المواجهة الإيرانية القادمة مع «الشيطان الأكبر».. من ينتصر هذه المرة؟

الإثنين، 14 مايو 2018 03:15 م
المواجهة الإيرانية القادمة مع «الشيطان الأكبر».. من ينتصر هذه المرة؟
عادل السنهورى يكتب:

الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يمارس نوعا من الكوميديا السياسية، ولكنها من نوع الكوميديا السوداء التى تبعث على الكآبة ولا تثير الضحك أبدا.. ترامب ألغى الاتفاق النووى مع إيران والتى اعترفت به الأمم المتحدة وشهدت عليه الدول الأوروبية الكبرى.

فى الوقت الذى فاجأ فيه العالم باستعداده للقاء رئيس كوريا الشمالية العدو التاريخى اللدود لواشنطن والتى تمتلك بلاده ترسانة نووية ضخمة هددت بها أمريكا حتى وقت قريب.

الرئيس الأمريكى أطاح بما تبقى من مصداقية فى بلاده لدى الدول الأخرى، فمن يأمن أن يعقد اتفاقا أو معاهدة مع واشنطن فى وجود ترامب، وهل يصدقه فى تنفيذ الاتفاقية أو المعاهدة.. الذهنية المصرية الساخرة شبهت ترامب بشخصية مصرية شهيرة يعرفها الجميع، فهو يتعامل فى السياسة بالأداء ذاته لتلك الشخصية المصرية فى مجال آخر.
 
على الجانب الآخر فإن ترامب يواجه عدوا ليس سهلا ويتميز بالدهاء والبراجماتية فى السياسة الخارجية، ومستعد أن يتعامل مع الشيطان من أجل مصالحه.. إيران ليست بالدولة السهلة واستطاعت أن تكسب معاركها الدولية فى مواجهة واشنطن وآخرها الاتفاق النووى مع الإدارة الأمريكية السابقة. 
الجميع ينتظر رد الفعل الإيرانى تجاه إعلان ترامب بإلغاء الاتفاق النووى. 
 
حتى الآن لم يصدر رد فعل قوى ومتشدد من طهران على الرغم من التصريحات القوية التى صدرت من قادة إيران، مع تلميح ترامب بنيته فى إلغاء الاتفاق، فقد هددت على لسان أكثر من مسئول، وكان آخرهم مستشار المرشد للعلاقات الدولية على أكبر ولايتى، بأنها سوف تنسحب بدورها فى حالة إقدام الإدارة الأمريكية على تبنى تلك الخطوة، إلا أنها صامتة الآن وربما يطول هذا الصمت لأسابيع أو لأيام قليلة، قبل أن تتخذ قرارها.
 
فهل تتعجل إيران الرد؟ أظن أن السوابق التاريخية تؤكد أن إيران لديها سياسة براجماتية مهولة فى التعامل مع القضايا الخارجية وتدرس أى قرار قبل اتخاذه.
فما هو المتاح أمام طهران فى مواجهة ترامب؟
ربما تراهن إيران على الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق، علاوة على روسيا والصين للضغط على ترامب والحد من تداعيات قراره، 
فالرئيس الإيرانى وجّه فى كلمته عقب قرار ترامب عدة رسائل غير صدامية مع واشنطن، منها طمأنة الشعب الإيرانى على أن الوضع الاقتصادى الداخلى لن يتأثر بشكل كبير بتداعيات الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، وقال إن الحكومة قادرة على تحقيق الاستقرار فى الأسواق.
 
«روحانى» تجاهل تفاقم أزمة انهيار العملة الوطنية، حيث وصل الدولار إلى نحو 7200 تومان «72 ألف ريال إيرانى» فى السوق السوداء، بسبب تزايد إقبال الإيرانيين على شراء الدولار استعدادًا للظروف الصعبة التى توقعوا أن تمر بها إيران حتى قبل أن يعلن ترامب عن قراره الأخير.
 رسالة أخرى أراد روحانى بثها للإيرانيين من أجل الحفاظ على الإنجاز الوحيد الذى حققته حكومته على مدار السنوات الخمس الأخيرة وهو الاتفاق النووى، وأشار إلى ضرورة فصل المسارين الأوروبى والأمريكى، وهى خطوة يمكن تفسيرها فى أن روحانى يحاول فى الوقت الحالى الترويج إلى إمكانية استكمال العمل بالاتفاق النووى مع الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مع روسيا والصين، خاصة أن التعاون الاقتصادى والاستثمارات تميل نحو الدول الأوروبية وروسيا.
 
لكن إيران تعرف جيدا كيفية ممارسة توزيع الأدوار أمام العالم، فقد انتقد الحرس الثورى روحانى، واتهمه بإهانة الشعب، وشكك رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة اللواء محمد باقرى فى جدوى الاتفاق النووى، مؤكدا أنه «لم يحقق طموحات الشعب من البداية»، فيما قال القائد العام للجيش اللواء عبدالرحيم الموسوى أن «أكبر سيئة فى الاتفاق النووى أنه أضفى الشرعية على التفاوض مع الولايات المتحدة»، وهو ما يعكس تصاعد الاتجاه المناهض لسياسات روحانى فى الداخل على ضوء القرارات الأخيرة التى اتخذها الرئيس ترامب.
 
هذه هى لعبة إيران.. ثورة فى الداخل وهدوء وبراجماتية فى الخارج حسب توزيع الأدوار.
 
المعركة هذه المرة ليست سهلة مع رئيس أمريكى، ليست له تضاريس سياسية واضحة، فهل تنتصر إيران بالسياسة البراجماتية التقليدية لها مع الخارج؟
الأنظار بالتأكيد متعلقة بالمرشد العام على خامئنى، الآن، والكل فى انتظار موقفه الذى ستتوقف عليه أمور كثيرة، ويحدد شكل المواجهة مع واشنطن «الشيطان الأكبر». 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق