أزمة «تحديد النسل» تعود.. وزير الأوقاف يجيزها.. والسلفيون :«الأرزاق بيد الله»

الخميس، 03 مايو 2018 04:00 ص
أزمة «تحديد النسل» تعود.. وزير الأوقاف يجيزها.. والسلفيون :«الأرزاق بيد الله»
كتب:حسن الخطيب

 
لم تكد تختفي حتى عادت من جديد أزمة "تحديد النسل"، وموقف الشريعة الإسلامية منها، لتثير الخلاف من بين مؤيد ورافض لتلك الفكرة، وبين قبول المجتمع المصري لها وإمكانية تطبيقها، وبين عدم قبوله لها وتطبيقها.
 
 البداية عندما أعلن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إقامته لندوة بحزب "الوفد"، الإسبوع الماضي، عن أن الشريعة الإسلامية جاءت واضحة فيما يخص تحديد النسل، فالكثير يعرف حديثا واحدا وهو حديث "تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة".
 
ولفت الوزير في حديثه حول شرعنة تحديد النسل، إلى أن هناك حديثا آخر يقول "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت".
 
وأشار وزير الأوقاف في معرض حديثه، إلى أن القصد من الكثرة في الدول التي لا يوجد بها سكان، لكن في حال الدول التي لديها عدد سكان كثيرة وتؤدي الزيادة الخلل في عدد المدارس في هذه الحالة تنظيم الأسرة واجب، فالزيادة في هذه الحالة كغثاء السيل.
 
وأفتى وزير الأوقاف، خلال الندوة قائلا: أن تنظيم النسل واجب فى ظل الظروف الاقتصادية التى تعيش فيها مصر، ولكنه ليس من الناحية الدينية، فمن الممكن ان يتغير الحال بالنسبة لتنظيم النسل بعد 50 عاما، طبقا لظروف الزمان خلال هذه الفترة وتتعدل الظروف المعيشية.
 
الأزمة التي أثارها تصريحات وزير الأوقاف، لم تكن على الصعيد الاجتماعي والعلمي، حيث كانت الأزمة من وجهة نظر سلفية، فبعد تصريحات جمعة، عن تحديد النسل، قام الداعة السلفي الشيخ سامح عبدالحميد، بالرد على الوزير في بيان له، قال فيه: أن تحديد النسل قضية محسومة لدى الامة ومعروف حكمها.
وأوضح الداعية السلفي، بأن تحديد النسل خوفا من ضيق الرزق لا يجوز، لأن الرزق بيد الله عز وجل، وهو الذي قدر الآجال والأرزاق، وما من مولود يولد إلا وقد قدر له رزقه كما قدر له أجله.
 
وأضاف عبد الحميد في رده على وزير الأوقاف، قائلا: إن زيادة النسل ليست سببا في الفقر، فأكبر دولة في عدد السكان وهي الصين، من أغنى دول العالم، وعدد سكانها تجاوز المليار نسمة، ورغم ذلك فالصين في رخاء اقتصادي، وهناك دول كثيرة في أفريقيا فقيرة جدا، رغم أن تعداد سكانها قليل، فالفقر والغنى ليس بسبب عدد السكان، أو بسبب زيادة النسل.
 
فلم تكن قضية "تحديد النسل"، قضية حديثة المناقشة، فقد كان للعلماء آراء متعددة حولها، فمنهم من يرى جوازها، ومن من يرى بحرمتها، وقد رصدت "صوت الأمة" فتوى سابقة للشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية الأسبق، أكد خلالها على أن منع النسل أو تحديده يتنافى مع مقاصد النكاح، ولا يباح شرعا، إلا للضرورة وعند وجود عذر يقتضيه، كالخوف على حياة الأم إن هى حملت، مؤكدا على أن خوف الفقر وكثرة الأولاد وتزايد السكان ليست من الأعذار المبيحة لمنع النسل أو تحديده.
 
واستدل الشيخ حسن مأمون بتلك الفتوى بما جاء فى القرآن الكريم، قوله تعالى "وفى السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"،  وقوله تعالى أيضا "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم"، وبهذا علم الجواب عن السؤال وأن تحديد النسل خوف الفقر غير جائز، وهذا لا ينافى أن هناك ضرورات خاصة بالمرأة تجيز منع الحمل، ولكل حالة حكمها الخاص.
 
لكن وفي ظل تلك الظروف، والتي يمر بها العالم العربي والإسلامي، وعملا بمقتضيات الأمور والمستحدثات العصرية، فقد أفتى الدكتور شوقي علام مفتى الديار المصرية، بأن تحديد النسل جائز شرعا، وإنه يجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة تناسب ظروفهما، ولا ينطبق على هذه الوسائل التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق لأنهم لم يتكونوا بعد.
 
 
وأكد المفتى فى فتواه بخصوص تلك القضي، بأن رأى الدين يدعو دائما للتوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدى كثرة السكان إلى الفقر، كما استنبط الإمام الشافعى ذلك من قوله عز وجل "فإن خفتم ألا تعدلوا"، مبينا أن دار الإفتاء استقرت فى فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعا، وهذه المنظومة التى نسير عليها متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس الفقر ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.
 
ولفت إلى أن إضاعة المرء لمن يعول ليس فقط بعدم الإنفاق المادى بل يكون أيضا بالإهمال فى التربية الخُلقية والدينية والاجتماعية، فالواجب على الآباء أن يحسنوا تربية أبنائهم دينيًّا، وجسميًّا، وعلميًّا، وخُلُقيًّا، ويوفروا لهم ما هم فى حاجة إليه من عناية مادية ومعنوية.
 
ونبه المفتى على خطورة الاعتقاد بضرورة التكاثر من غير قوة مشيرًا إلى أن ذلك داخل فى الكثرة غير المطلوبة التى هى كغثاء السيل، مشيرا إلى أن تنظيم النسل لا تأبه نصوص الشريعة وقواعدها قياسًا على العزل، الذى كان معمولًا به فى عهد الرسول، ويجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لهم الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى فى ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التى تقر بها أعين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.
 
وشدد المفتي بأن دار الإفتاء لا تجيز الإجهاض بأى حال من الأحوال بعد نفخ الروح فى الجنين إلا بمبرر مشروع، وهو التقرير الطبى المحذر من خطورة بقاء الجنين على صحة الأم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق