تشويه الشعراوى

الأربعاء، 02 مايو 2018 03:22 م
تشويه الشعراوى
صبرى الديب

لا أدرى السبب وراء الهجمة الشرسة التي تستهدف إمام الدعاة الشيخ "محمد متولي الشعراوى" بين الحين والأخر، رغم مرور ما يقرب من 20 عاما على وفاته، ووجود شبه إجماع من العالم الإسلامي، على أنه كان الأقدر بين كل علماء المسلمين على وئد طوفان الفتن التي تحيط بنا هذه الأيام، والتي لا يعلم إلى أين ستذهب بنا إلا الله.
 
ولعل ما يدعو إلى الاستغراب هنا، أن الإصرار على تشويه الرجل وصل إلى حد وصفه في كتاب جامعي بـ "الدجال"على الرغم من أن تاريخه يؤكد أنه لعب دورًا كبيرًا في النهوض بالإسلام الوسطى في العالم، وأنه طاف العالم من أقصاه إلى أقصاه، وألقى مئات المحاضرات عن الإسلام وسماحته في أماكن لم ولن تتاح لعالم غيره، وعلم الجميع بالدور المحوري الذي لعبه في تجنيب البلاد كثيرا من الفتن، خاصة عندما اندلعت الأحداث الشهيرة بين الدولة، والجماعات الإسلامية، في الثمانينات من القرن الماضي، والتي أمطرت فيها الجماعات الإسلامية والجهادية مصر بعشرات الإنفجارات والقتل والاغتيالات، فقام حينها بجمع علماء مصر وتبنى ما عرف بـ "بيان العلماء".
 
ولعل المؤسف في الأمر، أن يتعرض "الشعراوى" لمثل هذه الهجمة بعد مرور كل هذه السنوات، على الرغم من وجود شبه إجماع من علماء المسلمين على انه كان سابقا لعصره، وكأنه كان يتوقع بما يقول، ما كان سيحدث بعد وفاته، بدليل المقتطفات التى بثتها الفضائيات من حديثة عن "الثائر الحق" بعد أيام قليلة من قيام ثورة 25 يناير 2011، وكأنه كان يخاطب الثوار في كل ميادين مصر ويطلب منهم الهدوء، والتفرغ لبناء البلاد بعد ثورتهم، ومقولته الشهيرة عن "مصر وفضلها على العالم" عقب ثورة 30 يونيه، وعودة الإرهاب ليطل بوجهه القبيح على البلاد .
 
ولا أدرى كيف يصل حجم التطاول على "إمام الدعاء" إلى هذا الحد، على الرغم من مواقفه الشهير من الرئيس السادات، عندما سب"الشيخ المحلاوي" إمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، في خطاب له على الهواء، قائلا :" أهو مرمى في السجن زى الكلب" فقام الشعراوى بإرسال برقية للرئيس قال فيها:" سيادة الرئيس.. يجب أن تعلم إن الأزهر لا يخرّج كلابا ولكنه يخرّج علماء أفاضل ودعاة أمجاد".
 
وموقفه أيضا من الرئيس الأسبق مبارك، عندما التقاه مع مجموعة من رجال الأزهر، عقب محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها في أديس أبابا، وذلك في إطار هوجة نفاق حشدت لها الدولة، ووقف الرجل كعادته رافضا النفاق وقال لمبارك:" أنا لن أنافقك وأنا أقف على عتبة دنياي.. إن كنت قدرنا نسأل الله أن يعيننا عليك.. وإن كنا نحن قدرك نسأل الله أن يعينك علينا".
 
وكيف لم هاجمون "الشعراوى" أن ينسوا أنه كان الفضل فى إنشاء "البنوك الإسلامية" في مصر، عندما أصدر خلال تولية وزارة الأوقاف، قرارا بإنشاء "بنك فيصل" كأول بنك إسلامي في مصر، وعلى الرغم أن هذا ليس من اختصاصاته، إلا أن مجلس الشعب وافق على قراره تقديرا لقيمته الدينية، وخرج البنك بالفعل إلى النور  في عام 1977 .
 
أؤكد أن مواقف الشعراوى وتاريخه وسيرته العطرة تذكية، ولكن يبدو أن من يهاجمونه يجهلون تاريخه، وكان يكفيهم مجرد البحث فقط عن أسماء عشرات المؤلفات والتحف الإسلامية التي أثرى  بها الرجل المكتبة الإسلامية بفكرة الوسطى المستنير، أو حتى الاستماع إلى خواطره الإيمانية، التي غيرت كثيرا من المفاهيم في تفسير القران الكريم.
 
رحمة الله على "إمام الدعاة" وغفر لمن يتعمدون تشويهه لجهلهم بتاريخه
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق