جهود شعبية ورسمية وأزمة الثأر عرض مستمر.. هل تغلق الدولة حنفية الدم في الصعيد؟

الأربعاء، 27 يونيو 2018 10:00 م
جهود شعبية ورسمية وأزمة الثأر عرض مستمر.. هل تغلق الدولة حنفية الدم في الصعيد؟
خصومة ثأرية
محمد فرج أبو العلا

حوادث القتل بدوافع ثأرية ما زال قائمة في صعيد مصر حتى الآن، وفي مناطق أخرى على مستوى الجمهورية، إذ جرت العادة على أن كل من يُقتل لا بد من أن يُؤخذ بثأره عن طريق قتل شخص من الطرف الآخر، وأن الاعتداء على حياة شخص يعتبر اعتداء على عائلته، كما أن عائلة المتهم بالكامل تكون مسؤولة عن اعتدائه، ولتلك الجريمة أسبابها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتترتب عليها كثير من المشكلات التي تعوق جهود الدولة من أجل تنمية وحفظ الأمن والأمان بين المواطنين.

1

في سبيل تحجيم الظاهرة المميتة التي توارثتها الأجيال منذ غيابات القرون الأولى، تبذل الدولة جهودا مضنية من خلال مؤسساتها المختلفة، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ورموز كبار العائلات، ومشايخ وعواقل القبائل في قرى ونجوع مصر، إضافة لدور لجان المصالحات، من أجل حقن دماء المصريين، وإنهاء الخلافات الثأرية التي قد تطول لسنوات، ويسقط بسببها عشرات القتلى، وتخلف آثارا سلبية كثيرة تنهك المجتمع فكريا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، وتعوق جهود التنمية والتقدم نحو مستقبل أفضل خالٍ من التعصب والجهل، وتزيد من معدلات الجريمة المرتطبة بحمل السلاح.

وشهدت محافظات مصر على مدار الشهور الماضية عددًا كبيرًا من جلسات الصلح العرفية التى تم تنظيمها، لإنهاء خصومات ثأرية بين العائلات، حيث تم أمس إنهاء خصومة ثأرية بين أبناء عمومة من عائلة العسارات "آل عبد العظيم على"، و"آل عبد الرحمن الدسوقى"، بقرية أصفون المطاعنة فى إسنا جنوب الأقصر، بعد عامين من الخلافات بينهما إثر قتل إحدى السيدات من العائلة الأولى على يد أحد الأشخاص من العائلة الثانية، وحضر مراسم الصلح قيادات أمنية وكنسية إلى جانب رجال لجنة المصالحات والأهالى، وبتقديم "القودة" أو الكفن، بدأت مرحلة جديدة من التفرغ للتنمية وبناء المجتمع، حيث شددت القيادات الأمنية على ضرورة الصلح لمواجهة أعداء الدولة الذين يتربصون بأمن واستقرار البلاد.

3

وفى أسيوط تمكنت الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع لجنة المصالحات خلال شهر يونيو الجارى، من عقد جلسة صلح بين عائلتى "الريسية" و"المغاربة" وإنهاء خصومة ثأرية يعود تاريخها إلى عام 2002 وراح ضحيتها 10 أشخاص من الطرفين، وفى إطار مبادرة "سوهاج خالية من الثأر"، شهدت قرية الجلاوية بمركز ساقلتة إنهاء خصومة ثأرية منذ 2014 بين "بيت مدكور" و"بيت السيد"، والناجم عنها مقتل "محمد ف ع" ينتمى للطرف الثانى، و"محمد ا ص" ينتمى للطرف الأول، كما تم الصلح بين 3 عائلات هى "عدس وبرعى وعباس" بمركز سوهاج، والناجم عنها مقتل "خيرى ا ب"، و"مدنى خ ا"، و"نعيمة م ع"، و"التونى خ ا" ينتمون لبيت برعى، واتهم فى مقتلهم "البيومى ح م"، و"السيد ح م" ينتميان لبيت عدس.

وفى هذا الإطار، تبذل الدولة ممثلة فى وزارة الداخلية، جهودا كبيرة من أجل حقن الدماء، وفرض هيبة الدولة وتطبيق القانون، وبسط الأمن فى جميع أنحاء البلاد، وتظهر تلك الجهود فى جميع الاتجاهات سواء بضبط أطراف الخصومات الثأرية، أو من خلال حملات نزع الأسلحة غير المرخصة من الصعيد، وكذلك إحباط الكثير من صفقات بيع السلاح أو تهريبه بين المحافظات أو من الخارج، إلى جانب حملات تطهير البؤر الإجرامية على مستوى الجمهورية، حيث تمكن قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية مؤخرا من السيطرة على معظم البؤر الإجرامية بالجمهورية، وضبط أعدادا كبيرة جدا من الأسلحة المتنوعة التى يمتلكها أطراف الخصومات بالمحافظات.

4

وحول دور الدولة فى القضاء على الخصومات الثأرية، أكد مدير أمن المنيا، أنه يتم التواصل مع أطراف الخصومات وبعض رموز العائلات، ويبذل رجال المباحث جهود طيبة للوصول لصيغة للتصالح، متابعا "نجحنا خلال 10 أشهر فى عقد نحو 70 جلسة صلح، وفى سبيلنا لإنهاء جميع الخصومات الثأرية لاحقا"، مؤكدا أن هناك استجابة من المواطنين لإقامة جلسات الصلح لوقف سلسال الدم، فيما أشار محافظ أسيوط إلى ضرورة تضافر الجهود والتنسيق بين كبار العائلات وأعضاء لجان المصالحات والأجهزة الأمنية، لسرعة إنهاء الخصومات بين العائلات، وضرورة مواجهة العنف والتطرف بالتسامح والتصالح، والقضاء على الموروثات والتقاليد الخاطئة.

جهود منظمات المجتمع ورموز العائلات وعواقل ومشايخ القبائل لا تقل أيضا عن دور الدولة فى إنهاء الخصومات ومن ثم القضاء على عادات وتقاليد توارثتها الأجيال فى عصور كانت مظلمة، ومن أجل النهوض بالدولة والتفرغ للتنمية والتقدم ومحاربة أعداء الوطن فى الداخل والخارج، فقد نظمت لجنة التحكيم والمصالحات العرفية بالمنيا، فى شهر رمضان الماضى، إفطارا جماعيا لأكثر من 300 شخص، يمثلون 35 عائلة تم التصالح بينها فى 17 خصومة ثأرية وقعت خلال السنوات الماضية تحت عنوان "إفطار السلام"، بحضور المحافظ وقيادات الأمن، وأعضاء مجلس نواب، ورجل أعمال، بالإضافة إلى ممثل عن كل قرية بالمحافظة، وكان ثلاثة من أطراف كل خصومة يجلسون على منضدة واحدة للتأكيد على نبذ العنف والكراهية والرضوخ لدولة القانون.

 

اقرأ أيضا:

حتى لا ننسى جرائم الإخوان.. شهداء الشرطة بـ«اقتحام مركز كرداسة» في سجلات التاريخ

بين الدين والقانون.. عقوبة طفل أشعل النار في جسد والدته بسبب خلع والده؟

احترس من النصابين.. كيف تواجه الدولة جريمة النصب بزعم تسفير الشباب للعمل بالخارج؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق