يا حقل التجارب يا لحم السورى

الثلاثاء، 17 أبريل 2018 12:49 م
يا حقل التجارب يا لحم السورى
حمدى عبدالرحيم يكتب:

قديمًا صرخ شاعر العرب وفلسطين محمود درويش: «يا حقل التجارب للصناعات الخفيفة والثقيلة يا لحم الفلسطينى»، ومن رحمته تعالى أن درويش قد رحل قبل أن يصرخ: «يا لحم العراقى، يا لحم اليمنى، يا لحم الليبى، يا لحم السورى»، ومن لُطفه تعالى بدرويش أنه لم يترك القوس مفتوحًا أو لم يغلقه قائلًا: «يا لحم العربى فى كل زمان ومكان».
 
ليلة الاثنين على الثلاثاء تربعت نيكى هيلى مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أمام كاميرات العالم، وقالت وهى تتحلى ببرود دم القتلة المحترفين: «إن بلادى سترد على أى هجوم مميت بأسلحة كيماوية فى سوريا سواء قام مجلس الأمن الدولى بتحرك أم لا». 
 
لم يفت السيدة نيكى أن تزيح متدللة خصلة من شعرها الأسود تدلت على عينيها وأن تتسع ابتسامتها بينما أضواء الكاميرات تلمع على وجهها.
كأن السيدة نيكى كانت ترى بؤس جلستى ومعى مئات ملايين العرب من «المحيط إلى الجحيم ومن الجحيم إلى الخليج» وتخرج لنا لسانها ساخرة من كل جرحنا.
 
قبل تصريح السيدة وفى أثنائه وبعده كانت وحوش الإعلام الغربى ومعه إعلام بعض الدول العربية والإسلامية تشن غارات قاسية جدا على دمشق الشام، كانت الوحوش تفترس الحقائق وتمهد الأرض لما هو قادم.
 
نظرت لنفسى وأنا أتمتم: لقد أصبحت عجوزا ولكن ذاكرتى ما زالت تعمل، هذا طفل يقولون إنه سورى ويقولون إنه قُصف بالكيماوى، وهذه شابة يقولون إنها سورية تمسح وجه الطفل بالماء، هذه أرض يقولون إنها سورية، هذا مشهد يقولون إنه سورى، أين الحقيقة فى كل ذلك؟ 
ذاكرتى التى لم تسقط بعد فى الشيخوخة، تنشط وتأتى من قاعها بصورة طائر غريب كان يحاول تخليص نفسه من بركة زيت أسود ثقيل.
 
كان الطائر مسكينًا، كان الطائر أبيض قبل أن يعلق فى بركة الزيت الأسود، كان صوت المعلق حزينًا على الطائر المسكين، كان المعلق يهيّج العالم ضد صدام حسين الذى أغرق الطائر الأبيض المسكين فى بركة الزيت الأسود.
 
ثم دمرت أمريكا وحلفاؤها العراق ثم قالوا: إن صورة الطائر كانت مخترعة لتمهيد مسرح العمليات.

متى يقولون إن الطفل السورى مخترع من مخترعاتهم؟
نعم نحن مسرح عمليات، نعم نحن ميدان رماية لا أكثر ولا أقل، لحمنا حقل تجارب للصواريخ والقاذفات والدبابات والطائرات.
 
إيران أصبحت قريبة من الجولان المحتلة، تل أبيب ترفض أدنى وجود لإيران، تركيا تمرح فى الأرض السورية، عرب سوريا وأكرادها يرفضون الوجود التركى، روسيا ترسخ نفوذها وتبسط سيطرتها على السماء السورية، أمريكا وبريطانيا وفرنسا تحارب الوجود الروسى، داعش وأخواتها بنادق للإيجار، بنادق عمياء لا تعرف سوى الضيق بل الحقير من مصالحها، أين الطفل السورى من كل هذا الجنون؟
قبل أن أغادر موقعى أمام شاشة التليفزيون رحت أراجع بيانات الهوية السورية.
الاسم: الجمهورية العربية السورية.
العاصمة: دمشق.
المساحة: 185180 كيلومترا مربعا تقريبًا.
عدد السكان: 23270000 نسمة تقريبًا.
رحت أردد البيانات بصوت مرتفع لكى ترسخ فى عقلى وقلبى، فمَن يدرى كيف ستصبح تلك البديهيات عندما ينتهى تجهيز مسرح العمليات.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق