مونديال 2018 انتصار سياسي لروسيا

الأحد، 08 يوليو 2018 02:00 م
 مونديال 2018 انتصار سياسي لروسيا
د. مغازي البدراوي يكتب:

 
بعيداً  عن التنافس على الفوز بالكأس ونتائج المباريات، وغيرها من الأخبار الرياضية، فإن مونديال 2018 بجميع المقاييس وبشهادة الجميع بلا استثناء، يعد انتصاراً سياسياً كبيراً لروسيا، حيث جاء في توقيت غير عادي وسط حملات غربية معادية لروسيا واتهامات وسيل من العقوبات، حتى أن البعض قرر أن يقاطع المونديال "سياسيا" وحث آخرين على ذلك، لكن لم يحدث شيء من ذلك، ولم يلاحظ أحد غياب أحد، بل تسابق كبار قادة الدول على حضور المباريات، سواء الافتتاحية أو غيرها، وهو أمر غير مسبوق، حيث اعتاد القادة والرؤساء على حضور المبارتين الافتتاحية والنهائية فقط، ونجحت روسيا باستعداداتها الهائلة والجبارة في استضافة وجذب الملايين من المشجعين من مختلف أنحاء العالم، واستطاعت بنجاح غير عادي إعداد  إحدى عشرة مدينة من كبار مدنها لاستضافة المباريات والجماهير، كما استطاعت في زمن قياسي وبتكلفة عالية للغاية، بناء ثمانية ملاعب جديدة خصيصاً للمونديال، واستعدت بكم غير عادي من الفنادق، من جميع المستويات، لاستقبال الجمهور، وأعدت للجماهير كافة وسائل المواصلات الجوية والبرية لتنقلهم بين مدن المباريات التي تبتعد عن بعضها بآلاف الكيلومترات،  ولم تشكل هذه المسافات البعيدة أية مشاكل للجماهير التي استمتعت بمشاهدة أعرق وأكبر المدن الروسية ومعالمها، وأعدت روسيا كل الإمكانيات الإعلامية والفنية والرياضية على أحدث مستوى عالمي، كل هذه أشياء أبهرت العالم كله،  لكن ما زاد من الإبهار والروعة أشياء أخرى جذبت  اهتمام الكثيرين وباتت حديث العالم كله، على رأسها "الأمن"، فقد شهد مونديال روسيا 2018 مستوى من الأمن غير عادي، ولم يكن يتوقعه الكثيرون، بل أن  منظمة "الفيفا" نفسها أقرت أن مستوى الأمن في المونديال في روسيا من أفضل ما شهد المونديال في تاريخه، هذا على الرغم من توقعات، وأيضاً تهديدات بعض الجهات، بحوادث إرهابية لإفساد  المونديال، وهذا أيضاً على الرغم من التساهل الغير مسبوق في روسيا للحصول على تأشيرة الدخول للأجانب الذين حصلوا عليها بسرعة بموجب اقتنائهم لبطاقة مباراة واحدة في المونديال، والبعض اندهش كثيراً من التساهل الروسي في منح الفيزة المعروفة بصعوبتها، وخشي البعض من تدفق إرهابيين ومجرمين وغيرهم ضمن الضيوف القادمين، لكن مستوى الأمن الذي شهده مونديال روسيا وصفه بعض الخبراء السياسيين بأنه انتصار كبير لروسيا في الحرب الباردة الجديدة التي تخوضها مع الغرب، وإلى جانب الأمن وضع الخبراء عوامل أخرى ميزت مونديال روسيا وجعلته أشبه بعرس عالمي جذب العالم كله، من هذه العوامل التي ذكرها الخبراء "الروح الروسية" والفعاليات والاحتفالات التي أقيمت على هامش المباريات في المدن المستضيفة، حيث فوجئ العالم بروح الشعب الروسي التي كانت تطمسها وتشوهها الدعاية السياسية المضادة في الحرب الباردة السابقة والحالية، والتي كانت تتعمد تصوير الروس بأنهم قوم فظون وعنيفون ولا يحبون الغرباء ولا يفهمون في الذوق والاتيكيت والكرم، حتى أن أحد كهنة اليمين المحافظ الأميركي جون ماكين المعروف بكراهيته لروسيا صرح للإعلاميين بأن "الإنسان الروسي شرير بطبعه"، لكن ما شاهده العالم في المونديال في شوارع المدن الروسية شعب أخر غير ما يتحدثون عنه، شعب يبتسم للغرباء بحب ومودة وترحاب فائق، وشاهد أجمل فتيات روسيا وشبابها يهرولون نحو الضيوف لمساعدتهم ومرافقتهم والمرح والرقص معهم في الشوارع والميادين، وعكس اختلاط الجمهور والزائرين بالشعب الروسي مدى الأمن والاطمئنان  الذي عكسه أيضاً الفعاليات والاحتفالات المكشوفة في الشوارع، خاصة الاحتفالات التي شهدتها الساحة الحمراء في موسكو، والتي حضرها الرئيس بوتين وضيوفه من القادة والمسئولين الدوليين، وكانت كلها في أماكن مكشوفة ومفتوحة للجمهور، ولم يعكر صفوها وروعتها أي حادث أمني من بعيد أو قريب. 
انهالت التهاني والإشادات لروسيا وللرئيس بوتين على النجاح المبهر للمونديال، وقال الرئيس الأميركي ترامب "أعتقد أن روسيا تنظم بشكل رائع بطولة كأس العالم. لقد قامت روسيا بعمل رائع من أجل تنظيمها. إنها بطولة مثيرة، حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يتابعون عادة كرة القدم".
الخبراء والمراقبون يرون أنه رغم المليارات التي أنفقتها روسيا للإعداد للمونديال على مدى الأعوام الماضية، إلا أنها ستجني أرباحاً كبيرة من نجاحها المبهر وستجذب الاستثمارات والسياحة من كل أنحاء العالم، وفوق كل هذا، المكاسب السياسية الكبيرة التي حققتها روسيا، والتي ستزيد من مستوى مكانتها على الساحة الدولية وستمنحها قوة ضد كل حملات الدعاية المضادة لها...

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق