النقابات.. وأسطورة اللي فات مات

الإثنين، 02 يوليو 2018 05:34 م
النقابات.. وأسطورة اللي فات مات
طلال رسلان

 
لن أخوض كثيرا بأزمة النقابات العمالية في مصر، فبسؤال بسيط لأحد أعضاء نقابة التجاريين ستضحك قليلا وتبكي كثيرا، عندما تعرف أن معاشه المقرر له 50 جنيها، نعم 50 هذا في حالة إن تحصل عليه من الأساس، لأنه متوقف فعليا منذ ثلاث سنوات حتى بلغ حجم المتأخرات على النقابة على ما أتذكر نحو 130 مليون جنيه.
 
ناهيك عن النقابات الأخرى التي ترفع شعار اللي فات مات؛ مثل الزراعيين التي مرت بفترة صعبة منذ عهد سيطرة جماعة  الإخوان على مجلسها واستمرارها نحو 28 شهرًا غير قادرة على صرف المعاشات لأعضائها ثم محاولة المجلس الحالى  للسيطرة على هذه الأزمة، من خلال سداد الدفعات الحديثة بانتظام، لحوالى 130 ألف عضو فوق سن الـ60 إضافة إلى 30  ألف معاش ورثة، في الوقت الذي تقدم فيه وزارة الزراعة 2 مليون جنيه دعم سنوي لنقابة الزراعيين، في حين أن الاشتراكات والخدمات تحقق دخلا 72 مليون جنيه فقط، وتحتاج النقابة إلى  200 مليون جنيه سنويا.
 
أما نقابتي المعلمين والتطبيقيين فحدث ولا حرج؛ الأولى من النقابات التى لا تحصل على أى دعم من وزارة المالية، وتعتمد على مكافآت الامتحانات، والاستثمار في أصول النقابة من نوادي ومستشفيات لسداد المبالغ المستحقة للثلاث دفعات من  المعاشات، وذلك بعد فك المجالس السابقة لكافة ودائع النقابة، فى الوقت الذي تسدد فيه 104 ملايين جنيه، كل 3 أشهر  للمعاشات لـ55 ألف معلم على المعاش وورثته، و الثانية في الإنعاش تخطى فيها عدد الأعضاء مليون شخص، ورغم ذلك  تحصل النقابة على دعم من وزارة المالية يقدر بـ 90 ألف جنيه سنويا، بمعدل 7 قروش، لكل عضو.
 
بعد صدور قانون النقابات الجديد ومساعٍيه لحل مشاكل العمال، انشغل رؤساء الاتحادات بالصراع على النفوذ بين النقابات الجديدة القوية تمثيليًا نسبيًا المستقلة عن اتحاد عمال مصر، وبين تلك التابعة له في منشآت وقطاعات بعينها، وهو الأمر الذي شهدناه بشكل أوضح في القطاعات الخدمية في القطاع العام والقطاع الحكومي، حيث التواجد الأقوى للنقابات الجديدة والمستقلة، وبقي وضع الأعضاء والعمال على ما هو عليه فقر وضغوط ومستقبل مرهون بموارد بائسة.
 
مما لا شك فيه أن الإجراءات الاقتصادية ضرورية لإحداث إصلاح هيكلي في الاقتصاد المصري، إلا أنها تكون دائما مصاحبة بتداعيات اجتماعية خاصة على الحركة العمالية، لا يمكن إغفالها وهذا يقع على عاتق رؤساء الاتحادات الجدد في خلق موارد أكثر دخلا وتحديد مسارات مع حكومة الدكتور مصطفى مدبولي تضمن دخلا ومعاشا وعيشة أكثر كرامة من ذي قبل.
 
في السنوات الماضية غاب دور رؤساء الاتحادات وغابت معهم الحقوق، أين هم من دورهم الحقيقي؟ المتمثل في رفع الرواتب وتحسين بيئة العمل ضمن اتفاقيات ومفاوضات مع أرباب العمل، معالجة المشاكل الفردية والاجتماعية لمواجهة تردي الأوضاع المعيشية للعمال وانخفاض قيمة الأجور في ظل تصاعد أسعار السلع والخدمات، ومضمان حق العمل واستمراريته والمشاركة في تطويره بتشجيع الاستثمار ومنح مزايا للمستثمرين وسن التشريعات التي تفتح الطريق أمام الاستثمار الجاد لفتح أسواق جديدة للعمل، زيادة مكتسبات العمال ووضع تشريعات تمنح لهم الحق في الحياة الكريمة، ورفع مستوى الوعي العمالي بإقرار وتنفي برامج تدريب وتأهيل مهني جادة، تحسين ظروف وموارد العمل وشرطه خاصة على مستوى الصحة والسلامة المهنية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق