرة ثالثة إلا إذا كان عاشقا لزوجته أيا كان ماضيها الذى سيمحهو الحب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة