سعد زغلول وطه حسين.. حين انتصر المثقف على السياسي أمام القانون

الإثنين، 18 يونيو 2018 12:00 ص
سعد زغلول وطه حسين.. حين انتصر المثقف على السياسي أمام القانون
طه حسين- عميد الأدب العربي
كتب- وجدي الكومي

 

شهدت مصر منذ عقود معركة قضائية سجلت دفاتر المحكمة أوراقها، وانتصرت فيها العدالة لعميد الأدب العربي طه حسين، في مثل هذا اليوم السابع عشر من يونيو عام 1924، ضد السياسي الكبير سعد زغلول.

يحكي الكاتب مصطفى عبد الغني الواقعة في كتابه «طه حسين وثورة يوليو» الواقعة بقوله: «نستطيع أن نحدد العلاقة بين طه حسين وسعد زغلول، في الفترة الواقعة بين عامي 1919، و1925، ففي هذه الفترة كان طه حسين قد عاد من السوربون، بعد بعثته الدراسية 1919، وقدر له أن يشارك في أحداث الثورة لكن في معسكر حزب الأحرار الدستوريين، وهو الحزب الذي كان قد خرج على حزب الوفد، الأغلبية، إبان الثورة».

كانت الأوضاع السياسية في مصر العشرينيات ملتهبة للدرجة التي مهدت لوقوع هذه المواجهة الساخنة بين طه حسين عميد الأدب العربي المثقف، والسياسي سعد زغلول بطل ثورة 1919، المحمول فوق الأعناق، العائد من المنفى منتصرا، وأخيرا المتربع على عرش رئاسة الوزراء بعد مواجهة ساخنة على أقوى منافسيه عدلي يكن وعبد العزيز فهمي.

ارتفع صوت المعارضة الذي مثله الأحرار الدستوريين، ضد حكومة الوفد، التي يجلس على قمتها زعيم الأمة سعد زغلول، ولأن طه حسين كان أبرز كتاب الحزب المعارض لحكومة سعد زغلول، لم يتردد في نقد الوزارة القائمة، هي وزارة سعد، ووصل هذا الهجوم قمته عام 1924، وما كتبه طه حسين ضد سعد زغلول في هذه الآونة، ما يورده مصطفى عبد الغني في كتابه، ففي مقال لطه حسين بعنوان «ويل للحرية من سعد» كتب: كان سعد محاربا لأمته، فأصبح الآن محاربا للحرية من حيث هي حرية، وأصبح الآن محاربا لكل هذا النصر الحديث.

كان طه حسين أستاذا جامعيا، لكن هذا لم يجعله يتراجع عن نقد سعد زغلول الذي رآه انفرد بالسلطة، وصار كما يصفه طه حسين: «وكيل الأمة في كل شيء»، يقول عميد الأدب العربي في جزء آخر من المقال: «أيتها الأمة المصرية. طيبي نفسا، وقري عينا. اهدئي واطمئني، فقد قيض الله لك رجلا يريحك في كل شيء. لا تطالبي بالاستقلال فسعد يطالب به، لا تعشقي الحرية فسعد يعشقها، لا تؤمني بالله فسعد يؤمن به، ولا تقرئي الصحف فسعد يقرأها».

في النصف الثاني من عام 1924، طالب سعد زغلول بشكل رسمي من النائب العام التحقيق مع صاحب هذه المقالات بتهمة إهانة رئيس الوزراء، وفي السابع عشر من يونيو عام 1924، افتتح المحضر بسطور تقول: بناء على استدعاء رئيس النيابة، لطه حسين، وُجه إليه اتهام (إهانة حضرة صاحب الدولة) والاتهام موجه بالطبع من سعد زغلول.

ويسأل المحقق طه حسين: علمت النيابة أنك ممن يكتبون في جريدة السياسة، ولك فيها مقالات بإنشائك وإملائك، فهل هذا صحيح؟ وعلى مدى ساعات يلقى المحقق على طه حسين أسئلة عديدة، لكن عميد الأدب العربي يرفض الإجابة، مستعينا بصبر طويل، على محاولات المحقق من النيل منه، وحينما تفشل النيابة في حصار طه حسين، تخلي سبيله، وتطلب من سكرتير الجامعة المصرية أن يأخذ عليه إقرارا بعدم الكتابة في الموضوعات السياسية.

نجح طه حسين أن يفلت من انتقام سعد زغلول، وتحديه، بل والنيل منه، ويشهد العامان التاليان، أحداثا أخرى، إذ تندلع أزمة كتاب «في الشعر الجاهلي»، قبلها استقال عبد العزيز فهمي من رئاسة حزب الأحرار الدستوريين عام 1926، واستقال أحمد زيور رئيس الوزارة، وشهدت مصر انتخابات عام 1926، وتشكلت وزارة ائتلافية من الوفديين والأحرار الدستوريين برئاسة عدلي يكن أول رئيس لحزب الأحرار الدستوريين، ورفض المندوب السامي أن يتسلم سعد زغلول رئاسة الوزارة، فاختير رئيسا للمجلس النيابي، وفي الأثناء شهدت مصر أزمة كتاب «الشعر الجاهلي» التي أججت ضده ثورة علماء الأزهر.

اشتعلت المناقشة في المجلس النيابي بين رئيسه سعد زغلول، ورئيس الوزراء عدلي يكن، ولما تدخل وزيرا المعارف على الشمس، ووزير العدل أحمد زكي أبو السعود، وكلاهما من حزب الوفد، غضب سعد زغلول، وغادر المجلس.

وفي اليوم التالي أصر سعد زغلول على حق المجلس النيابي في مراقبة وتوجيه الحكومة، على حين بقى عدلي يكن يرفض هذا المبدأ، وترك قضية طه حسين بين يدي وزير المعارف.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق