أبو ضيف شهيدًا.. الحسيني منّا يا آل البيت (بروفايل)

السبت، 30 يونيو 2018 04:00 م
أبو ضيف شهيدًا.. الحسيني منّا يا آل البيت (بروفايل)
الحسيني أبو ضيف
مصطفى الجمل

«هذه آخر تويتة قبل نزولي للدفاع عن الثورة بالتحرير، وإذا استشهدت لا أطلب منكم سوى إكمال الثورة»، كتبها الثائر الحق قبل أن يخطو بقدميه عتبات منزله متجهاً نحو قصر يسكنه طاغية مستبد يستقوي بجماعة غاشمة، تعاملت مع الوطن على أنه خلاصة حق، فبات ملكاً ليمينها تفعل به ما يحلو لها.

كتبها الصعيدي الحسيني أبو ضيف، وهو يضع على وجهه كمامته، وفي اليد كاميرته، ليتبعها بترديد الشهادة خشية أن تكون فرصتة الأخيرة، كان يعلم أن اليوم لن يمر غيره من أيام الثورة الممتدة من يناير 2011، فالإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي لتحصين قراراته ومجلس الشورى واللجنة التأسيسية لوضع الدستور من أي طعن أشعل النار في قلوب المصريين الذين باتت أوضاعهم تسير من سيء إلى أسوأ.

ما ظنه الحسيني وقع، الأعداد المشاركة في تظاهرة 5/12 ليست كبيرة بالشكل الذي يحميهم من بطش الإخوان، والسلاح لا حصر له بأيدي الإرهابيين، وسط عمليات الكر والفر أمام  قصر الاتحادية لا مانع للعجول المحتمية بالخرطوش والسيوف من أن يختلو كل خمس دقائق بثلاثة أربعة من المشاركين في المسيرة التي عرفت إعلامياً بـ«الاتحادية 1» ويقيموا عليهم الحد، إلا أن الشاب القادم من قلب الجنوب أبى ألا يستشهد إلا واقفاً كالنخيل المناطح السماء، كاشفاً الغطاء عن أقبح وجوه الجماعة الإرهابية في التعامل مع المصريين بصفة عامة، والصحفيين على وجه الخصوص.

لم يكن الحسيني أبو ضيف أول ولا آخر ضحايا آل البيت الصحفي، ولكنه قد يكون أشهرها، وأكثرها كشفاً لسبق إصرار وترصد أعضاء الجماعة بكل من يحاول فضحهم.

لماذا الحسيني أبو ضيف؟

الإجابة التي نسطرها في السطور المقبلة على الاستفهام أعلاه، نعلم أنها ليست جديدة على قارئنا العزيز ولا على أي متابع جيد لجرائم الجماعة الإرهابية، ولكنها ضرورية وحتمية في كل مرة نكتب فيها عن الشاب الذي دفع ثمن كشف تواطئ الرئيس المعزول مع ارهابيي جماعته غالياً، فقبل  أربع شهور من مسيرة الاتحادية 1، كتب الحسيني أبو ضيف تحقيقًا بعنوان «مستندات أكبر فضيحة في عائلة الرئيس»، كشف فيه قال إفراج الرئيس المعزول محمد مرسي عن محمود علي شقيق زوجته، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة الرشوة.

بعد فترة وجيزة من نشر هذا التحقيق، أبلغ الحسيني أبو ضيف شقيقه سالم وعددًا من زملائه بتعرضه للتهديدات على موقع «فيسبوك» من أشخاص وصفوا أنفسهم بأنهم مؤيدون لجماعة الإخوان.

كيف وقع البطل؟

كان بإمكان الحسيني أن يعود  بما التقطه من صور للتظاهرات والاشتباكات، قبل أن يصاب بخرطوش في يده، ليذهب إلى المستشفى الميداني ويتلقى العلاج، كان بإمكانه هنا أيضاً أن يعود إلى المنزل وكفى ما ناله من أذى، إلا أن قرر أن يعود ويكمل ما جاء لأجله، فالنصر بقصة صحفية كاملة أو الشهادة.

عاد «أبو ضيف» إلى حيث تجمع المتظاهرين بالقرب من الاتحادية، وبدأ يعرض المقاطع التي التقطها على زملائه ومتظاهرين آخرين.

فجأة سمع صديق قريب من البطل، صوت طنين أشد قوة من طنين النحل، ما أن ان التفت ليرى مصدر الصوت حتى فوجئ بالحسيني يخر كالجبل أثر تلقه رصاصة اخترقت رأسه، ليسقط على الأرض، فاقداً النطق والوعي.

الرصاص المحرم دولياً  

 تقرير الطب الشرعي الصادر في 22 فبراير 2013، أي بعد شهرين من الواقعة أكد أن أبو ضيف قتل جراء تلقيه رصاصة أطلقت من مسافة تزيد قليلاً عن متر واحد، غير محدد لنوع السلاح أو الرصاصة المستخدمة.

الدكتور فخرى صالح، كبير الأطباء الشرعيين ورئيس مصلحة الطب الشرعى الأسبق، عقب على تقرير الطب الشرعي بشأن مقتل الحسينى أبو ضيف، وقال إن القاتل  استهدف  مناطق تؤدى إلى القتل الفوري، منها منطقة أعلى الصدر والرأس، مؤكدًا أن عملية اغتيال الحسينى تمت من محترفين فى القتل برصاص محرم دوليًا، من نوع «دمدم» التي تهدف إلى الانشطار داخل الجسد عند الارتطام به لتقوي من تأثير وعمق الإصابة.

نقص الأدلة يقيد يد العدالة

قررت النيابة العامة بعد صدور تقرير الطب الشرعي، استدعاء ثلاثة شباب قياديين من جماعة الإخوان المسلمين، وهم أحمد سبيع، وعبد الرحمن عز، وأحمد المغير، وحققت معهم لمدة ست ساعات ثم أفرجت عنهم لنقص الأدلة، وفي أواخر مايو 2013، فتحت النيابة التحقيق مرة أخرى بضغط من الثوى الثورية، إلا أنها أقفلت التحقيق بعد شهر واحد فقط، محيلة  أحمد المغير إلى المحكمة بتهمة الاعتداء على المتظاهرين وعلاء حمزة، إلى المحكمة بتهمة تعذيب واحتجاز متظاهرين معارضين، وفي ابريل عام 2015، صدر الحكم الذي كان متوقعاً بسبب نقص الأدلة وهو براءة مرسي و12 متهم آخرين، من قتل الحسيني أبو ضيف.

بعبع الجماعة 

لم يكن الحكم ببراءة مرسي من قتل شهيد صاحبة الجلالة مرضياً لأي من ذويه ولا أصدقاءه، ولكن يظل الحسيني أبو ضيف واحدا منالأبطال الذين يثيرون القلق في نفوسهم وقلوبهم وقتما ذكر اسمه، وسيظل أبد الدهر سيف مسلط على رقابهم كلما حاولوا غسل سمعتهم وأيديهم من دماء المصريين. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق