قصة منتصف الليل.. الندلة والمغفل

الثلاثاء، 15 مايو 2018 08:00 م
قصة منتصف الليل.. الندلة والمغفل
أحمد سامي

 
ما أسهل الحديث عن التضحية عندما تكن مطلوبة من الأخرين، فالإنسان الأناني يعتمد على من حوله لتحقيق رغباته دون أن يكلف نفسه عناء التفكير في الألم الذي يتعرضوا له، فأصحاب مرض الأنانية يعيشون دائما على سلب طاقة ممن حولهم.
 
«سمير» كان مثال للتضحية بكل ما يملك من أجل إرضاء زوجته والعمل على سعادتها مهما كان يكلفه الأمر، فقد عم الحب قلبه وأغلق عينيه عن حقيقتها، وظلت على مدى 4 سنوات، تستنزفه حتى أخر قطرة دماء، وعندما انتهت، قررت إلقاءه في غياهب الجُب.
 
تزوج «سمير» من «نوال» بعد قصة حب كبيرة، فهي زميلته بالعمل، في أحدى شركات المواد الغذائية، ورغم أنها كانت مطلقة، إلا أنها جميلة وحسناء، ولم يتعدى عمرها الـ 25 عاما، وتدقن الإقاع بفريستها تحت قدميها، وكيف توقف معجبيها عند حدودهم، وتجيد رسم الشخصية الهادئة حسنة الخلق، فلا يمكن لأحد أن يتهمها بشئ رغم أنها تفعل كل شئ.
 
وضعت نوال نصب عينها،الإيقاع بسمير، رئيسها في العمل، الذي يمتلك من الأموال ما يساعدها على تحقيق أحلامها، وبالحب وحده تتمكن من الحصول على ما تصبوا إليه، وبالفعل تمكنت من قلبه حتى غرق فى حبها بكل قوته، فقد فاقت أحلامه بكثير.
 
بعدما تأكدت نوال من سيطرتها على سمير، تلبيته لكافة مطالبها مهما كلفه الأمر، وافقت على عقد قرانهم والزواج بعد شهور من التمنع والدلال، ويتخيل أنه سيكون أسعد إنسان في الحياة.
 
في حفل زفاف كبير، حرصت نوال أن تكون فيه ملكة متوجة، وأن يتحدث الجميع عن جمالها ورقة فستانها الأبيض، دون النظر إلى ما تكبده الزوج من أموال، وبعد انصراف المعازيم والأهل، طارا الزوجين لقضاء شهر العسل في إحدى الدول الأوربية، ولم تترك غرضا لم تشتريه حتي أنفق خلال الرحلة ما يزيد عن المليون جنيه، مقابل ملابس ومجوهرات لزوجته.
 
منذ اليوم الأول، أصرت على أن تحضر خادمة تعاونها في المنزل، فلا طاقة لها بالخدمة وحتى تحافظ على مظهرها وجمالها لزوجها، وتظل مهتمة بنفسها أمام عينه، فلم يتردد الزوج في تلبية رغبتها، لتستمر سلسلة طلبات لا تنتهي، فهي لا تعرف سوى شراء الملابس الباهظة وأدوات التجميل والذهاب للكوافير مرتين أسبوعيا، فتقبل الزوج الأمر في بدايته على مضض، متعللا أنها تتجمل له هو في النهاية، لكن مع تطور الأمر، اصبحت الميزانية لا تتحمل تصرفاتها وأعبائها المادية.
 
دلع الزوجة هو نقطة ضعف سمير، فلم يكن يقوى على رفض طلباتها مهما كانت خسائره، فطلبت منه شراء سيارة لها، حتى لاتطر لانتظاره اثناء زهابها للكوافير وغيرها من مواعيد، فاختارت سيارة أحدث موديل، وطلبت منه أن يضع لها مبلغ من المال في البنك، لتتمكن من الإنفاق على نفسها اثناء غيابه.
 
بدأ سمير يفكر في أمر الإنجاب، ولماذا تأخر كل هذه الفترة، فصارحته نوال بعدم رغبتها في الإنجاب مبكرا، وأنها تريد أن يستمتعا سويا بحياتهما دون أن يزعجهم الأطفال خلال الفترات التي تجعمهم، وأن يكون كل اهتمامها به وحده، ورغم منطقها الشاذ، إلا أنه وافق على تأخيرهم للحمل والإنجاب.
 
ظلت الزوجة في دلالها وإنفاقها ببزخ، حتي فرغت خزينه زوجها، وبدأ في الاستدانة دون سداد، لتتراكم عليه الديون، وبدأ يعمل طوال فترة النهار للإنفاق على متطلبات زوجته الدلوعة، وعندما شعر بثق الحمل عليه، صارحها بمديونياته، وتوقيعه على شيكات بدون رصيد، وأنه عليها تخفيف نفقاتها، إلا أنها رفضت ظروفه وهددته بتركها المنزل، وهو الذي لا يطيق فراقها، فبدأ في البحث عن عمل أخر أو وسيلة لسداد ديونه، حتى عرض عليه زميله بيع كليته مقابل مبلغ مالي كبير، الأمر الذي رفضه في البداية، فصحته هي رأس ماله المتبقي ولن يضيعها، وبعد عدة أشهر أصبح مهددا بالسجن لعدم الوفاء بالديون، ورفضت الزوجة منحه الأموال الموجودة برصيدها قائلة: «أنت عايزني أشحت لما تتسجن.. دي فلوس مش هفرط فيها».
 
وأمام قوة الأزمات التي أحاطت به، قرر الزوج التخلي عن كليته من أجل سداد جزء من الديون، ليخرج من العملية منهك القوى ضعيف البنيان، لتعلم الزوجة بفعلته، وبدلا من مساندته في مأساته، قررت التوجه لمحكمة الأسرة لتقديم دعوى طلاق للضرر، وتركته وحيدا مشردا يتسول قوت يومه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق