ما وراء أزمة الثعابين في البحيرة.. إنتاج الأمصال يتراجع للثلثين

السبت، 14 يوليو 2018 10:00 ص
ما وراء أزمة الثعابين في البحيرة.. إنتاج الأمصال يتراجع للثلثين
ما وراء أزمة الثعابين في البحيرة
كتب ـــ محمد أبو النور

تعانى العديد من القرى والنجوع والعزب بالمحافظات المتصلة بالظهير الصحراوى وكذلك القريبة منه والزراعية خلال فصل الصيف، وخاصة شهور يونيو ويوليو وأغسطس، من هجمات وانتشار كبير للثعابين والعقارب، وإصابة الأهالى الذين يعيشون فى هذه الأماكن بلدغاتها ،خلال موسم جنى المحاصيل والخضر والفاكهة ، وعلى وجه الخصوص العنب ، كما تؤدى كثافة الهيش والحشائش والغاب والبوص ، فى الترع والمصارف إلى استمرار هجوم هذه الزواحف على المناطق العمرانية القريبة منها ، بحثاً عن الغذاء أو هرباً من حرق وتدمير الأماكن التى تعيش وتستقر بها، فتبدأ هى الأخرى فى مغادرة مواطن الخطر إلى المناطق المأهولة بالسكان ،كما حدث منذ أيام بقرية منية السعيد مركز المحمودية محافظة البحيرة.

إحصاءات مرعبة

في قرية منية السعيد مركز المحمودية بمحافظة البحيرة، تعددت حالات الإصابة بلدغات الثعابين خلال عمل الشباب والفتيات في المزارع و الأراضي الزراعية، وهو ما أسفر عن 5 وفيات خلال العامين الأخيرين، وكان آخر هذه الوفيات «ص.س»، ١٨ عاماً، الذي توفى منذ أيام، عقب نقله للمستشفى العام بمركز المحمودية، لعدم وجود مصل مضاد للدغ الثعابين.

 
وفي قرية أبو منقار بمركز الفرافرة في الوادى الجديد، يعيش الأهالي ليالي وأيام الرعب خلال فصل الصيف الحار، وسط انتشار وتحرك العقارب والثعابين، وتعدد إصابة المواطنين بلدغاتها التي تكون ضعيفة في فصل الشتاء.
 
وتنخفض نسبة الإصابة خلال شهري يناير وفبراير من العام وقد تصل لدرجة الصفر، وعندما يدخل فصل الصيف تبدأ العقارب في الهرب من الحرارة ومعها هروبها وحركتها يبدأ خطرها في الانتشار، وخلال عام 2017 لم يتم تسجيل إصابات توجد في شهري يناير وفبراير.
 
بينما تصل في شهر مارس إلى 5 حالات، ثم إبريل 10 حالات، ومايو 19 حالة، ويونيو 36 حالة، حسب كلام الدكتور أحمد عمر، مدير الطب الوقائي بمديرية الشئون الصحية، والذي أكد في تصريح له على وجود وتوافر الأمصال بالمستشفيات والوحدات الصحية.

هدم الجحور والشقوق

RT_blue_scorpion_venom_sr_131101_4x3_992

العقارب تنتشر فى الصيف الحار

منذ 30 عاما أو يزيد، وقبل أن يتغول الامتداد العمرانى ، ويبتلع الحقول والزراعات والترع والمصارف ويلتهم حوالى مليون فداناً من المساحات الخضراء،كانت الثعابين والحيّات والعقارب تتواجد فى الغالب بجحور وشقوق بهذه الأراضى،وعلى حواف المجارى المائية ووسط الحشائش الكثيفة والهيش بالبحيرات والمصارف وحول الآبار المائية،علاوة على الأراضى الصحراوية،غير أنه بعد هذه الطفرة العمرانية والسكانية ،ضاقت الأرض على هذه الزواحف ومع ذلك ظلت بعيدة عن المناطق المأهولة ،مالم يهاجمها أو يعتدى عليها أحد أو يحدث شىء ما فى الأرض يقلق هدوئها وسكنها.

الحاوى أو الرفاعى

ويتواجد فى الأراضى المصرية بأرضها القديمة والصحراوية أكثر من 36 نوعا من الثعابين والحيات ،خلافاً لعشرات الأ نواع من العقارب،ومن الغريب ،أن الريف المصرى فى الوجهين، القبلى والبحرى ،كان يواجه لدغات الثعابين والعقارب ،قبل وجود الأمصال بالوحدات الصحية والمستشفيات أو قلتها ،عن طريق ما يسمى بـ "الحاوى" أو "الحواه" أو الرفاعية ،وهم أتباع الطريقة المشهورة بهذا الإسم ، والمُدربين على صيد الثعابين والحيات والسيطرة عليها ،حيث كان هؤلاء ــ خلال السنوات الماضية ــ وقت أن كانوا منتشرين فى القرى والمدن بكثرة ،يتلقون المصاب بلدغة الثعبان أو العقرب ،بشرط أن يكون أهل المصاب قد قاموا بربط ما بعد موضع الإصابة ربطاً مُحكماً ، حتى لا يسرى السُم لباقى أعضاء الجسم ، ثم يقوم الحاوى أو الرفاعى بشفط و مص موضع اللدغة أو السم بفمه ، ثم يلقى به فى الأرض ولا يبتلعه لعدة مرات ، حتى يطمئن أن عملية مص وشفط السم قد انتهت ، وبدأ يظهر الدم خالياً من السم ،وكان هؤلاء يقومون بجمع الثعابين وتوريدها أولاً بأول لهيئة المصل واللقاح وكليات العلوم ومراكز الأبحاث ،وبعد أن تناقص عددهم وكادوا أن ينقرضوا ،ويتحولوا هم وأبناؤهم إلى مهن أخرى،بدأت أعداد الثعابين وكميات السموم التى يتم توريدها تتناقص بنسبة كبيرة،تسببت فى تراجع إنتاج أمصال الثعابين والعقارب.

المعاناة فى الحصول على سُم الثعابين

امصال لدغات الثعبان (1)
 
سُم الثعبان 

فى مايو 2013 ، أعلن الدكتور نبيل الببلاوي ، وكان وقتها رئيساً مجلس إدارة هيئة المصل واللقاح أنه تم اعتماد أول ‏6‏ آلاف جرعة مصل مضاد للدغ الثعبان القاتل من الهيئة القومية للرقابة علي المستحضرات الحيوية‏،كما تم تجهيز تشغيلة لـ15 ألف جرعة جديدة ،وسوف يبدأ الانطلاق للتصدير،وأشار الببلاوي ــ وقتها ــ إلي أن احتياجات مصر2000 جرعة في الشهر خلال فترة الصيف, وهو ما يعني أن هناك مخزونا لـ3 أشهر, كما تم تصنيع15 ألف جرعة جديدة, وتلقينا كذلك طلبات تصدير إلي ليبيا وغرب إفريقيا وتركيا والعراق.

وفى أغسطس 2017 ، قال الدكتور محمود فؤاد، رئيس مركز الحق في الدواء، إن مصر تعاني حالياً من مشكلة نقص أمصال العقارب والثعابين، وأكد أن افتتاح أكبر مصنع أمصال في المنطقة ، والذى سيبلغ إنتاجه 13 مليون أمبول شهريا ، يبعث الأمل في حل أزمة نقص الأمصال والطعوم.

وأشار وقتها إلى إن افتتاح مصر لأكبر مصنع أمصال في المنطقة، هو بمثابة نقلة نوعية في صناعة الدواء المصري، ولفت إلى أن هذا المصنع يجعل مصر في وضع اَمن من الناحية الوقائية للأمراض،وهو ما أكدته وزارة الصحة بافتتاح أكبر مصنع في الشرق الأوسط لإنتاج الأمصال والتطعيمات الطبية بتكلفة 700 مليون جنيه، ويستهدف تغطية احتياجات السوق المصري بالكامل من هذه المستلزمات الطبية، وقالت الدكتورة هبة والي، رئيس الشركة القابضة للأمصال وقتها ، إن المصنع يستهدف إنتاج 13 نوعًا من الأمصال السائلة والجافة المنقذة للحياة كالأمصال المضادة للدغات الحيّات والثعابين والعقارب، كما يستهدف التصدير خاصة للدول الإفريقية.

 

أزمات فاكسيرا

Capture
 

فى فبراير 2018 كانت كل المؤشرات تؤكد على أن  أزمة نقص الأمصال مازالت مستمرة، وخاصة الأمصال الخاصة بلدغات العقارب والثعابين ،لا سيما فى محافظات الصعيد، ورغم امتلاك مصر للشركة المصرية لإنتاج الأمصال واللقاحات “فاكسيرا” وهى ثاني شركة تأسست على مستوى العالم، فإن الاهتمام تراجع حتى وصل الأمر إلى إنتاج “فاكسيرا” لحوالي 10% فقط من احتياجات السوق المحلي من الأمصال واللقاحات خلال السنوات العشر الأخيرة، وتدهورت أوضاع الشركة وتراكمت ديونها حتى بلغت 320 مليون جنيها ، ووفقا لتقارير الشركة يبلغ استخدام مصر لمصل الثعبان حوالى 30 ألف جرعة سنويا، ويصل استهلاك مصل العقرب إلى 250 ألف جرعة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق